الأحاديث النبوية الشريفة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم لفهم الدين الإسلامي، ولكن للأسف هناك فرق ضالة، وأبرزها الشيعة الروافض، يسعون أحيانًا إلى نشر أحاديث ضعيفة أو مختلقة لتدعيم معتقداتهم الباطلة حول الغيب والعدل الإلهي. من أبرز الشبهات التي يروجون لها حول يوم القيامة ومجيء الله للأمم، ما ورد في حديث "يجمع الله عز وجل الأمم في صعيد يوم القيامة"، ويزعمون أن فيه البداء أو مواضع تتعارض مع عدل الله.
هذا المقال يوضح الحديث، ويحلله نصيًا وعقليًا، ويوضح الشبهات المرتبطة به مع الردود الصحيحة وفق القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، موضحًا الفرق بين صحة الروايات وضعفها، مع تفنيد مزاعم الرافضة حول تجلي الله وسؤال المؤمنين، وموضوع البداء.
نص الحديث:
(أخرج الإمام أحمد، عن أبي موسى الاَشعري: قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): يجمع اللّه عزّ وجلّ الاَمم في صعيد يوم القيامة، فإذا بدا للّه عزّ وجلّ أن يصدع بين خلقه مثّل لكلّ قوم ما كانوا يعبدون فيتبعونهم حتى يُقحمونهم النار، ثمّ يأتينا ربّنا عزّ وجلّ، ونحن على مكان رفيع فيقول: من أن تم؟
فنقول: نحن المسلمون، فيقول ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربّنا عزّ وجلّ، قال: فيقول: وهل تعرفونه أن رأيتموه؟ فيقولون: نعم، فيقول: كيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون: نعم أنهم لا عدل له، فيتجلّى لنا ضاحكاً، فيقول: أبشروا أيّها المسلمون، فانّه ليس منكم أحد إلا جعلت مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً.
مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله ج 32 ص423
صحيح البخاري - التوحيد - قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة - رقم الحديث: (6886)
◘ وإنا سمعنا منادياً ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: أن ت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون: الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً.
الرد:
◘ قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ البقرة: 210.
◘ وقوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ الأنعام: 158.
◘ وقوله: ﴿جَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)﴾ الفجر: 22.
◘ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية: ((... قال: فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم...)).
رواه البخاري (7439)، ومسلم (183).
وقال أبو الحسن الأشعري في ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص227): ((وأجمعوا على أنهم عَزَّ وجَلَّ يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفاً...)) اهـ.
وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس في ((شرح الواسطية)) (ص112) بعد أن ذكر شيخ الإسلام الآيات السابقة: ((في هذه الآيات إثبات صفتين من صفات الفعل، وهما صفتا الإتيان والمجيء، والذي عليه أهل السنة والجماعة الإيمان بذلك على حقيقته، والابتعاد عن التأويل الذي هو في الحقيقة إلحاد وتعطيل)) اهـ
أما الصورة فهي ثابته ولا يوجد شئ بلا صورة..
أما الرواية الاولى:
قال شعيب الارناؤوط: قوله (ليس منكم احدا إلا جعلت مكانه يهوديا او نصرانيا... صحيح) وهذا اسناد ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان وجهالة عمارة وهو القرشي البصري....
مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله ج 32 ص423 ط الرسالة
قال الألباني:
755 - " يتجلى لنا ربنا عز وجل يوم القيامة ضاحكا ".
أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " (153) والطبراني في " المعجم الكبير " وتمام في " الفوائد " (83 / 2) وأحمد (4 / 407 - 408) من طريق حماد بن سلمة: حدثنا علي بن زيد عن عمارة القرشي عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
ولفظ أحمد وهو رواية لابن خزيمة: " يجمع الله عز وجل الأمم في صعيد يوم القيامة، فإذا بدا لله أن يصدع بين خلقه، مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون، فيتبعونهم حتى يقحمونهم في النار، ثم يأتينا ربنا عز وجل ونحن على مكان رفيع، فيقول: من أن تم؟ فنقول: نحن المسلمون. فيقول: ما تنتظرون، فيقولون:
ننتظر ربنا عز وجل، قال: فيقول: وهل تعرفونه أن رأيتموه؟
فيقولون: نعم،
فيقول: كيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون: أنهم لا عدل له، فيتجلى لنا ضاحكا، فيقول: أبشروا أيها المسلمون، فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت مكانه في النار يهوديًا أو نصرانيًا ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، عمارة هذا لم أعرفه، وقوله " بدا لله " منكر.
وعلي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف الحفظ، لكن الحديث صحيح في الجملة، فإن له شاهدا من حديث جابر بن عبد الله من رواية أبي الزبير أنهم سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود؟ فقال: " نجيء نحن يوم القيامة - عن كذا وكذا، أن ظر أي ذلك فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد، الأول فالأول، ثم
يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا عز وجل، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك... " الحديث.
