كثير من الفرق الضالة، وعلى رأسها فرقة الشيعة، تسعى لنشر أحاديث ضعيفة أو مختلقة لتحقيق أغراض سياسية أو مذهبية، وتشويه مكانة الأنبياء عليهم السلام في ذهن المسلمين. ومن أبرز هذه الأحاديث التي يروجون لها حديث موسى عليه السلام وملك الموت، الذي يشككون فيه مستندين إلى فهم مغلوط وتحريف متعمد للوقائع. وفي هذا المقال، سنكشف عن حقيقة هذا الحديث الثابت في صحيح البخاري وصحيح مسلم، ونوضح استحالة الاشكاليات التي يثيرها الرافضة، مع الإشارة إلى تأكيدات القرآن الكريم وسيرة الأنبياء عليهم السلام، وكيف أن كل هذه التحريفات لا تعدو أن تكون وسيلة لنشر الضلال وإبعاد الناس عن الحقائق الثابتة.
جاء في الصحيحين واللفظ للإمام البخاري:
" 1339 - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إلى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أي رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ "، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ»» "
صحيح البخاري - بَابُ مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا - ج 2 ص 90
ولفظ الإمام مسلم:
" 157 - (2372) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، - قَالَ: عَبْدٌ أخبرنا وقَالَ: ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إلى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ، بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ، سَنَةٌ، قَالَ: أي رَبِّ ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ، لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ»"
صحيح مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ج 4 ص 1841
اشكالات الرافضة على هذا الحديث هي:
1- كيف لم يعرف موسى عليه السلام الملك.
2- كيف يكره موسى عليه السلام الموت.
3- كيف يفقأ موسى عين ملك الموت.
الرد:
لو قرأ الرافضة القرآن الكريم، وباقي الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم عند اهل السة، وكذلك الوارد في كتبهم لما اشكلوا مثل هذه الاشكالات.
1- عدم معرفة موسى عليه السلام لملك الموت عليه السلام.
لقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم ان الملائكة جاءت إلى إبراهيم عليه السلام فلم يعرفهم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إبراهيم بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: 70].
وقال تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الذاريات: 24-28]، فالآيات واضحة بأن إبراهيم عليه السلام لم يعرفهم، وتعامل معهم على إنهم بشر عاديون، بحيث إنه قدم لهم طعاما كما يقدم أي شخص لضيوفه الطعام، فلما لم يأكلوا خاف منهم، وذكر الله تعالى ان الملائكة عندما جاءت إلى لوط عليه السلام ضاق بهم، ولم يفرح بمجيئهم لاعتقاده إنهم ضيوف من البشر، فخاف عليهم من قومه، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾[هود: 78]، فالملائكة تتمثل بصورة البشر، او بصور اخرى، ولا يعرفهم الانبياء في بعض الاحيان، ولم يقل احد ان هذا مطعن، وقد ورد في كتب الإمامية ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد جاءه ملك بصورة معينة فلم يعرفه
قال محمد تقي المجلسي:
"روى الكليني والصدوق في القوي كالصحيح، عن علي بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس، إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: حبيبي جبرئيل: لم أرك في مثل هذه الصورة
قال الملك: لست بجبرئيل يا محمد بعثني الله عز وجل أن أزوج النور من النور قال: من؟ ممن؟ قال: فاطمة عليها السلام من علي عليه السلام قال فلما ولى الملك، إذا بين كتفيه محمد رسول الله، علي وصيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال: من قبل أن يخلق الله آدم باثنين وعشرين ألف عام "
روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 8 ص 187
فالنبي صلى الله عليه واله وسلم لم يعرف الملك.
فمجيء الملك بصورة مختلفة لم يعهدها الانبياء صلوات الله عليهم واقع، ولا محذور فيه، الا اذا اراد الرافضة الطعن بالقرآن وبرواياتهم!.
2- كيف يكره موسى عليه السلام الموت.
ما هو المانع الشرعي من كراهية الموت؟ اليس موسى عليه السلام من البشر، والبشر مجبولون على دفع ما يؤذيهم، او يؤلمهم بأي وسيلة؟ وقد ورد في كتب الإمامية ان كراهة الموت مع كل مؤمن، ولم يرد أي ذم من الله تعالى لهذا الشيء.
قال الكليني:
" 8 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما اسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته،.... "
الكافي – الكليني - ج 2 ص 352 – 353، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – صحيح – ج 10 ص 383
وقد صرح بعض علماء الإمامية ان كراهية الموت من جبلة البشر، وهو صادر من الانبياء صلوات الله عليهم.
