الحديث المنسوب:

يُستشهد كثيرًا بهذا القول المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم:

"مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق".

وقد رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 37)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 168)، وقال في تعليقه: في إسناده عبد الله بن داهر والحسن بن أبي جعفر وهما متروكان.

طرق رواية الحديث:

يروى هذا الحديث من ثلاث طرق عن الصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه، وكلها ضعيفة بل شديدة الضعف:

الطريق الأول: وفيه المفضل بن صالح الأسدي أبو جميلة، وهو من المتروكين في الرواية.

الطريق الثاني: رواه الطبراني، وفي سنده عبد الله بن داهر، وقد قال الهيثمي عنه: متروك.

الطريق الثالث: أيضًا عند الطبراني، ويتضمن الحسن بن أبي جعفر، وذكر الهيثمي كذلك أنه متروك.

إذن، الحديث من حيث السند لا يصح، وجميع طرقه التي وصلتنا إما ساقطة أو موضوعة، مما يضعف الاعتماد عليه كأساس عقدي أو دليل شرعي.

 

تفنيد مضمون الحديث وانحراف التطبيق:

حتى لو افترضنا -جدلًا- أن الحديث فيه شيء من الصحة، فإن الواقع العقدي والتطبيقي الذي يُبنى عليه اليوم عند طوائف من الناس لا يمتّ إلى مضمون التوحيد بصلة، بل هو مخالف له من جهات متعددة:

الله عز وجل أخبر في القرآن أن الذين يُخلصون له الدعاء في البحر يُنجيهم، فقال:

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ، وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ.... دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.

فلما أنجاهم إلى البر عاد أكثرهم إلى الشرك.

أما "سفينة النجاة" التي يتحدثون عنها، فقد أُغرقت بممارسات تضاد جوهر التوحيد، من ذلك:

الاستغاثة بالأموات من دون الله.

الطواف بالقبور بدلًا من الطواف بالكعبة.

أكل التراب، والاعتقاد أن "الطين شفاء"، بدلًا من التداوي المشروع.

القفز في عاشوراء والضرب بالسلاسل، تحت دعوى الولاء.

هذه ليست سفينة نوح، بل هي سفينة قراصنة تسوق أتباعها إلى الغرق في بحار الشرك والخرافة، لا إلى بر الأمان.

عن الدين الحق وأساس النجاة:

الدين الذي أنزله الله قائم على التوحيد الخالص والإخلاص له وحده، لا على التعلق بالبشر، أحياءً كانوا أو أمواتًا.

وإذا زعم بعضهم أن "سفينة النجاة" لا تتحرك إلا عبر كتبهم ومعتقداتهم، فنسألهم:

أين صحاح الحديث لديكم؟

ليس لديكم كتاب حديث معتبر جامع تُجمعون عليه كما في "الصحاح" عند أهل السنة.

ماذا عن القرآن؟

عندكم روايات كثيرة بل اعترافات علماء تقرّ بأن القرآن قد حُرّف، كما قرر ذلك نعمة الله الجزائري وغيره من كبار علماء الطائفة.

فكيف لسفينة مخرومة، بلا مجداف، تتقاذفها أمواج التحريف والخرافة، أن تصل بأهلها إلى شاطئ النجاة؟!