رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء
تسعى فرقة الشيعة لنشر أحاديث ضعيفة أو باطلة لترويج مزاعم كاذبة عن النبي ﷺ أو إثبات أمور غيبية محددة، مستغلين الجهل بعلوم الحديث والنقد. ومن هذه الروايات ما يزعمون فيه أن النبي ﷺ رأى ربه جعدًا أمرد عليه حلة خضراء. هذه الرواية باطلة ولا أصل لها، وهي ليست موجودة في كتب الحديث المعتمدة كالبخاري ومسلم، وإنما ذُكرت في كتب نقد الرواة كنموذج على ما يدسّه بعض الرواياتيين من الأكاذيب. في هذا المقال نستعرض هذه الرواية، ونوضح ضعفها وطرق تزييفها، مع الرد العلمي على الشبهة.
نص الرواية:
يزعم بعض المغرضين أن النبي ﷺ قال: «رأيت ربي جعدًا أمرد عليه حلة خضراء»
انبأنا اسماعيل بن احمد قال انا اسماعيل بن مسعدة قال أخبرنا حمزة بن يوسف قال انا ابو احمد بن عدي قال انا ابو العباس الأصم قال انا الحسن بن علي بن عاصم قال انا ابراهيم بن ابي سويد قال انا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ربي جعدا امرد عليه حلة خضراء
رُويت من طريق:
◘ إسماعيل بن مسعدة → حمزة بن يوسف → أبو أحمد بن عدي → أبو العباس الأصم → الحسن بن علي بن عاصم → إبراهيم بن أبي سويد → حماد بن سلمة → قتادة → عكرمة → ابن عباس.
تحليل الرواية ودرجة ضعفها
أولا: مصدر الرواية:
◘ هذه الرواية ليست موجودة في كتب الحديث الصحيحة، وإنما ذُكرت في ميزان الاعتدال (2/593) ضمن نماذج الروايات الواضعة والضعيفة مع إيراد نماذج من أكاذيبهم. فهو ليس كتابا في الحديث كالبخاري ومسلم فتأمل!!!.
◘ وهذه الرواية مروية من طريق حماد بن سلمة وهو ثقة ولكن قال ابن الثلجي «سمعت عباد بن صهيب يقول إن حمادًا كان لا يحفظ وكانوا يقولون إنها (الروايات العجيبة حول بعض الصفات الالهية) قد دست في كتبه.
وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه»
(ميزان الاعتدال 1/592)
ثانيا: من صحح الرواية ليس وهابيا وهو يصححها على أنها منام. ويمكن للنبي أن يرى شيئا على خلاف حقيقته كما رأى إبراهيم أنه يذبح ولده اسماعيل ولم يفعل وكما رأى يوسف أن الشمس والقمر كانوا له ساجدين. وهذا تصريح بأن هذه رؤية منام. قال ابن الجوزي «ورؤيا المنام وهم والأوهام لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة»
(دفع شبه التشبيه ص150)
ثالثا: المشرك لا يحرص على التنزيه. والرافضة يدافعون عن قول الخميني فاطمة إله. وعلي لاهوت الأبد: فكيف يكونون منزهين؟ ويجعلون الأئمة هم أسماء الله الحسنى. عن أبي عبد الله قال «نحن واللهِ الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا»
(الكافي 1/111 كتاب التوحيد: باب النوادر).
وهذا تشبيه كلي بالله حيث لم يقولوا إنهم بعض أسماء الله. قال تعالى ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾ (الأعراف: 180).
وقد ورطهم الطوسي فقال:
«اليمين المنعقدة عند آل محمد عليهم السلام هي أن يحلف الانسان بالله تعالى أو بشيء من أسمائه أي اسم كان. وكل يمين بغير الله أو بغير اسم من أسمائه فلا حكم له. ولا يجوز أن يحلف أحد بالقرآن ولا بوالديه ولا بالكعبة ولا بالنبي ولا بأحد من الأئمة عليهم السلام»
(النهاية للطوسي ص555)
رابعا: أن هذا الحديث تسرب من رواة الشيعة باعترافهم عن طريق المحيطين بجعفر الصادق وبالتحديد هشام بن الحكم. ففي كتاب التوحيد «عن يعقوب السراج: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن بعض أصحابنا يروون أن الله صورة مثل صورة الإنسان.
وقال آخر: إنه في صورة أمرد جعد قطط» فخر أبو عبد الله ساجدا ثم رفع رأسه فقال: سبحان الذي ليس كمثله شيء»
(التوحيد للصدوق ص103 بحار الأنوار 3/305).
وقد صحح المجلسي رواية الكافي التي تتهم هشام بن الحكم الرافضي كان يروي عن الصادق القول بأن الله جسم أجوف.