أخرجه مسلم (1 / 122) وأحمد (3 / 383)، وله عنده (3 / 345) طريق أخرى عن أبي الزبير به نحوه مرفوعا.
قلت: فهذا يدل على أن ابن جدعان قد حفظ الحديث، وأما بقية الحديث عند أحمد، فقد أخرجه هو (4 / 391، 402، 410) ومسلم (8 / 104) من طرق أخرى عن أبي بردة نحوه.
وللحديث شاهد من رواية أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
"إذا جمع الله الأولى والأخرى يوم القيامة، جاء الرب تبارك وتعالى إلى المؤمنين، فوقف عليهم والمؤمنون على كوم (فقالوا لعقبة: ما الكوم؟ قال: مكان مرتفع) فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: أن عرفنا نفسه عرفناه، ثم يقول لهم الثانية، فيضحك في وجوههم، فيخرون له سجدا "
سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 2 صفحة 384
قولهم بالبداء:
دعونا نأتي للقرآن الكريم لنرى أن البداء منسوب للبشر وليس لله عز وجل قال تعالى: ﴿وَلَوْ أن لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأرض جَمِيعًا وَمِثْلُهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَّلَهُمُ اللَّهُ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر: 47].
اذاً الظالمون يوم القيامة يبدو لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون، إذًا لم يكونوا يضنون أن الله سبحانه يعذبهم، لم يكونوا يحتسبون هذا الشيء لم يكونوا يضنون أنهم واقع ثم وقع بهم، إذًا فالبداء يجوز على البشر لأن علم البشر يسبقه جهل أما البداء فلا يجوز لله عز وجل قولا واحدا والبداء اصلا اصيل في كتب الشيعة وفي معتقداتهم.
كتاب أصول الكافي للكليني الجزء 1 ص 199، عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عمرو الكوفي عن مرازم بن حكيم قال سمعت أبا عبدالله يقول:
ما تنبأ نبي قط حتى يقر بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة. وبنفس الصفحة، عن الريان بن الصلت قال سمعت ابا الرضا يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء.
أما الروايات في البخاري ومسلم فليس فيه لفظ البداء، تعالوا نفتح صحيح البخاري صفحة 1630 حديث رقم 6573 عن ابي هريره قال:
قال: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون الشمس ليس دونها سحاب قالو: لا يا رسول الله، قال هل تضارون القمر ليس دونه سحاب؟ قالو: لا يا رسول الله، قال: فأنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس ويتبع من كان يعبد القمر ويتبع من كان يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا آتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم في الصورة التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه فيضرب جسر جهنم... إلى اخر الرواية.
وأيضًا البخاري ذكرها في ص 1834 حديث رقم 7437
وليس فيها ذكر من أنتم وماذا تنتظرون؟؟ وأيضًا ذكرها في حديث 806. وأيضًا ذكر ذلك في مسلم.
هناك نقطة أخرى، على فرض أن الرواية صحيحة وأن الله سأل فيها المؤمنين من أنا ثم وماذا تنتظرون هل يدعوك هذا أن تضحك وتستهزئ بالرواية؟؟
أنتم جهلتم في اللغة العربية ولم تعرفوا أن في القرآن ما يسمى بالأسئلة التقريرية وذلك ذكر في عدة مواضع من كتاب الله ففي سورة الفرقان الآية 17 ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضَلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ أَضَلُّ السَّبِيلِ﴾. فهل الله لا يعلم من الذي أضل هؤلاء العباد؟ قطعا الله عز وجل يعلم ولكن هذا سؤال تقريري.
وفي سورة المائدة آية 116 قال الله تعالى للمسيح ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ اذاً الله سبحانه وتعالى في هذه الآية يسأل المسيح عليه السلام هل أنت الذي قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله؟ قطعا الله يعلم ولكنه سؤال تقريري.
وكذلك قوله تعالى ﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾.
نقطة أخرى الشيعة الروافض يؤمنون بأن الأئمة يعلمون الغيب ويعلمون ما في السماء والأرض وما كان وما يكون يعتقدون أن الأئمة من البشر يعلمون كل شيء.
