الكساء وآية التطهير: تحليل الأحاديث المكذوبة عند الشيعة وكشف زيفها
يتداول بعض الشيعة روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بالكساء وآية التطهير، زاعمين بها فضائل خاصة لعلي وفاطمة والحسن والحسين، لكن هذه الأحاديث ضعيفة أو موضوعَة، ولم تثبت بأي سند صحيح. إن هذه التصرفات تكشف عن طبيعتهم في تحريف النصوص لتحقيق أهداف مذهبية وسياسية، مع ما يترتب على ذلك من تضليل للناس. ومعلوم أن هذه الجماعة ليست من المسلمين على منهج السلف الصالح، بل تُصنف كفرقة ضالة بعيدة عن تعاليم الإسلام الصحيحة. في هذا المقال، سنستعرض جميع الروايات المتداولة عن الكساء وآية التطهير، ونوضح مواضع ضعفها وعللها، مع بيان موقف علماء الحديث منها، لتقديم مرجع دقيق للباحثين عن أحاديث صحيحة وموثوقة.
حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن نمير قال ثنا عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء بن أبى رباح قال حدثني من سمع أم سلمة تذكر: « أن النبي e كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت عليه فقال لها ادعى زوجك وابنيك قالت فجاء على والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة على دكان تحته كساء له خيبري قالت وأنا أصلي في الحجرة فانزل الله عز وجل هذه الآية ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَذْهَبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت فأدخلت رأسي البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله قال انك إلى خير إنك إلى خير».
الانقطاع في الرواية واضح فإن الرواي عن أم سلمة مجهول. والانقطاع لا يصلح شاهدا ولا متابعا لتقوية الروايات الضعيفة الأخرى.
رواية أخرى:
حدثنا الحسين بن إسحاق ثنا يحيى الحماني ثنا أبو إسرائيل عن زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة «أن الآية نزلت في بيتها ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَذْهَبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين فأخذ عباءة فجللهم بها ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقلت وأنا عند عتبة الباب: يا رسول الله وأنا معهم؟ قال: إنك بخير وإلى خير».
ضعيف.
رواه الطبراني في (المعجم الكبير للطبراني23/333) وفيه شهر بن حوشب.
رواية أخرى:
حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن علي زيد بن جدعان عن شهر بن حوشب عن أم سلمة « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيه فجاءت بهم فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد صلى الله عليه وسلم فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد فإنك حميد مجيد قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجبذه من يدي وقال: إنك على خير».
إسناده باطل.
رواه الطبراني في (المعجم الكبير3/53) وفيه علتان:
علي بن زيد بن جدعان رافضي كذاب.
شهر بن حوشب وهو ضعيف.
رواية أخرى:
عن إبراهيم بن سعيد أخبرنا ابن طاوس نا عاصم بن الحسن أنا أبو عمر بن مهدي أنا محمد بن مخلد نا محمد بن عبد الله مولى بني هاشم نا أبو سفيان نا هشيم عن العوام بن حوشب عن عمير بن جميع قال دخلت مع أمي على عائشة قالت أخبريني كيف كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي فقالت عائشة كان أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيته وما أدخله تحت ثوبه وفاطمة وحسنا وحسينا ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت فذهبت لأدخل رأسي فدفعني فقلت يا رسول الله أولست من أهلك قال إنك على خير إنك على خير (تاريخ دمشق42/261).
رواية عمير بن جميع أو العكس (جميع بن عمير) وقد روى الطحاوي الرواية نفسها عن جميع بن عمير مما يؤكد أن هناك خطأ شاع في الاسم.
(بيان مشكل الآثار 13/177).
قال البخاري: «فيه نظر» (التاريخ الكبير2/242 وانظر الكاشف للذهبي1/296).
وقال الحافظ: «صدوق يخطئ ويتشيع» (التقريب).
قلت: وهو خطأ من الحافظ ومن ابن أبي حاتم. لأن ابن عدي خبر أحاديثه ومحصها فوجدها كما قال البخاري وأن عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد (أنظر هامش تهذيب الكمال 5/125). بل قال ابن نمير عنه بأنه «من أكذب الناس».
رواية أخرى:
حدثنا محمد بن إسحاق ثنا أبي نا الكرماني بن عمرو نا سعيد بن زربي الخزاعي نا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن أم سلمة قالت: « جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت له حساة فحملتها على طبق فوضعتها بين يديه فقال لها أين ابن عمك وابناك قالت في البيت فقال اذهبي فادعيهم فجاءت إلى علي فقالت أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابناك قالت أم سلمة فجاء علي يمشي آخذا بيد الحسن والحسين وفاطمة تمشي معهم فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة فبسطه فأجلسهم عليه وأخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رؤوسهم وأهوى بيده اليمنى إلى ربه فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثلاث مرات».
رواه الطبراني في (المعجم الكبير16/405).
ضعيف جدا. إن لم يكن موضوعا، فإن فيه سعيد بن زربي. قال عنه أبو أحمد الحاكم «منكر الحديث جدا». وقال ابن حبان « وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته».
وقد جاءت الرواية من طرق أخرى كلها ساقطة لورود سعيد بن زربي هذا فيها.
رواية أخرى:
حدثنا أبو كريب قال ثنا حسن بن عطية قال ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة زوج النبي e « أن هذه الآية نزلت في بيتها ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَذْهَبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، أنت من أزواج النبي e. قالت: وفي البيت رسول الله e وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم».
