غيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بين الحقيقة والدعوى الباطلة
اشتهرت الصديقة بنت الصديق، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بغيرتها الشديدة على رسول الله ﷺ، وهي غيرةٌ فطرية نابعة من عمق حبها له، ومن مكانتها الخاصة في قلبه الشريف. فقد تربت في بيته، ونهلت من علمه، ونزل الوحي وهو في لحافها، ومرض عندها، ومات بين نحرها وسحرها ﷺ، فكيف لا تغار من تشربت روحها بحبه وارتباطها به؟
إلا أن أتباع الفرقة الضالّة الإمامية حاولوا الطعن في عرض أم المؤمنين رضي الله عنها، واتخذوا من غيرتها ذريعةً للطعن في مكانتها، متناسين أن الغيرة من صفات النساء الفاضلات، وقد عذرها النبي ﷺ نفسه، كما ورد في الأحاديث الصحيحة في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
وفي هذا المقال نعرض مظاهر غيرتها رضي الله عنها، ونبين موقف النبي ﷺ منها، وكيف كانت غيرةً نقيّة لا تخرج عن دائرة الفطرة، ولا تمس مقام النبوة أو الأدب معه، بل زادتها حبًّا وتعلقًا برسول الله ﷺ، لتكون قدوة في المحبة والوفاء، لا مطعنًا كما زعم أهل الباطل.
الشبهة والرد:
الشبهة:
اشتهرت الصديقة بنت الصديق أمنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها بالغيرة الشديدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك من فرط حبها له عليه الصلاة والسلام وكيف لا وهي التي تربت في بيته ونهلت من علومه ونزل الوحي عليه صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها وتمرض عندها ومات بين نحرها وسحرها صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
الرد:
هذه الشبهة باطلة، لأن الأحاديث نفسها تُظهر أن النبي ﷺ كان يعذرها ويبيّن أن ما يصدر عنها من الغيرة أمر فطري لا يُلام عليه.
في حديث عائشة عند مسلم:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء، فرأى ما أصنع،
فقال: (ما لك يا عائشة؟ أغرت؟)
فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟
فقال صلى الله عليه وسلم: (أقد جاءك شيطانك).
قالت: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: (نعم)،
قلت: ومع كل إنسان؟ قال: (نعم)،
قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: (نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم).
رواه مسلم: 4/2168. ورقمه: 2815.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها. وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد.
[رواه البخاري].
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك. فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت. فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريض، حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرًا منها؟!
[رواه البخاري ومسلم].
وعذرها النبي صلى الله عليه وسلم وتغاضى عما قالته في حق خديجة لعلمه بغيرتها عليه وشدة حبها له
عن أنس قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام. فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت. فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: غارت أمكم. ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيها.
[رواه البخاري].
هنا ألزمت الغيرة بضمان ما أتلفته، ولم يزد الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله: غارت أمكم
فرضي الله عن الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وزوجته في الدنيا والآخرة رغم أنف من أبى.