أن النبي أحرق بالنار صحابيا كذب عليه
يستغل بعض علماء الشيعة الروايات الضعيفة والموضوعة لتشويه صورة النبي ﷺ والتشويش على السنة النبوية، ومن أبرز هذه الشبهات الادعاء بأن النبي ﷺ أصدر حكمًا بحرق صحابي بالنار. هذا المقال يهدف إلى تحليل هذه الرواية، بيان ضعفها، وتوضيح حقيقة الحكم الشرعي.
الرواية المزعومة:
عن علي بن مسهر عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه، قال:
"جاء رجل إلى قوم في جانب المدينة، فقال: إن رسول الله ﷺ أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفي أموالكم، وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه. ثم ذهب حتى نزل على المرأة، فبعث القوم إلى رسول الله ﷺ فقال: كذب عدو الله، ثم أرسل رجلاً فقال: إن وجدته حياً فاقتله، وإن وجدته ميتاً فحرقه بالنار، فانطلق فوجده قد لدغ فمات فحرقه بالنار. وعند ذلك قال رسول الله ﷺ: من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار."
تحليل الرواية
ضعف الإسناد:
في السند صالح بن حيان القرشي، وقد اتفق المحدثون على تضعيفه وجرحه.
مصادر: تهذيب التهذيب 4/386، تقريب التهذيب 1/427 رقم 2862، الجرح والتعديل 4/398 رقم 1739، كتاب المجروحين لابن حبان 1/365، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص135 رقم 311، تلخيص تهذيب الكمال ص170، الميزان 2/292.
كذلك الإسناد فيه اختلاط واضح بين الروايات كما ذكر الهيثمي (مجمع الزوائد 1/145).
خلاف أهل العلم:
شيخ الإسلام ابن تيمية أخطأ في تصحيحه (الصارم المسلول ص169).
الطبراني في الأوسط 3/59 ذكر أن الحديث لم يروه عن عطاء إلا وهيب بن خالد، واختلطت الروايات، وقد أورد أبو داود سماع الحديث بعد اختلاطه (نهاية الاغتباط ص241 رقم 71، تهذيب التهذيب 7/203 رقم 385).
الاستنتاج: الحديث موضوع ولا يُحتج به في حكم النبي ﷺ، ولا علاقة له بقول النبي: "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" إلا عمومًا، وليس خصوص هذه الرواية.
الشبهة والرد عليها
الشبهة: الادعاء بأن النبي ﷺ أمر بحرق صحابي متهم بالكذب.
الرد:
الحديث ضعيف ومختلط، لا يُحتج به عند علماء الحديث.
قوله ﷺ "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" عام لكل من يفعل ذلك عن قصد، وليس دليلًا على واقعة محددة.
الرواية تم توظيفها بشكل غير صحيح لتشويه السنة والحديث الشريف.
خلاصة المقال
الرواية المزعومة عن حرق صحابي موضوعة وضعيفة الإسناد.
قوله ﷺ "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" لا يستدل بها على هذه القصة.
أي استدلال بهذه الرواية هو تشويه متعمد للسنة النبوية.
المصادر
◘ ابن عدي – الكامل 4/1371.
◘ ابن الجوزي – المقدمة، الموضوعات 1/55.
◘ تهذيب التهذيب 4/386، تقريب التهذيب 1/427 رقم 2862.
◘ الجرح والتعديل 4/398 رقم 1739.
◘ كتاب المجروحين لابن حبان 1/365.
◘ الضعفاء والمتروكون للنسائي ص135 رقم 311.
◘ تلخيص تهذيب الكمال ص170.
◘ الميزان للذهبي 2/292.
◘ الصارم المسلول لابن تيمية ص169.
◘ الطبراني – الأوسط 3/59.
◘ أبو داود – نهاية الاغتباط ص241 رقم 71، تهذيب التهذيب 7/203 رقم 385.
الهيثمي – مجمع الزوائد 1/145.