يحاول بعض أتباع فرقة الشيعة الضالة نشر أحاديث ضعيفة ومكذوبة لخدمة أغراضهم الباطلة، مستغلين مكانة أهل البيت رضي الله عنهم لإيهام الناس بمزاعم غير صحيحة. من أبرز الأمثلة على ذلك حديث الكساء الذي يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر علي وفاطمة والحسن والحسين بطريقة خاصة، وهي رواية ضعيفة من جهة السند، إذ إن عبد الله بن لهيعة، الذي انفرد ببعض ألفاظها، يُعد من المدلسين والضعفاء عند علماء الحديث كابن حجر والبخاري والنسائي وابن الجوزي. هذا المقال يوضح مدى ضعف هذه الرواية ويفندها بالأدلة من كتب المحدثين، مع بيان الحقيقة حول فضائل أهل البيت دون تحريف أو مبالغة.

قال الإمام الطحاوي:

" 772 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ الْهَمْدَانِيَّةِ قَالتْ: أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتِ؟ فَقُلْتُ: عَمْرَةُ الْهَمْدَانِيَّةُ فَقَالَتْ عَمْرَةُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قُتِلَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَمُحِبٌّ وَمُبْغِضٌ تُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَتُحِبِّينَهُ أَمْ تُبْغِضِينَهُ؟ قَالَتْ: مَا أُحِبُّهُ وَلَا أُبْغِضُهُ، فَقَالَتْ: أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ [التوبة: 55] إلَى آخِرِهَا وَمَا فِي الْبَيْتِ إلَّا جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟، فَقَالَ: " إن لَكِ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا "فَوَدِدْتُ أَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ[1]"

إن حديث الكساء حديث صحيح ولكن هذا الحديث فيه الفاظ قد انفرد بها ابن لهيعة وهو ضعيف ومع ضعف ابن لهيعة فهو موصوف بالتدليس عن الضعفاء ولهذا عده الحافظ ابن حجر في المرتبة الخامسة في طبقات المدلسين، فما فيه من زيادة قد انفرد بها ابن لهيعة رحمه الله فهو ضعيف.

قال الإمام البخاري:

 " 194- عبد الله بن لهيعة: ويقال ابن عقبة، أبو عبد الرحمن الحضرمي، ويقال: الغافقي، قاضي مصر.

حدثنا الحميدي، عن يحيى بن سعيد، أنه كان لا يراه شيئا، مات سنة أربع وسبعين ومائة.

قال يحيى بن بكير: احترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة[2]"

وقال الإمام النسائي:

 " (346) عبد الله بن لهيعة بن عقبة أبو عبد الرحمن البصري ضعيف [3]"

وقال الإمام ابن الجوزي:

" 2096 - عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحَضْرَمِيّ وَيُقَال الغافقي قَاضِي مصر يروي عَن الْأَعْرَج وَأبي الزبير قَالَ يحيى بن سعيد قَالَ لي بشر بن السّري لَو رَأَيْت ابْن لَهِيعَة لم تحمل عَنهُ حرفا وَكَانَ يحيى بن سعيد لَا يرَاهُ شَيْئا وَقَالَ يحيى بن معِين أنكر أهل مصر احتراق كتب ابْن لَهِيعَة وَالسَّمَاع مِنْهُ وَأخذ الْقَدِيم والْحَدِيث هُوَ ضَعِيف قبل أن تحترق كتبه وَبعد احتراقها وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ من كتب عَنهُ قبل احتراقها بِمثل ابْن الْمُبَارك والمقري أصح مِمَّن كتب بعد احتراقها وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ أَبُو زرْعَة سَماع الْأَوَائِل والأواخر مِنْهُ سَوَاء إِلَّا ابْن الْمُبَارك وَابْن وهب كَانَا يتبعان أُصُوله وَلَيْسَ مِمَّن يحْتَج وَقَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف وَقَالَ السَّعْدِيّ لَا يَنْبَغِي أن يحْتَج بروايته وَلَا يعْتد بهَا بروايته وَلَا يعْتد بهَا وَقَالَ ابْن وهب كَانَ ابْن لَهِيعَة صَادِقا وَقَالَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان سبرت أَخْبَار ابْن لَهِيعَة فرأيته يُدَلس عَن أَقوام ضعفاء على أَقوام ثِقَات قد رَآهُمْ ثمَّ كَانَ لَا يُبَالِي مَا دفع إِلَيْهِ قَرَأَهُ سَوَاء كَانَ من حَدِيثه أَو لم يكن من حَدِيثه فَوَجَبَ التنقيب عَن رِوَايَة الْمُتَقَدِّمين عَنهُ قبل احتراق كتبه لما فِيهَا من الْأَخْبَار المدلسة عَن المتروكين وَوَجَب ترك الاحتجاج بِرِوَايَة الْمُتَأَخِّرين بعد احتراق كتبه لما فِيهَا مِمَّا لَيْسَ من حَدِيثه[4]"

 

 

[1] مشكل الاثار – ابو جعفر احمد بن سلامة الطحاوي – ج 2 ص 244

[2] الضعفاء – محمد بن اسماعيل البخاري – ص 80.

[3] الضعفاء والمتروكون – احمد بن علي بن شعيب النسائي - ج 1 ص 203.

[4] الضعفاء والمتروكون – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ج 2 ص 137