تستغل بعض فرق الضلالة، مثل الشيعة، الأحاديث المكذوبة أو الضعيفة لدعم معتقداتهم حول عصمة بعض الصحابة أو أهل البيت رضي الله عنهم، ومن أبرز هذه الأحاديث حديث "الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت". هذا المقال يهدف إلى دراسة هذا الحديث من حيث السند والمتن، وبيان موقف العلماء منه، لفضح الاستخدام الخاطئ للأحاديث من قبل فرق الضلالة، وحماية عقيدة المسلمين من التحريف.
نص الحديث والروايات:
«عن ابن جرير: حدثنا بن وكيع، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يونس عن أبي إسحاق، أخبرني أبو داود الأعمى عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله رضي الله عنهم، قال رأيت رسول الله رضي الله عنهم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال: "الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"».
حكم ابن كثير: قال: «أبو داود الأعمى هو نفيع بن الحارث كذاب».
تحليل الحديث وأثره على عقيدة العصمة:
الوجه الأول:
كيف يحتاج علي وفاطمة رضي الله عنهم، وهما معصومان، إلى تذكير النبي رضي الله عنهم لهما بالصلاة؟
هل كان يخاف أن تفوتهم الصلاة؟ إن كان كذلك فهذا ينفي عصمتهم. فإنه يفترض بالمعصوم أن لا ينسى شأن الصلاة والنهوض لها بدون تذكير. إذا كان كذلك فهذا ينفي العصمة، إذ لا يُفترض بالمعصوم أن ينسى شؤون الصلاة والنهوض لها بدون تذكير.
تفترض العصمة أن المعصوم له قدرة تلقائية على الالتزام بالصلاة.
الوجه الثاني:
يظهر من الرواية أن التطهير يتحقق بإقامة الصلاة، ويؤكد ما حكيناه من أن قوله تعالى: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس﴾ أي بتحقيقكم للأوامر.
كما بين قوله تعالى: ﴿وأقمن الصلاة﴾ أي أن التطهير ليس تلقائيًا بل مرتبط بفعل الطاعة.
روايات أخرى:
رواية عبد بن حميد عن علي بن زيد عن أنس بن مالك:
«حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك كان رسول الله رضي الله عنهم يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا».
ذكره الترمذي في سننه 5/205 وقال: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه».
أضعفه أحمد في المسند، وضعفه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه (المسند21/434 رقم14040). وحق له أن يضعفه، فإن آفة الرواية هو علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
◘ قال حماد بن زيد: «كان يقلب الأسانيد».
◘ قال ابن خزيمة: «لا أحتج به لسوء حفظه».
◘ قال ابن عيينة: «ضعيف».
◘ قال ابن معين: «ليس بشيء. قال يحيى القطان: يتقى حديثه.
◘ قال أحمد بن حنبل: ضعيف». فاجتمع فيه سوء الحفظ والتشيع..
ضعف الحديث ثبت عند ابن خزيمة، ابن عيينة، ابن معين، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، والألباني.
فهذه الرواية تزعم أنه بقي ستة أشهر يذكرهم بالصلاة.
وقد يستغل هذه الرواية ناصبي ويقول: يا للهول ألهذه الدرجة بلغ كسل أهل البيت عن الصلاة حتى يستغرق ترويضهم على الاستيقاظ للصلاة ستة أشهر؟!!!
الرد على الشبهة:
الشبهة: يستدل بعض الشيعة بهذه الرواية على عصمة أهل البيت رضي الله عنهم وعلى أنهم بحاجة لتذكير بالصلاة.
الرد:
◘ الحديث ضعيف جدًا، ورواة كثيرون منهم ضعفاء أو محسوبون على الشيعة، ولا يحتج به.
◘ إدعاء العصمة استنادًا لهذا الحديث غير جائز.
◘ الرواية في أصلها لا تثبت حاجة أهل البيت رضي الله عنهم لتذكير بالصلاة، وإنما تروّج لفهم خاطئ عن العصمة.
خاتمة المقال:
يتضح أن حديث "الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" ضعيف جدًا ومكذوب في كثير من طرقه، ولا يمكن استخدامه كدليل على عصمة علي وفاطمة رضي الله عنهم. يجب الالتزام بالحديث الصحيح، وعدم الانجرار وراء الروايات الضعيفة والمغلوطة التي تستخدمها فرق الضلالة لإثبات معتقدات باطلة.
المصادر:
◘ تفسير ابن كثير، ج6
◘ سنن الترمذي 5/205
◘ مسند أحمد 3/358، تحقيق شعيب الأرناؤوط
◘ المستدرك للحاكم 3/172
◘ ضعيف سنن أبي داود، الألباني 1/404
◘ سير أعلام النبلاء – شمس الدين الذهبي