يتعرض المسلمون اليوم لكثير من الشبهات التي يروجها أتباع فرقة الشيعة الضالة، وهي فرقة خارجة عن الإسلام الصحيح، بهدف تشويه الصحابة الكرام وطمس الحقائق التاريخية. من أبرز هذه الشبهات روايات تزوير تزويج فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، والتي يزعم بعضهم أنها تحتوي على أحداث غريبة أو مكذوبة، ويستدلون بها على ضعف الصحابة رضي الله عنهم. في هذا المقال، سنكشف ضعف هذه الروايات ونقلها عن رواة ضعفاء أو شيعة، كما سنبين كيف أن العلماء الثقات قد رفضوها جميعًا، لنوضح الحقيقة ونحمي التراث النقي للإسلام.
الشبهة:
جاء في المعجم الكبير للإمام الطبراني (ج22 ص408) أن يحيى بن يعلى الأسلمي روى عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ حديثًا طويلًا حول تزويج فاطمة لعلي رضي الله عنه، ووردت في هذا الحديث تفاصيل دقيقة للغاية، منها كيف باع علي درعه وفروسه، وكيف كان النبي ﷺ يضبط كل شيء بنفسه، ويستعمل القعب والماء والسرير والشرايط.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَ أبو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمْتَ مُنَاصَحَتِي وَقِدَمِي فِي الإِسْلامِ، وَإِنِّي وَإِنِّي، قَالَ: "وَمَا ذَلِكَ؟ " قَالَ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ، فَسَكَتَ عَنْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَرَجَعَ أبو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ، قَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى النَّبِيِّ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَقَالَ: مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ فَأَطْلُبُ مِثْلَ الَّذِي طَلَبْتَ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمْتَ مُنَاصَحَتِي وَقِدَمِي فِي الإِسْلامِ، وَإِنِّي وَإِنِّي، قَالَ: " وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَرَجَعَ عُمَرُ إِلَى أبي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ فِيهَا، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى نَأْمُرَهُ أن يَطْلُبَ مِثْلَ الَّذِي طَلَبْنَا، قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيَانِي وَأَنَا فِي سَبِيلٍ، فَقَالا: بِنْتُ عَمِّكَ تُخْطَبُ، فَنَبَّهَانِي لأَمْرٍ، فَقُمْتُ أَجُرُّ رِدَائِي طَرَفٌ عَلَى عَاتِقِي، وَطَرَفٌ آخَرُ فِي الأَرْضِ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ فَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمْتَ قِدَمِي فِي الإِسْلامِ وَمُنَاصَحَتِي، وَإِنِّي وَإِنِّي، قَالَ: " وَمَا ذَاكَ يَا عَلِيُّ؟ " قُلْتُ: تُزَوِّجُنِي فَاطِمَةَ، قَالَ: " وَمَا عِنْدَكَ "، قُلْتُ: فَرَسِي وَبُدْنِي، يَعْنِي دِرْعِي، قَالَ: " أَمَّا فَرَسُكَ، فَلا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، وَأَمَّا دِرْعُكَ فَبِعْهَا "، فَبِعْتُهَا بِأَرْبَعِ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ فَوَضَعْتُهَا فِي حِجْرِهِ، فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً، فَقَالَ: " يَا بِلالُ، ابْغِنَا بِهَا طِيبًا، وَمُرْهُمْ أن يُجَهِّزُوهَا، فَجَعَلَ لَهَا سَرِيرًا مُشَرَّطًا بِالشَّرِيطِ، وَوِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، وَمَلأَ الْبَيْتَ كَثِيبًا، يَعْنِي رَمْلا، وَقَالَ: " إِذَا أَتَتْكَ فَلا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى آتِيَكَ "، فَجَاءَتْ مَعَ أُمِّ أَيْمَنَ فَقَعَدَتْ فِي جَانِبٍ الْبَيْتِ، وَأَنَا فِي جَانِبٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ فَقَالَ: " هَهُنَا أَخِي "، فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: أَخُوكَ قَدْ زَوَّجْتَهُ بِنْتَكَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ فَقَالَ لِفَاطِمَةَ: " ائْتِينِي بِمَـاءٍ "، فَقَامَتْ إِلَى قَعْبٍ فِي الْبَيْتِ فَجَعَلَتْ فِيهِ مَاءً فَأَتَتْهُ بِهِ فَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: " قُومِي "، فَنَضَحَ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "، ثُمَّ قَالَ لَهَا: " أَدْبِرِي "، فَأَدْبَرَتْ فَنَضَحَ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "، ثُمَّ قَالَ: " ائْتِينِي بِمَـاءٍ "، فَعَمِلْتُ الَّذِي يُرِيدُهُ، فَمَلأْتُ الْقَعْبَ مَاءً فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِي وَبَيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهُ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "، ثُمَّ قَالَ: " ادْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ بِسْمِ اللَّهِ وَالْبَرَكَةِ")
كما ورد الحديث في كتب أخرى مثل:
◘ تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني (ص605). (تحقيق محمد عوامه) – دار الرشيد سوريا حلب - صفحة 605 7677 – يحي بن يعلى الاسلمي، الكوفـي، ضعيف شيعي، من التاسعة
◘ ميزان الاعتدال للذهبي (ج5 ص148-149). تحقيق(محمد رضوان عرقسوسي، عمار ريحاوي، غياث الحاج احمد، فادي الغربي) – الجزء الخامس -دار الرساله العالمية – صفحة 148 و 149
◘ يحيى بن يعلى [ ت ] الأسلمي القطواني. عن يونس بن خباب والأعمش. وعنه قتيبة وأبو هشام الرفاعي وجماعة. قال البخاري: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. ومن مناكير هذا: عن أبي فروة يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمنى على اليسرى. قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه فصدق. وأبو فروة أيضًا تالف.
