تسعى فرقة الشيعة لنشر أحاديث ضعيفة أو باطلة للنيل من الصحابة الكرام والنبي ﷺ، مستغلين الجهل بالحديث وعلومه. من هذه الروايات ما يزعمون أنه يثبت رؤية النبي ﷺ لربه على كرسي من ذهب يحمله أربعة ملائكة، مع وصف الملائكة بأشكال مختلفة. في هذا المقال نعرض الحديث، ونوضح ضعف إسناده، وبيان الشبهة والرد العلمي عليها، مع التركيز على أن مثل هذه الأمور من الغيبيات التي لا يُمكن للعقل البشري تقريرها أو فهمها بالضرورة.
نص الحديث:
رُوي يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الله بن أبي سلمة عن عن ابن عمر رضي الله عنه أنه بعث إلى ابن عباس يسأله:
هل رأى محمد ﷺ ربه؟ فأجابه ابن عباس: «نعم، رآه على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة: ملك في صورة رجل، وملك في صورة أسد، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، في روضة خضراء دونه فراش من ذهب».
رواه:
◘ عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/176)
◘ ابن خزيمة في التوحيد (1/483)
◘ الآجري في الشريعة (3/141 رقم 1021)
تحليل الإسناد ودرجة الحديث:
رواة الحديث:
◘ يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن عمر، عن ابن عباس.
وجه الضعف:
◘ ضعفه بعض أهل العلم بسبب ابن إسحاق المعروف بالمدلس، وكونه عنعن.
◘ أبو داود قال: «ليس بحجة» (تهذيب التهذيب 11/383).
◘ ابن الجوزي أدرجه في الموضوعات (العلل المتناهية 1/37) وقال: «هذا حديث لا يصح، تفرد به محمد بن إسحاق وقد كذبه مالك وهشام بن عروة».
◘ وقال الألباني: « أخرجه البيهقي عن أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني يعقوب بن عتبة .. فصرح بالتحديث». قال: « قال: لكن أحمد هذا ضعيف في "التقريب"، ويونس بن بكير صدوق يخطئ
غير أن أحمد بن عبد الجبار لم ينفرد فيه، بل تابعه محمد بن أبان البلخي عن يونس بن بكير قال: أخبرنا محمد بن إسحاق قال: حدثني يعقوب بن عتبة به كما عند ابن خزيمة في (التوحيد1/205) ومحمد بن أبان ثقة كما في (تهذيب التهذيب9/3).
ولم ينفرد ابن بكير به، بل تابعه بكر بن سليمان عند الآجري في الشريعة، فرواه عن ابن إسحاق قال: حدثني يعقوب. وبكر بن سليمان هو الأسواري، ذكره ابن حبان في الثقات [8/148] وقال الحافظ « لا بأس به إن شاء الله» (لسان الميزان2/51). وأما الراوي عنه فهو محمد بن عباد بن آدم، ذكره ابن حبان في الثقات [9/114] وقال « يغرب».
وللحديث طريق آخر، رواه ابن خزيمة في التوحيد [1/205] عن زياد بن أيوب قال: ثنا إسماعيل بن علية قال ثنا عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح. وله شاهد عند ابن خزيمة في التوحيد [1/206] بإسناد صحيح عن هشام بن عروة أنه قال: ))حملة العرش أحدهم على صورة إنسان، والثاني على صورة ثور، والثالث على صورة نسر، والرابع على صورة أسد».
(منقول بتصرف من موقع ملتقى أهل الحديث).
والخلاف في تصحيح الحديث وتضعيفه واسع ولكن: إذا صح الحديث فيكون من أمور الغيبيات التي لا مجال فيها للعقل..
المتابعة والتصحيح الجزئي:
◘ محمد بن أبان البلخي عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق: رواية صحيحة جزئيًا كما عند ابن خزيمة (التوحيد 1/205).
◘ بكر بن سليمان الأسواري تابعه عند الآجري في الشريعة.
◘ محمد بن عباد بن آدم ذكره ابن حبان في الثقات [9/114].
◘ طريق آخر: ابن خزيمة في التوحيد 1/205 عن زياد بن أيوب عن إسماعيل بن علية عن عمارة عن عكرمة عن ابن عباس، وهذا إسناد صحيح.
ملاحظة مهمة:
الخلاف في تصحيح الحديث واسع، وإذا صح، فهو من الغيبيات التي لا مجال للعقل فيها، وبالتالي لا يُلزم الإنسان بتصديقها أو رفضها إلا وفق الدليل الصحيح.
الشبهة الشيعية والرد عليها:
الشبهة:
تزعم الشيعة أن النبي ﷺ رأى ربه على كرسي من ذهب وأن هذا الحديث مثبت، مستشهدين به لإظهار أمور غيبية محددة.
الرد العلمي:
1) الحديث ضعيف أو موصول جزئيًا، ويعتمد على رواة مدلسين أو ضعفاء مثل ابن إسحاق.
2) رواية الملائكة على صور مختلفة أو كرسي من ذهب من قبيل الغيبيات، لا يُمكن تأكيدها بالمنطق البشري، ولا تُعدّ دليلًا عقائديًا أو شرعيًا.
3) العلماء أجمعوا على وجوب الانتباه إلى صحة الأحاديث قبل نشرها أو الاستشهاد بها.
الخلاصة:
حديث رؤية النبي ﷺ لربه على كرسي من ذهب ضعيف ولا يُعتمد عليه. الشبهة التي يروج لها الشيعة قائمة على نصوص غير صحيحة جزئيًا أو كليًا، والرد العلمي يكشف زيف هذه الروايات ويؤكد على ضرورة التمسك بالأحاديث الصحيحة والثقات في نقل سيرة النبي ﷺ.
المصادر:
1) عبد الله بن الإمام أحمد، السنة 1/176
2) ابن خزيمة، التوحيد 1/483 و1/205-206
3) الآجري، الشريعة 3/141 رقم 1021
4) أبو داود، تهذيب التهذيب 11/383
5) ابن الجوزي، الموضوعات (العلل المتناهية 1/37)
6) الألباني، ضعفاء الحديث
7) ابن حبان، الثقات 8/148 و9/114
8) موقع ملتقى أهل الحديث