يتعرض الإسلام للعديد من الشبهات والأحاديث المكذوبة التي تروج لها بعض الفرق الضالة، وخاصة الشيعة الذين يختلقون روايات عن النبي ﷺ وعائلته لتحقيق أهداف سياسية ودينية. ومن بين هذه الروايات ما يُنسب إلى النبي ﷺ في سياق علاقته بأهله وخصوصًا فاطمة رضي الله عنها. في هذا المقال سنستعرض حديثًا ضعيفًا جدًا يُروى عن تصرف النبي ﷺ مع زوجاته في حال الحيض، ونبين ضعفه، وطرق الرد على الروايات المكذوبة عن فاطمة رضي الله عنها وفق منهج أهل العلم.

نص الحديث والشرح:

ورد في سنن أبي داود (1/70 رقم 270)، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن عمارة بن غراب، أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة رضي الله عنها:

حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد الله يعني ابن عمر بن غانم عن عبد الرحمن يعني ابن زياد عن عمارة بن غراب قال أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة قالت:

«إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد، قالت: أخبرك بما صنع رسول الله ﷺ، دخل فمضى إلى مسجده فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد، فقال ادني مني، فقلت إني حائض، فقال: وإن اكشفي عن فخذيك، فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام».

وقد أورد الألباني عدة علل لضعف الحديث في:

ضعيف الجامع ص26 رواه أبو داود (1/70 رقم270) ومن طريقه البيهقي في سننه (1/313 و1/55 حديث رقم 120) من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن عمارة بن غراب أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة، قالت: «أن إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد؟ قالت: أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. دخل، فمضى إلى مسجده» قال أبوداود: تعني مسجد بيته- فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد، فقال: فذكر الحديث.

ضعيف الأدب المفرد ص30 وقد أورد الألباني له عدة علل كما في (ضعيف الجامع ص 26). و (ضعيف الأدب المفرد ص30).

تضعيف الحديث:

1)              عبد الرحمن بن زياد: وهو الأفريقي مجهول. قال البخاري في كتاب (الضعفاء الصغير307) » في حديثه بعض المناكير« وقال أبو زرعة » ليس بالقوي« (سؤالات البرذعي ص389) وقال الترمذي « ضعيف في الحديث عند أهل الحديث أمثال يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل» (سنن الترمذي حديث رقم 54 و199 و1980) بل قال » ليس بشيء كما في (الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي2/204 ترجمة رقم2435 وميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي ترجمة رقم6041 تهذيب الكمال21/258).

وقال البزار: « له مناكير» (كشف الأستار2061) وقال النسائي » ضعيف« (الضعفاء والمتروكون337) وقال الدارقطني (1/379) » ضعيف لا يحتج به« وضعفه أيضًا في كتاب العلل.

2)              عمارة بن غراب اليحصبي: تابع مجهول، غلط من عدّه صحابيًا، كما ذكر الحافظ في تقريب التهذيب 4857.

3)              العمة: مجهولة.

4)              وضعفه الحافظ المنذري في مختصر سنن أبي داود (1/177)، وقال الذهبي: "إسناده واه"، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود 9/1/114 الكبير.

5)              أجمع العلماء على أن الحديث ضعيف جدًا ولا يحتج به.

على أننا بعد إثبات ضعف هذا الحديث لا ننسى أن نذكر القارئ بأن أهل الباطل يستنكرون الأدنى مع استمرائهم للأعلى. فإنهم قد رووا عن الباقر والصادق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقبّل عرض وجه فاطمة ويدعو لها، وفي رواية: حتى يقبل عرض وجنة فاطمة أو بين ثدييها! وفي رواية: حتى يضع وجهه بين ثدييها. (مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 3/114 بحار الأنوار للمجلسي 34/42 و55 و78 ومجمع النورين للمرندي 30 وكشف الغمة للإربلي 3/95 واللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري 53)

الرد على الشبهات المكذوبة حول فاطمة رضي الله عنها:

بعض الروايات الشيعية تزعم أن النبي ﷺ كان يقبّل فاطمة رضي الله عنها في أماكن حساسة ويدعو لها بطريقة مبالغ فيها، مثل:

"حتى يقبل عرض وجنة فاطمة أو بين ثدييها" أو "يضع وجهه بين ثدييها".

هذه الروايات جميعها موضوعة أو ضعيفة جدًا كما جاء في كتب:

    مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 3/114

    بحار الأنوار للمجلسي 34/42 و55 و78

    مجمع النورين للمرندي 30

    كشف الغمة للإربلي 3/95

    اللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري 53

المنهج الصحيح:

الالتزام بما ثبت عن النبي ﷺ من الكتاب والسنة الصحيحة.

رفض الأحاديث المكذوبة أو الضعيفة جدًا التي تهدف إلى تشويه صورة أهل البيت رضي الله عنهم.

التمييز بين الروايات الصحيحة والموضوعة أو المكذوبة لضمان فهم صحيح للشريعة.

الخلاصة:

1)              الحديث عن تصرف النبي ﷺ مع زوجته في حال الحيض ضعيف جدًا ولا يحتج به.

2)              الروايات المكذوبة التي ينسبها الشيعة إلى النبي ﷺ أو فاطمة رضي الله عنها لا أساس لها في كتب السنة الصحيحة.

3)              المسلم يلتزم بما ثبت عن النبي ﷺ بالكتاب والسنة، ويبتعد عن الروايات الضعيفة أو الموضوعة.

4)              اتباع منهج أهل العلم في تمييز الحديث الصحيح عن الضعيف هو الأساس في بناء الفهم الصحيح للشريعة.

المصادر:

1)              سنن أبي داود 1/70 رقم 270

2)              سنن البيهقي في سننه 1/313 و1/55 حديث 120

3)              ضعيف الجامع للألباني ص26

4)              ضعيف الأدب المفرد للألباني ص30

5)              تقريب التهذيب 4857 ابن حجر العسقلاني

6)              مختصر سنن أبي داود 1/177 الحافظ المنذري

7)              الإتحاف بالخيرة المهرة 7/89، المستدرك 3/165

8)              مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 3/114

9)              بحار الأنوار للمجلسي 34/42 و55 و78

10)        مجمع النورين للمرندي 30

11)        كشف الغمة للإربلي 3/95

12)        اللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري 53