قال الأربلي:
"ان الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة على النفور منه محبة للحياة مايلة إليها حتى الأنبياء عليه السلام على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤل إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه وقصة آدم عليه السلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة. قيل إنه وهب داود عليه السلام حين عرضت عليه ذريته أربعين سنة من عمره فلما استوفى أيامه وحانت منيته وانقضت مده أجله وحم حمامه جاءه ملك الموت يقبضه نفسه التي هي وديعة عنده فلم تطب بذلك نفسه وجزع وقال إن الله عرفني مدة عمري وقد بقيت منه أربعون سنة فقال إنك وهبتها ابنك داود فأنكر أن يكون ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجحد فجحدت ذريته. ونوح عليه السلام كان أطول الأنبياء عمرا أخبر الله تعالى عنه إنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فلما دنا أجله قيل له كيف رأيت الدنيا؟ فقال كدار ذات بابين دخلت في باب وخرجت من باب وهذا يدل بمفهومه على إنه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقة ولا الدنيا استطال أمد الإقامة فيها. وإبراهيم عليه السلام روى إنه سأل الله تعالى أن لا يميته حتى يسأله فلما استكمل أيامه التي قدرت له خرج فرأى ملكا على صورة شيخ فان كبير قد أعجزه الضعف وظهر عليه الخراف ولعابه يجرى على لحيته وطعامه وشرابه يخرجان من سبيله من غير اختياره فقال له يا شيخ كم عمرك؟ فأخبره بعمر يزيد على عمر إبراهيم سنة فاسترجع وقال أنا أصير بعد سنة إلى هذه الحال فسأل الموت. وموسى عليه السلام لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه فأعوره كما ورد في الحديث فقال رب انك أرسلتني إلى عبد لا يحب الموت فأوحى الله إليه أن ضع يدك على متن ثور ولك بكل شعره وارتها يدك سنة فقال ثم ماذا فقال الموت فقال انته إلى أمر ربك في كلام هذا معناه فان الحديث لم يحضرني وقت نقل هذا الموضع فأثبته بصورة ألفاظه. فهؤلاء الأنبياء (ص) وهم ممن عرفت شرفهم وعلا شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة وقد عرفوا ذلك وأبت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة "
كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج 2 ص 81 – 82
وقد ذكر هذا المحتوى محمد فاضل المسعودي في كتابه الاسرار الفاطمية في ص 80.
وقال هاشم الهاشمي:
" ثم نقل الأربلي بعض ما نقل عن سيرة بعض الأنبياء العظام كداود ونوح وموسى وإبراهيم على نبينا وعليهم الصلاة والسلام تحكي كراهتهم للموت، ثم عقب على ذلك قائلا: (فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام وهم ممن عرفت شرفهم وعلا شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة، وقد عرفوا ذلك وأبت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة "
حوار مع فضل الله حول الزهراء - هاشم الهاشمي - ص 93
وقال نعمة الله الجزائري: "فاعلم ان اول من عرف الموت وكرهه ابونا ادم عليه السلام.............
واما الكليم عليه السلام فقد كان اكثرهم كراهة للموت.....................
وفي حديث اخر ان موسى عليه السلام لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه فأعوره.......................
واما المسيح عليه السلام فقد فر من الموت والتجأ إلى الله سبحانه حتى رفعه اليه........."
الانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ج 4 ص 145 – 148
وقد قال الجزائري في مقدمة كتابه:
" وقد التزمنا ان لا نذكر فيه الا ما اخذناه عن ارباب العصمة الطاهرين، او ما صح عندنا من كتب الناقلين "
الانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ج 1 ص 11
3- كيف يفقأ موسى عين ملك الموت.
قلنا ان الملائكة تتشكل بشكل البشر، وقد ذكرنا ان إبراهيم ولوطا عليهما السلام لم يعرفوا الملائكة عندما اتوهم بصورة البشر، واما حدوث ضرر للملك بضربة من نبي، فلا مانع منه اذا ثبت، وذلك لان الملائكة مخلوقون لله تعالى، وهم قابلون للضرر اذا شاء الله تعالى، وقد جاء وصف موسى عليه السلام في القرآن بانه قوي أمين: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26]، فموسى نبي من عند الله تعالى، والملك مرسل من الله تعالى، فكلهم مخلوقون لله تعالى، ومما لا شك فيه ان الانبياء صلوات الله عليهم حالهم يختلف عن حال باقي البشر بما اتاهم الله تعالى من المعجزات الباهرة، والخوارق الكثيرة، واما ما يتعلق بفعل موسى عليه السلام من ضرب رجل غريب قد دخل داره من غير استاذان، فانه مباح، ومشروع، وذلك لأنه رأى رجلا غريبا في بيته لم يأذن له بدخوله، وقد اراد قبض روحه، فلطمه.
