تُشكّل حادثة بني قينقاع إحدى المحطات المهمة في تاريخ المدينة النبوية، حيث كشفت طبيعة الولاء والبراء في المجتمع المسلم الأول، وأظهرت كيف تعامل النبي ﷺ مع الخيانة الداخلية والتحالفات المخالفة لمبدأ الأمة. كما أبرزت مواقف الصحابة -وعلى رأسهم عبادة بن الصامت- الذين قدّموا الولاء لله ورسوله على الولاءات القبلية. ويستعرض المقال هذه الوقائع في ضوء الروايات التاريخية التي تنقلها أيضًا مصادر شيعية، بما ينسف دعاوى حصر «الولاية» أو «أولياء الله» في أشخاص مخصوصين، ويثبت أن مصطلح الولاية في القرآن ذو معنى شرعي عام، لا يتوافق مع التأويل الإمامي الضيق.

وكان اللواء بيد حمزة رضي الله عنه، فقذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله ﷺ على أن تكون لهم أموالهم، وأن تُترك لهم النساء والذرية. فأمر ﷺ المنذرَ بن قدامة بتكتيفهم. وكَلَّمَ عبدُ الله بن أُبيّ بن سلول رسولَ الله ﷺ فيهم، وألحَّ عليه، فأمر ﷺ أن يُحَلّوا، وتركهم من القتل، وأمر بإجلائهم من المدينة، فلحقوا بـ أذرعات من أرض الشام، وأخذ من حصنهم سلاحًا وآلةً كثيرة.

 

من كتاب كحل البصر فيسيرة سيد البشر الشيخ عباس القمي صــ120:

النص في الكتاب:

وكان اللواء بيد حمزة رضي الله عنه، فقذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله ﷺ على أن تكون لهم أموالهم، وأن تُترك لهم النساء والذرية.
فأمر ﷺ المنذرَ بن قدامة بتكتيفهم.

وكَلَّمَ عبدُ الله بن أُبيّ بن سلول رسولَ الله ﷺ فيهم، وألحَّ عليه، فأمر ﷺ أن يُحَلّوا، وتركهم من القتل، وأمر بإجلائهم من المدينة، فلحقوا بـ أذرعات من أرض الشام، وأخذ من حصنهم سلاحًا وآلةً كثيرة.

وكانت بنو قينقاع حلفاءَ لعبد الله بن أُبيّ وعبادة بن الصامت، فتبرّأ عبادة من حلفهم وولايتهم، فنزل فيه وفي عبد الله قوله تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة، الآية ٥١]