ضعيف جدا. الفضيل بن مرزوق كان شديد التشيع ضعفه النسائي وابن حبان وكان يروي الموضوعات عن عطية العوفي (تهذيب التهذيب8/298). وثّقه بعضهم وضعّفه آخرون وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثهم في الصحيح كما قال الحاكم؟ وقال ابن حبان: « يروي عن عطية الموضوعات» وكان شديد التشيع كما قال ابن معين والعجلي (تهذيب التهذيب 4/301-302) وانتهى الحافظ في التقريب (5437) إلى قوله: « صدوق يَهِم، ورُمِي بالتّشيع».
وفيه عطية العوفي. متهم بالضعف والتدليس والتشيع. عند المحدثين (تقريب التهذيب ترجمة4616 طبقات المدلسين1/50).
وأبو سعيد هو الكلبي. قال ابن حبان « لا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب» أضاف ابن حبان « قال أبو خالد الأحمر: قال لي الكلبي قال لي عطية كنيتك بأبي سعيد قال فأنا أقول حدثنا أبو سعيد» (المجروحين2/177). وقال ابن حجر «مشهور بالتدليس القبيح» (طبقات المدلسين ص50).
علق الطحاوي على قول أم سلمة «فقلت يا رسول الله وأنا من أهلك قال وأنت من أهلي».
فقال:
«وواثلة أبعد منه عليه السلام من أم سلمة منه لأنه إنما هو رجل من بني ليث ليس من قريش وأم سلمة موضعها من قريش موضعها الذي هي به منه فكان قوله لواثلة أنت من أهلي على معنى لاتباعك إياي وإيمانك بي فدخلت بذلك في جملتي وقد وجدنا الله تعالى قد ذكر في كتابه ما يدل على هذا المعنى بقوله ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي فأجابه في ذلك بأن قال له إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فكما جاز أن يخرجه من أهله وإن كان ابنه لخلافه إياه في دينه جاز أن يدخل في أهله من يوافقه على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبه فمثل ذلك أيضا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابا لأم سلمة أنت من أهلي يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضا» (بيان مشكل الآثار للطحاوي2/167).
رواية أخرى ذكرها الحافظ ابن كثير:
حدثنا أبي حدثنا سُرَيج بن يونس أبو الحارث، حدثنا محمد بن يزيد عن العوام يعني بن حوشب عن عمٍّ له قال: « دخلت مع أبي على عائشة فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت: رضي الله عنها: تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟ لقد رأيت رسول الله e دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فألقى عليهم ثوبا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت: فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، وأنا من أهل بيتك؟ فقال: "تَنَحّي، فإنك على خير»
(تفسير ابن كثير6/414).
ضعيف جدا. من هو العوام بن حوشب؟ ومن هو عمه؟ ومن هو أبوه! لا يعرفهما أحد.
حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد يعنى بن بهرام قال حدثني شهر بن حوشب قال سمعت أم سلمة زوج النبي e: « حين جاء نعى الحسين بن على لعنت أهل العراق فقالت قتلوه قتلهم الله غروه وذلوه لعنهم الله فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته فاطمة غدية ببرمة قد صنعت له فيها عصيدة تحمله في طبق لها حتى وضعتها بين يديه فقال لها أين بن عمك قالت هو في البيت قال فاذهبي فادعيه وائتني بابنيه قالت فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيد وعلى يمشى في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسهما في حجره وجلس على عن يمينه وجلست فاطمة عن يساره قالت أم سلمة فاجتبذ من تحتى كساء خيبر يا كان بساطا لنا على المنامة في المدينة فلفه النبي صلى الله عليه وسلم عليهم جميعا فأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز وجل قال اللهم أهلي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم أهل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم أهل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قلت يا رسول الله ألست من أهلك قال بلى فادخلي في الكساء قالت فدخلت في الكساء بعد ما قضى دعاءه لابن عمه على وابنيه وابنته فاطمة رضي الله عنهم».
أخرجه أحمد في المسند (6/298) وفي (فضائل الصحابة2/853) والطبراني في الكبير (3/114) وحسن محقق فضائل الصحابة سنده.
الرواية ضعيفة. مع انها جاء بسند آخر موصول وهي أصح مما سبقها عن أم سلمة، ولكن فيها شهر بن حوشب. قال فيه الحافظ ابن حجر »صدوق كثير الإرسال والأوهام«
(ميزان الاعتدال2/284 تهذيب التهذيب4/369).
وربط الكساء بالعصمة من أغاليط وأضحوكات الرافضة. فإن الرسول قد أعطى قميصه للمنافق عبد الله بن أبي بن سلول. فهل نعتبر هذا المنافق معصوما؟
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه.
(رواه البخاري1269).
عن سهل رضي الله عنه أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها أتدرون ما البردة قالوا الشملة قال نعم قالت نسجتها بيدي فجئت لأكسوك فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها إزاره فحسنها فلان فقال أكسني أياه ما أحسنها قال القوم ما أحسنت لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد قال إني والله ما سألته لألبسه إنما سألته لتكون كفني قال سهل فكانت كفنه.
(رواه البخاري حديث رقم1277).
فهل صار هذا الصحابي معصوما بلبسه بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وماذا نستفيد من وضع الكساء على فاطمة وعلي والحسن والحسين؟ الإمامة فتصير فاطمة إمامة؟ أم الفضل فنحن لا ننازع فضلهم الثابت بأصح من هذه الروايات.