(مرآة العقول 2/1)
فهذه الرواية تدل بوضوح على أن هذه الرواية الباطلة وردت من قبل المحيطين بجعفر الصادق. بدليل قول القائل (من أصحابنا).
ضعف الرواة الأساسيين:
إبراهيم بن أبي سويد: قال عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني: «هو إبراهيم بن الفضل الذراع» (تهذيب التهذيب 1/127).
قال البخاري «منكر الحديث (التاريخ الكبير 1/989) وقال النسائي «متروك الحديث (الضعفاء والمتروكون ص4) وقاله الدارقطني في العلل وفي (الضعفاء والمتروكون ص1).
أبو علي الأهوازي وغيرهم: معروف عنهم جمع الأكاذيب والموضوعات.
رأي العلماء في الرواية:
◘ البخاري: «منكر الحديث» (التاريخ الكبير 1/989)
◘ النسائي: «متروك الحديث» (الضعفاء والمتروكون ص4)
◘ الدارقطني: أدرجه ضمن الأحاديث الضعيفة والموضوعات
تفسير ظهور الرواية:
◘ من صحح الرواية اعتبرها رؤيا منام، لأن النبي ﷺ قد يرى شيئًا على خلاف حقيقته كما حدث مع رؤية إبراهيم لذبح ابنه، ورؤية يوسف أن الشمس والقمر يسجدان له.
◘ ابن الجوزي: «ورؤيا المنام وأوهامها لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو صار بهيمة» (دفع شبه التشبيه ص150).
أدلّة على تزييف الرواية من قبل الشيعة:
◘ رواية المحيطين بجعفر الصادق، خصوصًا هشام بن الحكم، كما في التوحيد للصدوق ص103 بحار الأنوار 3/305.
◘ الرواية تروّج لفكرة التجسيم والتشبيه لله عز وجل، وهو محرم شرعًا، كما قال تعالى:
﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾.
فائدة حول هشام بن الحكم:
◘ زعم المجلسي وتبعه الخوئي في أن هشام بن الحكم قد تاب من القول بالتجسيم. وبعد مناظرة طويلة بيني وبين أحد الرافضة انكشف امام الناس أن هشام بن الحكم قد تاب من عقيدة جهم بن صفوان.
ولكن جهم بن صفوان كان عدوا لدودا لمن يقول بالتجسيم. فكيف كان هشام جهميا وقائلا بالجسم؟
وهنا كانت الفضيحة. فلما قلت ذلك للرافضي انكشف وخنس كالذبابة وأعلن أنه لم يعد يعي ما يقول بسبب غلبه النعاس وأنه آن له أن يذهب لينام. فانتهت المناظرة بذهابه للنوم.
وقد استبان لي تلاعب الرافضة بقصة توبة هشام وأنه لما تاب من عقيدة جهم ابتدأ يروي الأكاذيب عن جعفر الصادق وينسب له ان الله جسم وله بطن وجوف إلخ.
الشبهة الشيعية والرد عليها
الشبهة:
يزعم الشيعة أن النبي ﷺ رأى ربه جعدًا أمردًا، ويستشهدون بهذه الرواية كدليل على أمور غيبية محددة، ويدافعون عن عقائد التجسيم والتشبيه لله عز وجل.
الرد العلمي:
1) الرواية باطلة وموضوع ولا أصل لها في كتب الحديث الصحيحة.
2) الرواة الذين نقلوا الرواية معروف عنهم الضعف أو المدلسية، مثل إبراهيم بن أبي سويد وحماد بن سلمة.
3) الرواية قد تكون منامًا أو أوهامًا كما بيّن ابن الجوزي، وليست حقيقة شرعية.
4) الرواية تستخدم لترويج أفكار شركية وتجسيمية، وهو مخالف لعقيدة توحيد الله.
الخلاصة
رواية رؤية النبي ﷺ ربه جعدًا أمردًا خبر باطل وموضوع. الشبهة التي يروّج لها الشيعة قائمة على روايات ضعيفة ومنقولة عن رواة مدلسين، والرد العلمي يكشف زيفها ويؤكد على ضرورة الالتزام بالأحاديث الصحيحة والمنهج العلمي في نقد الروايات.
المصادر
1) الحافظ الذهبي، لسان الميزان ج2 ص593
2) الحافظ ابن الثلجي، ميزان الاعتدال 1/592
3) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب 1/127
4) البخاري، التاريخ الكبير 1/989
5) النسائي، الضعفاء والمتروكون ص4
6) الدارقطني، العلل والضعفاء والمتروكون ص1
7) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه ص150
8) الصدوق، التوحيد ص103 بحار الأنوار 3/305
9) المجلسي، مرآة العقول 2/1