كثيرًا ما تعتمد الفرقة الشيعية السبئية على نشر روايات موضوعة وأحاديث مكذوبة تُنسب زورًا إلى النبي ﷺ وإلى الصحابة، بهدف تشويه العقيدة السنية وإثارة الشبهات حول منهج أهل الحديث. وهذه الروايات غالبًا ما تكون غريبة المتن، ضعيفة السند، ومخالفة للنصوص المحكمة من الكتاب والسنة.

 ومن بين هذه الروايات المنتشرة حديث (الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل)، والذي يستند إليه بعض الغلاة لترويج عقائد باطلة تخالف ما اتفق عليه أهل السنة من تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين.

هذا المقال يقدم دراسة حديثية متكاملة للرواية، مع تحليل أسانيدها، وبيان سبب ضعفها، وتوضيح حقيقة ما ورد فيها، والرد على الشبهات المثارة حولها.

نص الرواية كما ورد:

عن الحسين بن شبيب أبو علي الآجري، حدث عن أبي حمزة الأسلمي، روى عنه أبو بكر المروذي صاحب أحمد بن حنبل.

أخبرنا محمد بن عمر بن بكير المقرئ، أخبرنا إسماعيل بن علي بن محمد بن عبد الله الفحّام، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الصيدلاني، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي، حدثنا الحسين بن شبيب الآجري وكان هذا من النساك المذكورين.
أخبرنا أبو حمزة الأسلمي بطرسوس، حدثنا وكيع، حدثنا أبو إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة قال:

«قال رسول الله ﷺ: الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل، وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وإن له أطيطًا كأطيط الرحل الجديد.»

تعليق الباحث:

قلتُ:

عبدُ الله بن خليفة ليس صحابيًا، فتكون الرواية مرسلة.

وأبو إسحاق عنعنه عنه، فيجتمع في الرواية معنعنان.

وأبو إسرائيل هو إسماعيل بن خليفة العبسي، ضعيف لسوء حفظه (قاله الألباني في السلسلة الضعيفة حديث رقم 3478)).

وأبو إسحاق السبيعي مدلّس وقد عنعنه، وهو بطل رواية حديث (خدر الرجل) التي تناقض فيها الأحباش وتمسكوا بروايته هناك، وهم ملزمون بالأخذ بهذه الرواية هنا أيضًا لأنها وردت من طريقه.

نقلٌ آخر:

قال أبو بكر المروذي: قال لي أبو علي الحسين بن شبيب:

قال لي أبو بكر بن سَلْم العابد حين قدمنا إلى بغداد: (أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة)، فكتبه أبو بكر بن سلم بخطه وسمعناه جميعًا.

وقال أبو بكر بن سلم:

(إن الموضع الذي يفضل لمحمد ﷺ ليجلسه عليه).

قال أبو بكر الصيدلاني:

(من ردّ هذا فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروذي وعلى أبي بكر بن سلم العابد).
(تاريخ بغداد 8/52 – تفسير الطبري 3/10العظمة لأبي الشيخ 2/650 – تفسير ابن كثير 1/311)

الشبهة والرد عليها:

الشبهة:

يزعم بعض الغلاة أنّ هذا الحديث يدل على أن الله يجلس على كرسي وأن له موضعًا يجلس فيه، وأن الكرسي يصدر عنه (أطيط) كصوت الرحل. ويستندون إلى هذا لإثبات التجسيم والتشبيه، بل ويستغلون الرواية للطعن في عقيدة أهل السنة.

الرد العلمي المختصر:

أولًا: الحديث ضعيف جدًا ولا تقوم به حجة

فيه إرسال.

فيه تدليس السبيعي.

فيه ضعف أبي إسرائيل لسوء حفظه.

فيه معنعنة متعددة.

السند مطعون فيه من جهة الرجال والانقطاع.

إذن: الرواية لا تثبت مطلقًا.

ثانيًا: المتن منكر

المتن يُشبه روايات التجسيم التي انتشرت في بعض الإسرائيليات، ولا يشبه ألفاظ الأحاديث الصحيحة.

ثالثًا: مخالفة الرواية للنصوص المحكمة

قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: 11]

وإثبات الجلوس الحسي أو الأطيط يشبه صفات المخلوقين، وهذا غير وارد في النصوص الصحيحة.

رابعًا: قاعدة أهل السنة

إثبات ما أثبته الله لنفسه بلا:

تعطيل.

تمثيل.

تشبيه.

تجسيم.

ولا يُثبت من الصفات إلا ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة فقط.

خامسًا: الفرق الضالة تستغل هذه الروايات

الغلاة من السبئية والباطنية والرافضة يستعملون هذه الرواية للطعن في السلف وأهل الحديث، رغم أنهم أنفسهم أكثر الناس اختلاقًا للروايات الموضوعة.

المصادر:

تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي.

تفسير الطبري.

تفسير ابن كثير.

العظمة لأبي الشيخ.

الألبانيالسلسلة الضعيفة (حديث رقم 3478).

كتب الجرح والتعديل المتعلقة برواة السند.