الأحاديث النبوية الشريفة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم لفهم دين الإسلام، لكن للأسف هناك فرق ضالة، وأبرزها الشيعة الرافضية، تسعى أحيانًا إلى نشر أحاديث ضعيفة أو مختلقة بهدف التلاعب بالمعتقدات ونشر الخرافات. هذه الأحاديث لا تثبت عن النبي ﷺ ولا تصح، وغالبًا ما يُستدل بها على أمور غيبية أو خرافية.

ومن بين هذه الأحاديث حديث "غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار"، الذي يصف خصائص جسمانية لشخص يُسمّى الجبار من القرون الأولى، وهو حديث صحيح ولكنه يُساء فهمه أحيانًا ويُشوّه من قبل بعض الفرق الضالة.
في هذا المقال سنوضح الحديث، مع تفسير معانيه، وتفنيد الشبهات المرتبطة به، وتوضيح الرد الشرعي والعلمي وفق منهج أهل السنة والجماعة.

نص الحديث وتحليله:

روى الحاكم الحديث على النحو التالي:

"إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار وضرسه مثل أحد".
وقال الحاكم: "حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق أنبأ محمد بن سليمان بن الحارث، ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ شيبان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجهما". (المستدرك 4/637)

كما ذكر الحاكم أن معنى "بذراع الجبار":

 أي جبار من جبابرة الآدميين في القرون الأولى، ممن كان أعظم خلقًا وأطول أعضاء وذراعًا من الناس.

وقد أكد ذلك أيضًا في رواية عن صحيح ابن حبان عن أبي هريرة:

"غلظ الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار، وضرسه مثل أحد الجبار، ملك باليمن يقال له الجبار". (رواه ابن حبان 16/531)

وقال الألباني: "الجبار: ملك باليمن، ويُقال له: الجبار" (التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان ج10 ص452).

شرح الحديث:

1- معنى الحديث:

يصف الحديث غلظ جلد الكافر وطوله، ويشير إلى ذراعه الطويلة كذراع الجبار، وهو شخص عظيم من القرون السابقة.

الحديث يثبت أن هناك تفاوتًا في خلق الإنسان، وأن بعض الأشخاص في التاريخ كان طولهم وضخامهم غير مألوف مقارنة بالناس العاديين.

"الجبار" في الحديث اسم ملك معروف باليمن، وهو ليس وصفًا للرب، بل وصفًا للإنسان العظيم من الناحية الجسدية.

2- ثبوت الحديث وصحته:

ثبت الحديث في المستدرك على الصحيحين.

قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجهما".

أيضًا رواه ابن حبان في صحيح ابن حبان، وأكد الألباني صحة إسناده ووضّح معنى الجبار.

الشبهات المرتبطة بالحديث:

الشبهة:

 بعض الشيعة أو غيرهم يروّجون للحديث بهدف الادعاء بأن هناك أوصافًا غيبية تفصيلية عن الكفار والملوك القدماء، وأن النبي ﷺ كشف تفاصيل لا يمكن معرفتها.

الرد:

 الحديث صحيح، لكنه يصف حالة مادية لشخص موجود في التاريخ، ولا يتضمن أي معلومات غيبية غير متحققة. كما أن الحديث لا يدل على شيء يتجاوز الوصف البشري المعروف.

الشبهة العقائدية: يزعم بعض الرافضة أن الحديث فيه مبالغات، قد تثير التساؤل عن قدرة الله.

الرد العقائدي: الحديث لا يتضمن أي إهانة لله، ولا يخل بالعقيدة، بل يوضح تنوع خلق الله للإنسان، وهذا جزء من حكمة الله في خلقه.

أهمية فهم الحديث الصحيح:

يعلمنا أن أهل السنة يعتمدون على الأحاديث الصحيحة، ويميزون بين الصحيح والضعيف والمكذوب.

يحمي المجتمع المسلم من الانحرافات العقائدية التي يروج لها أعداء الدين.

يوضح أن تفسير الأحاديث يجب أن يكون وفق منهج علمي وعقائدي، وليس وفق الأهواء الشخصية أو السياسية.

المصادر:

1)              المستدرك على الصحيحين للحاكم 4/637.

2)              صحيح ابن حبان 16/531.

3)              التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان ج10 ص452، الألباني.

4)              كتب علم الحديث وأصول النقد الحديثي عند أهل السنة والجماعة.