من أخطر ما عرف به الشيعة – وهم فرقة ضالة خارجة عن الإسلام – هو الكذب على رسول الله ﷺ وصحابته وأهل بيته الأطهار بوضع الأحاديث الباطلة التي لا أصل لها في كتب السنة الصحيحة، ثم نشرها بين العوام لترويج بدعهم.
وقد بلغ بهم الأمر أن اختلقوا روايات مكذوبة على لسان أئمة آل البيت رضوان الله عليهم، وألصقوا بهم أحاديث لا تصح، في محاولة يائسة لتبرير معتقداتهم المنحرفة، أو لتثبيت بدع مثل زيارة القبور على وجه التعبد والبكاء عندها، كما في الرواية المكذوبة التي تزعم أن فاطمة بنت رسول الله ﷺ كانت تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه كل جمعة فتصلي وتبكي عنده.
وفي هذا المقال سنكشف بالدليل العلمي والتحقيق الحديثي ضعف هذه الرواية، وسقوطها سندًا ومتنًا، وبيان أقوال أئمة الحديث في رواتها.
نص الرواية كما أوردها الإمام البيهقي:
قال الإمام البيهقي في السنن الكبرى (4/131):
"7208 - أَخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أبو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الْعَدْلُ بِالطَّابِرَانِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أبو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ: أن فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَتْ تَزُورُ قَبْرَ عَمِّهَا حَمْزَةَ كُلَّ جُمُعَةٍ فَتُصَلِّي وَتَبْكِي عِنْدَهُ.
كَذَا قَالَ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، دُونَ ذِكْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فِيهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ."
قال البيهقي في ختام الأثر: "وهو منقطع."
أقوال العلماء في تضعيف الرواية:
قول الإمام الألباني:
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني في أحكام الجنائز (ص 183–184):
"الاستدلال بهذه الرواية باطل، لأن الإقرار المزعوم لا أصل له في كتب السنة، وما روي عن فاطمة رضي الله عنها في هذا الباب إنما هو زيارة فقط، وليس فيه ذكر للإقرار أصلاً، ومع ذلك فلا يثبت عنها، لأنه من رواية سليمان بن داود عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه، وهي رواية منقطعة."
وأضاف الألباني:
"وقد أخرجها الحاكم (1/377) ومن طريقه البيهقي (4/78)، وقال البيهقي: (كذا قال، وقد قيل عن سليمان بن داود عن أبيه عن جعفر عن أبيه، دون ذكر علي بن الحسين، فهو منقطع).
وقال الحاكم: (رواته عن آخرهم ثقات)! فرده الذهبي بقوله: (قلت: هذا منكر جدًا، وسليمان ضعيف)."
قول الإمام الذهبي:
قال الإمام الذهبي في المغني في الضعفاء (1/279):
"سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ بنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيّ، مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، قَالَهُ الأَزْدِيّ."
فهو راوٍ ضعيف، لا يُحتج بروايته.
قول الإمام ابن الجوزي:
قال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون (2/19):
"1519 - سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ بنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيّ، قَالَ الأَزْدِيّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ."
إذن فالرواية واهية الإسناد، وسندها لا يثبت بحال.
بيان الانقطاع في السند:
◘ علي بن الحسين لم يدرك فاطمة رضي الله عنها، فهي توفيت قبل ولادته بزمن طويل.
◘ الانقطاع واضح في السلسلة بين علي بن الحسين وفاطمة، مما يجعل الحديث مرسلاً منقطعًا لا تقوم به حجة.
◘ قال الصنعاني في سبل السلام (2/151):
"هو حديث مرسل، فإن علي بن الحسين لم يدرك فاطمة بنت محمد ﷺ."
رابعاً: الشبهة والرد عليها
الشبهة:
يزعم الشيعة وبعض المتأثرين بهم أن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه، لتبرير ما يفعلونه من زيارة القبور والبكاء عندها، وربما التبرك بالتراب أو الاستغاثة بالأولياء.
الرد العلمي:
1) الرواية منقطعة الإسناد، كما صرح به البيهقي والألباني.
2) في سندها سليمان بن داود بن قيس المدني، وهو ضعيف متكلم فيه.
3) لا يوجد في كتب السنة المعتمدة ما يدل على أن النبي ﷺ أقر فاطمة على ذلك.
4) القول بجواز التعبد عند القبور يخالف نصوص القرآن والسنة، قال تعالى:
﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ⸙الجن: 18⸙ فلا يجوز اتخاذ القبور محلاً للعبادة أو الدعاء.
خلاصة المقال:
◘ الرواية التي تزعم أن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر عمها حمزة رضي الله عنه ضعيفة ومنقطعة السند.
◘ في سندها راوٍ ضعيف متكلم فيه، وهو سليمان بن داود بن قيس المدني.
◘ لم يثبت أن النبي ﷺ أقرها على هذه الزيارة، بل لم يرد شيء صحيح في ذلك.
◘ اعتماد الشيعة على هذه الرواية دليل على إفلاسهم العلمي واعتمادهم على الأحاديث الموضوعة.
◘ منهج أهل السنة والجماعة قائم على التحقيق والتثبت في الرواية، بخلاف الشيعة الذين يعتمدون على الوهم والكذب لترويج بدعهم.
المصادر والمراجع:
1) البيهقي – السنن الكبرى، ج4، ص131.
2) الحاكم النيسابوري – المستدرك على الصحيحين، ج1، ص377.
3) محمد ناصر الدين الألباني – أحكام الجنائز، ص183–184.
4) الذهبي – المغني في الضعفاء، ج1، ص279.
5) ابن الجوزي – الضعفاء والمتروكون، ج2، ص19.
6) الصنعاني – سبل السلام، ج2، ص151.