منذ فجر التاريخ الإسلامي، ظهرت الفرقة الشيعية الضالة التي خرجت عن جماعة المسلمين وابتدعت في الدين ما لم يأذن به الله، حتى وصل بها الحال إلى اختلاق الأحاديث الباطلة ونسبتها زورًا إلى النبي ﷺ أو إلى صحابته الكرام. كان هدفهم من وراء ذلك الطعن في عدالة الصحابة وتشويه صورة الإسلام النقي الذي حمله جيل الرسول الأول.
ومن أبرز مظاهر هذا الكذب ما ينسبه بعض الشيعة إلى رواة مجهولين أو ضعفاء كأبي الحمراء هلال بن الحارث، ونُفيع بن الحارث النخعي، وغيرهما ممن أجمع المحدثون على ضعفهم وسقوط روايتهم. في هذا المقال نسلّط الضوء على هذه الروايات المكذوبة، ونبين حقيقة الرواة، ونكشف كيف يستخدمها الشيعة للطعن في السنة النبوية المطهرة.
أولاً: التعريف بأبي الحمراء هلال بن الحارث:
أبو الحمراء هلال بن الحارث هو أحد الرواة الذين تكثر الشيعة من نقل الروايات عنه، خصوصًا في ما يتعلق بفضائل مزعومة أو مواقف مختلقة ضد بعض الصحابة.
قال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ (3/1505):
"فيه يونس بن خباب ضعيف."
وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (8/329):
"[فيه] نُفيع بن الحارث، وهو في جملة الغالين بالكوفة."
وهذا يعني أن الروايات التي تُروى عن أبي الحمراء ضعيفة الإسناد، لأن في سندها رجالًا مجروحين لا يُقبل نقلهم، مثل يونس بن خباب الذي قال فيه العلماء: "ضعيف الحديث"، ونُفيع بن الحارث الذي وُصف بالغلو، وهو من الكوفيين الغلاة الذين كثر فيهم وضع الحديث.
ثانياً: نُفيع بن الحارث النخعي الكوفي – حاله عند المحدثين
نُفيع بن الحارث النخعي الكوفي، ويُعرف أيضًا بـ"أبي داود القاص الهمذاني الأعمى"، وهو من الرواة المتروكين الذين اتفق العلماء على ضعفهم الشديد.
◘ قال فيه الإمام البخاري: "يتكلمون فيه."
◘ وقال يحيى بن معين: "ليس بشيء."
◘ وقال النسائي: "متروك الحديث."
◘ وقال الدارقطني وغيره: "متروك."
◘ وقال ابن حبان: "لا تجوز الرواية عنه."
فهذا إجماع من كبار الأئمة على سقوط حديثه، وأنه لا يجوز الاعتماد عليه في نقل حديثٍ واحدٍ عن رسول الله ﷺ.
ثالثاً: التحقيق في الرواية المنسوبة إلى أبي الحمراء
جاء في مسند الإمام أحمد (3/259):
أخرجه أحمد، وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
فالإمام أحمد نفسه بيّن أن الإسناد ضعيف، لأن علي بن زيد – وهو ابن جدعان – ضعيف الحفظ، قال عنه الإمام أحمد: "ليس بشيء"، وقال النسائي: "ضعيف."
فكيف يعتمد الشيعة على رواية كهذه؟!
إنها رواية ساقطة لا تصلح للاحتجاج ولا للتفسير، فضلاً عن إثبات عقيدة أو فضيلة.
رابعاً: الشبهة والرد عليها:
الشبهة:
يستدل بعض الشيعة بروايات عن أبي الحمراء ونُفيع بن الحارث لإثبات مواقف مختلقة بين النبي ﷺ وبعض الصحابة، أو للطعن في شخصيات جليلة من الخلفاء الراشدين.
الرد العلمي:
1) جميع الروايات المنقولة في هذا الباب ضعيفة أو موضوعة، كما بيّن الأئمة.
2) الرواة الذين وردت عنهم هذه الأحاديث إما مجاهيل أو متروكون، لا يُحتج بحديثهم.
3) المتن نفسه منكر ولا يوافق العقل ولا النقل، إذ لا يُتصور أن يصدر عن النبي ﷺ أو أصحابه ما يخالف الأدب أو الشرع.
4) الغاية من هذه الروايات هي الطعن في الصحابة وتثبيت فكرة العصمة في أئمة الشيعة، وهو هدف باطل يخالف ما جاء في القرآن الكريم من تكريم الصحابة، قال الله تعالى:﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ ⸙التوبة: 100⸙
فكيف يُرضي الله عنهم ثم يأتي من يطعن فيهم؟!
خامساً: خلاصة المقال:
◘ الأحاديث التي يعتمد عليها الشيعة في الطعن في الصحابة لا تصح سنداً ولا متناً.
◘ الرواة مثل أبي الحمراء هلال بن الحارث ونُفيع بن الحارث النخعي ضعفاء أو متروكون بشهادة كبار المحدثين.
◘ الروايات الموضوعة هي من سمات الفرق الضالة التي تسعى إلى هدم الثقة في الصحابة ونقل السنة.
◘ منهج أهل السنة والجماعة قائم على التثبت والتحقيق، وليس على الهوى أو العصبية.
المصادر والمراجع:
1) ابن القيسراني – ذخيرة الحفاظ، ج3، ص1505.
2) ابن عدي – الكامل في الضعفاء، ج8، ص329.
3) البخاري – التاريخ الكبير.
4) النسائي – الضعفاء والمتروكون.
5) الدارقطني – العلل.
6) ابن حبان – المجروحين.
7) أحمد بن حنبل – المسند، ج3، ص259.
8) ابن حجر العسقلاني – لسان الميزان.