◘ السلسلة الضعيفة والموضوعة للإمام الألباني (ج10 ص517).
رقم الحديث 4892 - من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني ضعيف.
أخرجه الحاكم (3/ 121) وابن عساكر (12/ 139/ 1) من طرق عن يحيى بن يعلى: حدثنا بسام الصيرفي عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن معاوية بن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر مرفوعاً. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!
قلت: أنى له الصحة؛ ويحيى بن يعلى - وهو الأسلمي - ضعيف؟! كما جزم به الذهبي في حديث آخر تقدم برقم (892) وهو شيعي متفق على تضعيفه كما بينته ثمة.................. الى اخر كلامه
لقد ذكر هذي الرواية العلماء في كتبهم وبينو ضعفها
◘ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (ج9 ص241-242) ط دار الكتب العلمية – بيروت ت: محمد عبد القادر عطا. رقم الرواية 15210.
◘ التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان للشيخ الألباني (ج10 ص79-81). كتاب مناقب الصحابة – ذكر وصف تزويج علي بن أبي طالب فاطمة رضي الله عنها وقد فعل – رقم الحديث 6905
بعد ما ذكر الرواية طويله جدا قال في ص 82 (ضعيف الاسناد، منكر المتن)
◘ صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان - تحقيق: شعيب الأرنؤوط - الناشر: مؤسسة الرسالة – ج15 - رقم الباب 61 – كتاب اخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابه رجالهم ونسائهم – ذكر تزويج علي بن أبي طالب فاطمة رضي الله عنها وقد فعل - رقم الرواية 6944 في صفحة 393 و394 و395 و396
ضعف الإسناد:
بعد ما ذكر الرواية وهي طويلة قال في الهامش شعيب الأرناؤوط 39 و396
أجمع العلماء على ضعف هذه الرواية لعدة أسباب:
1) يحيى بن يعلى الأسلمي: ضعيف، وشيعي، كما ذكره الإمام الذهبي وابن حجر.
2) تعدد الطرق: الرواية مروية عن طرق كثيرة غير موثوقة، مع وجود تزوير وتلفيق في الإسناد.
3) تشابك الرواة الضعفاء: مثل محمد بن ثابت، بسام الصيرفي، وأبي ذر، وكلهم غير متقنين مما يجعل الحديث ضعيفًا ومضطربًا.
4) انقطاع السند الزمني: بعض الرواة توفوا قبل وقوع الأحداث، أو لم يكونوا معاصرين للصحابة.
5) المتن مكذوب: التفاصيل المبالغ فيها (الماء، القعب، الشرايط) تدل على افتعال القصة لتطويلها وإيهام القارئ بالمصداقية.
الرد على الشبهة:
الحديث ضعيف ومكذوب: كل الكتب العلمية للحديث مثل صحاح البخاري ومسلم، الترمذي، أبو داود، ابن ماجه لم تذكر الحديث، وهذا دليل قوي على عدم صحته.
الراوي ضعيف: يحيى بن يعلى الأسلمي ضعيف، وهو شيعي كما ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال، والألباني أكد ضعف الحديث في السلسلة الضعيفة.
العلماء رفضوا الرواية: الهيثمي في مجمع الزوائد وصف الحديث بأنه ضعيف، وابن حجر وصف الرواية بالافتعال.
الرسول ﷺ لم يثبت عنه تصرفات مخالفة للشرع: الحديث يتضمن تفاصيل غريبة لا تتوافق مع منهج النبي ﷺ في التعامل مع الصحابة وأهل بيته.
الخلاصة:
◘ جميع الروايات التي يستدل بها الشيعة حول تزويج فاطمة رضي الله عنها ضعيفة أو مكذوبة.
◘ الروايات منقولة عن رواة ضعفاء وشيعة، أو بها انقطاع زمني واضح.
◘ ما يهم هو الالتزام بما صح عن النبي ﷺ وصحابته من كتب صحيحة، وعدم الانجرار خلف الروايات المكذوبة التي تهدف لتشويه الصحابة والحقائق التاريخية.
🔹 المصادر:
1) المعجم الكبير، الطبراني، ج22 ص408، ط مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
2) تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامه، ص605.
3) ميزان الاعتدال، الذهبي، ج5 ص148-149.
4) السلسلة الضعيفة والموضوعة، الألباني، ج10 ص517.
5) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الهيثمي، ج9 ص241-242.
6) التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، الألباني، ج10 ص79-81.
7) صحيح ابن حبان، ترتيب ابن بلبان، ج15 ص393-396.