تحاول بعض فرق الشيعة نشر أحاديث باطلة أو تفسير النصوص بشكل يسيء للنبي ﷺ ويشوّه سيرته، بهدف تحقيق أهداف فكرية وسياسية معينة. وهذه الفرقة الضالة لا تمثل الإسلام الصحيح، بل تُضلل الناس بعيدًا عن فهم السنة الصحيحة. في هذا المقال، نوضح الحقيقة حول حادثة نظر النبي ﷺ إلى امرأة أعجبته، وكيف قضى حاجته مع زوجته في إطار مشروع الزواج الشرعي، معتمدين على المصادر الموثوقة مثل صحيح مسلم، شروح النووي والمناوي، وكتب أهل السنة، لنكشف زيف مزاعم الشيعة ونبيّن أن كل فعل من النبي ﷺ كان مطابقًا للشرع ومعصومًا عن الذنب.

قال الإمام مسلم:

" 9 - (1403) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» "

صحيح مسلم - بَابُ نَدْبِ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَيُوَاقِعَهَا - ج 2 ص 1021

قال الإمام النووي:

" قَوْلُهُ (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رأى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) إِلَى آخِرِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بَيَانًا لَهُمْ وَإِرْشَادًا لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ فَعَلَّمَهُمْ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ "

شرح صحيح مسلم - أبو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 9 ص 178 – 179

قال الإمام ابن الجوزي:

" قَالَ ابْن قُتَيْبَة: تمعس: تدبغ، وأصل المعس الدَّلْك. والمنيئة: الْجلد مَا كَانَ فِي الدّباغ. "

كشف المشكل من حديث الصحيحين – ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ج 3 ص 103

وفي هذا لا توجد اي مخالفة شرعية، وذلك لان النظرة اذا وقعت من غير قصد فلا اثم فيها، والنبي صلى الله عليه واله وسلم رجل كباقي الرجال، وحاشاه من ارتكاب المحرم فداه ابي وامي، فاذا نظر الى امراة من غير قصد وتحركت نفسه لقضاء الشهوة، فقضى شهوته مع زوجته، فان هذا مما جعل الله فيه الاجر كما ثبت في الحديث النبوي عند الإمام مسلم من حديث ابي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: "وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ»"

صحيح مسلم - بَابُ بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ – ج 2 ص 697

وقال العلامة المناوي:

 " قال ابن العربي هذا حديث غريب المعنى لأن ما جرى للمصطفى صلى الله عليه وسلم كان سرا لم يعلمه إلا الله تعالى فأذاعه عن نفسه تسلية للخلق وتعليما وقد كان آدميا وذا شهوة لكنه كان معصوما عن الزلة وما جرى في خاطره حين رأى المرأة أمر لا يؤاخذ به شرعا ولا ينقص منزلته وذلك الذي وجد نفسه من الإعجاب بالمرأة هي جبلة الآدمية ثم غلبها بالعصمة فانطفأت وقضى من الزوجة حق الإعجاب والشهوة الآدمية بالاعتصام والعفة "

فيض القدير – محمد عبد الرؤوف المناوي – ج 2 ص 493

وقد ورد في كتب الإمامية عين الرواية التي يستشكل بها الرافضة على اهل السنة.

 قال محمد تقي المجلسي:

 " روى الكليني في القوي كالصحيح، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة فأعجبته فدخل إلى أم سلمة وكان يومها فأصاب منها وخرج إلى الناس ورأسه يقطر فقال: أيها الناس إنما النظر من الشيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله- وظاهر أن المراد نظرهم لا نظره عليه السلام"

روضة المتقين – محمد تقي المجلسي - ج 9 ص 436

وقال البحراني:

 " وروى في الكافي عن حماد بن عثمان " قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة فأعجبته فدخل على أم سلمة وكان يومها، فأصاب منها وخرج إلى الناس ورأسه يقطر، فقال: أيها الناس إنما النظر من الشيطان، فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله". أقول: في هذا الأخبار دلالة ظاهرة على ما تقدم من جواز كشف الوجه واليدين من المرأة الأجنبية، وعدم وجوب سترها، وإلا فلو كان النساء يومئذ مسترات مخمرات غير مسفرات لم يعلم حال الجميلة من القبيحة حتى يترتب عليه ما ذكر في هذه الأخبار، قوله صلى الله عليه وآله وسلم " إنما النظر من الشيطان " يعني حب النظر ومعاودته بعد حصول النطرة الأولى التي وقعت اتفاقا إذا ترتب عليها اللذة والفتنة. وأما قوله عليه السلام " فأعجبته " فإنه لا منافاة فيه لمقتضى مقامه صلى الله عليه وآله فإن استحسان الحسن واستقباح القبيح، والرغبة في الأول والنظرة من الثاني أمر جبلي وخلق بشري كما لا يخفي "

الحدائق الناضرة - البحراني - ج 23 ص 152

موضع الشبهة والرد عليها:

الشبهة:
تدعي بعض فرق الشيعة أن النبي ﷺ أمر الشمس أن تتأخر ساعة كاملة في النهار، ويستدلون بحديث ضعيف مروي عن جابر بن عبد الله، عبر أبو الزبير والوليد بن عبد الواحد، ويزعمون أن الحديث حسن أو صحيح، وأنه دليل على كرامة النبي ﷺ وقدرته على الغيب.

الرد العلمي:

هذا الحديث ضعيف جدًا أو موضوع لأسباب عدة:

أبو الزبير مدلس معروف، وقد ذكره الحافظ الذهبي في “الميزان” أنه يدلس ويعدل الأحاديث بطريقة غير موثوقة.

الوليد بن عبد الواحد مجهول، ولا توجد له تراجم في كتب الرجال المعتبرة.

محفوظ بن بحر معروف بالكذب وإرسال الأحاديث بطرق غير صحيحة.

بناءً على هذه العلل، فإن تحسين الحديث من قبل بعض الحافظين (الهيثمي، العسقلاني) غير صحيح، والسيوطي اكتفى بسكوت الإسناد، ولا يمكن الاعتماد عليه.

ما ثبت شرعًا من غيب متعلق بالأنبياء هو ما رواه الصحيحان عن حبس الشمس ليوشع عليه السلام فقط، وكل ما عدا ذلك لا يصح.

النبي ﷺ معصوم عن الخطأ في الدين وعن اختلاق الأحاديث، وما يذكر في مثل هذه الأحاديث المكذوبة يُنسب زورًا ولا يؤخذ به.