شبهة أن النبي نام ثم صلى ولم يتوضأ
كثيرًا ما يلجأ بعض علماء الشيعة وغيرهم إلى نشر أحاديث باطلة أو موضوعة عن النبي ﷺ والأئمة عليهم السلام بهدف الطعن في السنة النبوية وتشويه صورته الشريفة. ومن هذه الروايات ما يزعم أن النبي ﷺ نام ثم صلى دون وضوء. يهدف هذا المقال إلى تحقيق هذه الرواية من حيث سندها ومتنها، والرد على الشبهات المنسوبة للرسول ﷺ.
حدثنا علي بن عبد الله قال أخبرنا سفيان عن عمرو قال أخبرني كريب عن بن عباس رضي الله عنهما قال ثم بت ثم خالتي ميمونة ليلة فنام النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان في بعض الليل قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شن معلق وضوءا خفيفا يخففه عمرو ويقلله جدا ثم قام يصلي فقمت فتوضأت نحوا مما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره فحولني فجعلني عن يمينه ثم صلى ما شاء الله ثم اضطجع فنام حتى نفخ فأتاه المنادي يأذنه بالصلاة فقام معه إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ قلنا لعمرو إن ناسا يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه قال عمرو سمعت عبيد بن عمير يقول إن رؤيا الأنبياء وحي ثم قرأ ﴿ إني أرى في المنام أني أذبحك﴾ (رواه البخاري حديث رقم138).
قال الحافظ في الفتح:
«قوله: فصلى ولم يتوضأ. فيه دليل على أن النوم ليس حدثا بل مظنة الحدث لأنه صلى الله عليه وسلم كان تنام عينه ولا ينام قلبه فلو أحدث لعلم بذلك، ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم وربما لم يتوضأ، قال الخطابي: وإنما منع قلبه النوم ليعي الوحي الذي يأتيه في منامه» (فتح الباري1/238).
والآن إلى الإلزام للرافضي:
روى الرافضة أن إمامهم له علامات من بينها «أن غائطه وبوله وريحه كالمسك. ونجوه (فساؤه وضراطه وغائطه) كريح المسك» (الكافي1/388). فإذا كان كذلك فيلزم أن لا ينتقض وضوءهم بسبب الحدث.
إذا كان الرسول عندكم مطهرا معصوما فلماذا يتوضأ أصلا؟ يلزمكم ان تقولوا بأن الوضوء في حقه وحق الأئمة مستحب وليس واجبا.
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن الأشجعي ثنا أبي عن سفيان عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد قال: «أتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فتمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثلاثا ثم مسح برأسه ورجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يتوضأ. يا هؤلاء أكذاك؟ قالوا نعم لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده».
رواه أحمد في المسند1/476 حديث487 قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن
قلت: يبدو أن الشيعة لم يتجاهلوا القرآن المتضمن في حكمه للأرجل بالغسل بمقتضى قوله تعالى ﴿وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ بالنصب. وإنما تجاهلوا ما رواه البخاري عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي النبي «ثم غسل رجليه ثم غسل رجليه إلى الكعبين. فقال هكذا رأيت النبى e يتوضأ» (البخاري199).
بل تجاهلوا ما روته مصادرهم الحديثية التي صححوها. ومن ذلك ما رواه الكليني في كتاب الكافي:
«عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وأبي داود جميعا عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن الحسين بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا نسيت فغسلت ذراعك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه فإن بدأت بذراعك الايسر قبل الايمن فأعد غسل الايمن ثم اغسل اليسار وإن نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك» (الكافي للكليني3/35) قال المجلسي: «موثق» (مرآة العقول13/113) وصححه البهبودي(صحيح الكافي1/190). وانظر: (تهذيب الأحكام1/99و258 الإستبصار1/74 و227 وسائل الشيعة1/452 كتاب الطهارة للخوئي4/444).
وجاء في (مصباح المنهاج2/642) لمحمد سعيد الحكيم «فإنه وإن لزم حمل غسل الرجلين على التقية، إلا أن ذلك لا يسقطه عن الحجية في الترتيب الذي ورد لبيانه».
قلت: هذا تهريج منسوب زورا لأهل البيت يجعلهم كالفخفافيش ويجعلهم أشبه بروغان الثعالب. فهل هكذا كانت شخصية رسول الله في تبليغ أحكام الدين؟ بل هذا استخفاف بعقول الناس، ويتعذر معرفة أحكام الطهارة على الوجه الصحيح. وعلى كل حال هو احتمال والاحتمال ليس حجة على المخالف. فيكون خصم الرافضة أقوى حجة لأنه يحتج عليهم بقطعي السند قطعي الدلالة. وأما المحامل التقية ليست قطعية فهي كالحمل بلا ولادة.
أما بالنسبة لرواية عثمان فإنها غير محفوظة كما أكده الدارقطني. والروايات المتعددة عنه أثبتت الغسل وهي الموافقة للآية. وقد عهدنا الشيعة يرددون هذه المقولة «كل ما خالف القرآن ضربنا به عرض الحائط».
وننتظر أن يطبعوا قرآنا آخر يغيرون فيه لفظ (وأرجلكم) إلى الجر بدلا من النصب. فهل سوف يفعلون؟
الشبهة والرد عليها
الشبهة:
هل النبي ﷺ توضأ رغم كونه معصومًا، ولماذا صلى دون وضوء أحيانًا؟
الرد:
1) النوم ليس حدثًا يوجب الغسل أو الوضوء، وإنما مجرد مظنة للحدث.
2) الوضوء يكون على سبيل الاستحباب وليس الوجوب إذا كان النوم لا يُنقض الحدث.
3) القرآن الكريم بين الواجب في غسل الأعضاء المتوضئة: ﴿وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾، والنبي ﷺ طبق ذلك عند الحاجة (البخاري 199).
4) الروايات الشيعية حول الأئمة وغائطهم وبولهم كالمسك تظهر التناقض، إذ لو كان النبي ﷺ معصومًا تمامًا لكان وضوءه مستحبًا وليس واجبًا، وهذا الرد يثبت صدق النبي ﷺ وسلامة سنته.