◘ نفتح كتاب بحار الانوار جزء 41 ص35 حديث 33، قال أبو عبدالله عليه السلام: والله أن ي لأعلم ما في السماوات والأرض وما في الجنة وما في النار، وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة. ونحن نقول ماذا بقي لله تعالى؟؟
◘ بنفس الكتاب ج41 ص357، قال البرسي في المشارق عن ابن نباته أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يوما جالسا في نجف الكوفة فقال لمن حوله: من يرى ما أرى؟ فقالوا: وما ترى يا عين الله الناظرة في عبادة؟ فقال: أرى بعيرا يحمل جنازة ورجلا يسوقه ورجلا يفوده وسيأتيكم بعد ثلاثا فلما كان اليوم الثالث قدم البعير والجنازة مشدودة عليه ورجلان معه فسلما على الجماعة فقال: لهما أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن حياهم من أنتم ومن أين أقبلتم ومن هذه الجنازة؟... إلى اخر الرواية. إذًا الرواية تقول أن الأئمة يعلمون الغيب ويعلمون ما في السماوات وما في الأرض ويعلمون ما كان وما سيكون ورواية ثانية أمير المؤمنين يسأل الناس يقول لهم من أنتم ومن أين أتيتم وما هذه الجنازة؟ فأنت الأن تسخر من رواية في حين أنكم تنسبون للأمة من البشر أنهم يعلمون ما يعلمه الله عز وجل فأيهم أكبر وأطم؟؟
إذًا ملخص لما قلنا أولًا أن الرواية ضعيفة التي فيها البداء وسؤال الله من أنتم.
وأيضًا إذا كان تريد أن تطعن في سؤال الله فمن باب أولى أن تطعن في القرآن وهو الأن يطعن في كتبنا لأن دينه يعلمه ذلك وهذا الكلام ليس من عندي هو من كتبه نأتي لبحار الانوار ج74 ص202 عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثرو من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم ذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الأخرة. طبعا أنا لست بحاجه بأن أقول شيء أن هذا الكلام كذب محط على النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا دين الشيعة يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم ليضعوا أسس لمذهبهم الباطل.
قولهم أن الله يخاطب بشكل مباشر:
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (11) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (12) إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (13)﴾
قوله تعالى. ﴿رُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [طه: 164].
كيف كلم الله موسى؟؟؟؟
قولهم أنه لا عدل:
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
قولهم في تجليه:
تجليه سبحانه وتعالى فممكنة لأنه سبحانه قد تجلى للجبل وجعله دكّاء، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يبدل الأرض غير الأرض، ويكشف عن كل نفس غطاءها ويجعل بصر الإنسان حديداً. وتتكلم الأيدي والأرجل والجلود ويصير ما كان مستحيلاً في الدنيا ممكناً في الآخرة.
تبشير الله سبحانه وتعالى للمسلمين بأن يجعل مكان كل مسلم يهودياً أو نصرانياً في النار، وهذا مما أجلب علينا بسببه الرافضة ومن شاكلهم من أهل الحقد والأهواء معتبرين أن ذلك مجافياً لعدل الله حيث قال ولا تزر وازرة وزر أخرى، بينما الصواب والأصح أن ذلك من أن صافه تعالى وتمام عدله، وإليكم الدليل (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَن الْمُفْلِسُ" قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أن يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).
في هذا الحديث دليل على أن الله سبحانه وتعالى يقتص للمظلوم من الظالم يوم القيامة بالأخذ من حسنات الظالم وإعطائها للمظلوم، والحديث ظاهره في دائرة المسلمين فيما بينهم، لكن مقتضاه على العموم، كما في الحديث التالي: جاء في الصحيحين أن رسول الله قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله عليه النار وحرّم عليه الجنة قيل: يا رسول الله وأن كان شيئا يسيرا؟ قال: وأن كان قضيبا من أراك)) ولا يزال ظلم اليهود والنصارى واقع بالمسلمين من قتل للأنفس وهتك للأعراض ونهب للمكتسبات واحتلال للأرض ومعاونة للغير على ظلم المسلمين منذ بدء دعوة محمد عليه الصلاة والسلام حتى اليوم، وشواهد هذا الظلم حاضرة الأن في العراق وفلسطين، وما حدث للمسلمين في البوسنة والهرسك وبلاد القوقاز خاصة الشيشان، وكثير من البلاد التي يعيش فيها المسلمون كأقليات، وما وقع للمسلمين من النصارى في الحروب الصليبية المتعاقبة على بلاد المسلمين، وكتب التاريخ تنضح بظلم اليهود والنصارى للمسلمين، ولمّا لم يكن لليهود والنصارى حسنات من الأصل لأنهم كفار فقد كان من عدل الله أن يأخذ من سيئات المسلمين ويطرحها على اليهود والنصارى، ثم يطرحهم في النار، وهذا من أن تقام الله تعالى لعباده المسلمين، لأنه تعالى عزيز ذو أن تقام..). ولو أن تتمة حديث أبي موسى جاءت بهذا اللفظ (ما من يهودي ولا نصراني يقتل مسلماً أو يظلمه إلا فداه الله به من النار يوم القيامة) لزال الإنكار ولما وجد المخالفون ما يشنعون به علينا.