الشيعة والأحاديث الملفقة: كشف الأباطيل التي ينشرونها للفتنة
يعد تتبع الأحاديث الصحيحة والمنقولة عن النبي ﷺ من أهم وسائل الحفاظ على العقيدة الإسلامية السليمة، ومن المعلوم أن بعض الفرق الضالة، وعلى رأسها الشيعة، يلجأون إلى وضع أحاديث باطلة أو تحريف نصوص من أجل إثبات مزاعمهم الباطلة. هذه الممارسات لا تقتصر على الخلط بين الصحيح والضعيف، بل تهدف إلى تضليل الأمة وإحداث فتنة في عقائد المسلمين. في هذا المقال نسلط الضوء على هذه الأحاديث المنكرة، موضحين ضعفها، وخطورتها على الفهم الصحيح للرسالة النبوية، مع تقديم الأدلة الشرعية والعلمية من طرق أهل السنة والجماعة.
نص الحديث الموضوع:
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سُئل: «هل رأى محمدٌ ربَّه؟». قال: نعم، رآه كأنّ قدميه على خُضرة، دونه سترٌ من لؤلؤ.
فقلتُ: يا ابن عباس، أليس يقول الله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾؟ قال: يا لَا أُمَّ لَكَ! ذاك نوره، وهو نوره، إذا تجلّى بنوره لا يُدركه شيء.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» (المستدرك 2/346).
قلتُ: بل هو ضعيف، والحاكم معروفٌ بتساهله في التصحيح. فإنّ فيه إبراهيم بن الحكم بن أبان.
قال البخاري: «سكتوا عنه» (التاريخ الكبير 1/284).
وقال النسائي: «متروك الحديث» (الضعفاء للنسائي 1/12).
وقال يحيى بن معين: «ضعيف ليس بشيء» (ضعفاء العقيلي 1/148).
وصرّح السيوطي بأنّ البيهقي ضعّفه في الأسماء والصفات، من طريق عكرمة عن ابن عباس، أنه سُئل: «هل رأى محمدٌ ربَّه؟». فقال: نعم، رآه كأنّ قدميه على خُضرة، دونه سترٌ من لؤلؤ. فقلت: يا أبا العباس، أليس يقول الله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾؟ قال: لا أمّ لك! ذاك نوره، الذي هو نوره، إذا تجلّى بنوره لا يُدركه شيء» (الدر المنثور 7/648).
وقال الذهبي: «فهذا من أنكر ما أتى به حمّاد بن سلمة، وهذه الرؤية رؤيةُ منامٍ إن صحّت» (ميزان الاعتدال 1/593).
فالذهبي—وهو سلفي وليس أشعريًا—قد أنكر هذه الرواية، وصرّح بأنها رؤية منام.
وقال ابن الجوزي: «ورؤيا المنام وهم، والأوهام لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة» (دفع شبه التشبيه ص150).
ولا يلزم من الرؤيا المنامية مطابقةُ الرائي للمرئي؛ فقد رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح إسماعيل: ﴿إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾، وهو ما لم يحصل. ورأى يوسف عليه السلام إخوته على هيئة كواكب، وأبويه على هيئة شمسٍ وقمر.
◘ وقد أورد القمّي في تفسيره روايةً مشابهة ولم يستنكرها، وهذا يدلّ على استحسانه لها، فقال: «قال أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم، حدثني أبي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال: قلت: يا أحمد، ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت: جعلت فداك، قلنا نحن بالصورة، للحديث الذي رُوي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله رأى ربَّه في صورة شاب» (تفسير القمي 1/20).
◘ وقد حكم الخوئي بصحّة جميع روايات مشايخ القمّي في تفسيره (معجم رجال الحديث 1/49).
وحتى لو صحّح علماؤنا الحديث، فإنما يصحّحونه من جهة السند فقط، ومع ذلك لم يقبلوا بمضمونه لنكارة متنه. والدليل على ذلك أنك لا تجد في كتاب من كتب عقائد أهل السنة ما يفيد أنهم يعتقدون بمضمون هذا الحديث.
وهناك أحاديث قليلة تتضمن نكارةً في متنها رغم صحة إسنادها، مثل حديث أبي سفيان في عرض تزويج ابنته أم حبيبة للنبي ﷺ، واتّخاذ معاوية كاتبًا عنده.