قال الحافظ ابن حجر:
" قَالَ بن خُزَيْمَةَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا إِنْ كَانَ مُوسَى عَرَفَهُ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْ فَقْءِ عَيْنِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ مَلَكَ الْمَوْتِ لِمُوسَى وَهُوَ يُرِيدُ قَبْضَ رُوحِهِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا بَعَثَهُ إِلَيْهِ اخْتِبَارًا وَإِنَّمَا لَطَمَ مُوسَى مَلَكَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ رَأَى آدَمِيًّا دَخَلَ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ إنه ملك الْمَوْت وَقد أَبَاحَ الشَّارِع فقء عَيْنِ النَّاظِرِ فِي دَارِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَدْ جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ إلى إبراهيم وَإِلَى لُوطٍ فِي صُورَةِ آدَمِيِّينَ فَلَمْ يَعْرِفَاهُمِ ابْتِدَاءً وَلَوْ عَرَفَهُمْ إبراهيم لَمَا قَدَّمَ لَهُمُ الْمَأْكُولَ وَلَوْ عَرَفَهُمْ لُوطٌ لَمَا خَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَهُ فَمِنْ أَيْنَ لِهَذَا الْمُبْتَدِعِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ ثُمَّ مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ طَلَبَ الْقِصَاصَ مِنْ مُوسَى فَلَمْ يُقْتَصَّ لَهُ ولخص الْخطابِيّ كَلَام بن خُزَيْمَةَ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ مُوسَى دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِ مِنَ الْحِدَّةِ وَأَنَّ اللَّهَ رَدَّ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ لِيَعْلَمَ مُوسَى إنه جَاءَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلِهَذَا اسْتَسْلَمَ حِينَئِذٍ "
فتح الباري – احمد بن علي بن حجر – ج 6 ص 442
وقد ذكرنا استشهاد الإمامية بهذه الرواية في كتبهم.
قال الاربلي: "وموسى عليه السلام لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه فأعوره"
كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج 2 - ص 82
وقال نعمة الله الجزائري:
"وفي حديث اخر ان موسى عليه السلام لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه فأعوره"
الانوار النعمانية – نعمة الله الجزائري – ج 4 ص 148
وقد ذكر الاربلي في قصة إبراهيم عليه السلام، وكيف إنه راى ملكا بصورة انسان وحاله مزرية.
قال الاربلي:
"وإبراهيم عليه السلام روى إنه سأل الله تعالى أن لا يميته حتى يسأله فلما استكمل أيامه التي قدرت له خرج فرأى ملكا على صورة شيخ فان كبير قد أعجزه الضعف وظهر عليه الخراف ولعابه يجرى على لحيته وطعامه وشرابه يخرجان من سبيله من غير اختياره فقال له يا شيخ كم عمرك؟ فأخبره بعمر يزيد على عمر إبراهيم سنة فاسترجع وقال أنا أصير بعد سنة إلى هذه الحال فسأل الموت"
كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج 2 ص 82
وورد عند الإمامية ان اربعة الاف ملك يبكون، وهم شعثا غبرا على قتل الإمام الحسين رضي الله عنه.
قال المجلسي:
"34 - كامل الزيارة: القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك يا ابن رسول الله كنت في الحير ليلة عرفة فرأيت نحوا من ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف رجل جميلة وجوههم طيبة ريحهم شديد بياض ثيابهم يصلون الليل أجمع فلقد كنت أريد أن آتي القبر وأقبله وأدعو بدعوات فما كنت أصل إليه من كثرة الخلق، فلما طلع الفجر سجدت سجدة فرفعت رأسي فلم أر منهم أحدا". فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: أتدري من هؤلاء؟ قلت: لا فقال: أخبرني أبي عن أبيه قال: مر بالحسين عليه السلام أربعة آلاف ملك وهو يقتل فعرجوا إلى السماء فأوحى الله تعالى إليهم: يا معشر الملائكة مررتم بابن حبيبي وصفيي محمد صلى الله عليه وآله وهو يقتل ويضطهد مظلوما " فلم تنصروه فانزلوا إلى الأرض إلى قبره فأبكوه شعثا " غبرا"
بحار الأنوار - المجلسي - ج 98 ص 61
فالملائكة في هذه الرواية تمثلوا للرائي بصورة البشر، وقد طرأ عليهم، التأثر، وتغيير الحال حالهم حال البشر.