لا تزال سهام أهل الزيغ والضلال تُوجَّه بين الحين والآخر إلى أعظم رجال الأمة وأبرّها بعد نبيها، وفي مقدّمتهم الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه، الذي اختاره الله لصحبة نبيه في أعظم المواقف، وجعل اسمه مقرونًا باسم خير الخلق في كتابه الكريم. ومن تطاول عليه فإنما طعن في نصوص القرآن، وجرح مقام النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختاره خليلاً وصاحبًا. إن الطعن في الصديق ليس طعنًا في رجل من البشر، بل في ركن من أركان التاريخ الإسلامي وشاهدٍ من شواهد الإيمان. وفي هذا المقال نسلّط الضوء على حقيقة مكانة الصديق، ونفند شبهات المنتقصين، مستدلين بالقرآن والسنة وأقوال السلف، لنكشف عظمة هذا الرجل الذي قال عنه عمر بن الخطاب: "والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر".

ولمن انتقص الصديق رضي الله عنه نقول:

 قال الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾

إن العمى الحقيقي عمى القلب الذي يفسد البدن كله وخصوصا الفكر فالعقيدة الصافية توفيق من الله ودليل حياة القلب وبصيرته وعودة للصديق ورحلة الغار لقد عاتب الله أهل الأرض جميعا ما خلا الصديق في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ أن اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وهذا الخطاب الإلهي أستثنى الصديق لأنه كان مع النبي صلى الله عليه ولم يخاطب بهذه الآية دون البشر كلهم.

ذكر الطبري عن عمرو بن الحارث عن أبيه: أن أبا بكر الصديق رحمة الله تعالى عليه حين خطب قال: أيكم يقرأ (سورة التوبة)؟ قال رجل: أنا قال: اقرأ فلما بلغ: ﴿إذ يقول لصاحبه لا تحزن﴾

بكى أبو بكر وقال: أنا والله صاحبه.

لا تحزن أن الله معنا.....

كم هي كلمة رائعة تقال لرجل يستحقها.....

أخرج البخاري عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهم)

وروى الحاكم وأبن أبي شيبة:

(قال عمر بن الخطاب: والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟ فقال: يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال: يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال: نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار فدخل واستبرأ حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الحجرة فدخل واستبرئ ثم قال: انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر: والذي نفسي لتلك الليلة خير من آل عمر).

الله أكبر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ورفيق دربه كما شهد بذلك علي رضي الله عنه حيث روى البخاري عن أبن عباس: إني لواقف في قوم فدعوا لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إني كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا..