السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ورد في بعض المنتديات والكتب الشيعية المتداولة حديث نسب إلى النبي ﷺ، نصه:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
«{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}،
أتدري من هم يا ابن أم سليم؟ قلت: من هم يا رسول الله؟
قال: نحن أهل البيت الذكر، وشيعتنا ذكر الثقلين، وإنهما لقرينان لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
ويُقال إن هذا الحديث أخرجه علماء من أهل السنة، منهم الحافظ أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله (ت430هـ) في كتابه "منقبة المطهرين"، حيث نقل حديث الثقلين عن عدد من الصحابة، ومن بينهم: أبو سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك. وقد سبق بيان حديث أبي سعيد، كما ورد عن زيد بن أرقم، ويزعم ناقلو هذا النص أن الرواية جاءت بهذا اللفظ عند أنس بن مالك.
غير أن هذا الحديث غير موجود بهذا النص في كتب الحديث المعتمدة لدى أهل السنة، بل لا يُعرف في كتب التخريج بهذا الترتيب واللفظ، وإنما هو تركيب ودمج غير ثابت.
الجواب عن هذه الرواية المشبوهة:
عند التمحيص، يتبيّن أن هذا الحديث لا أصل له في دواوين السنة المشهورة، وليس له سند ثابت. وما نُقل منسوبًا لأبي نعيم الأصبهاني لم يُذكر في كتبه المطبوعة المشهورة مثل "حلية الأولياء" أو "دلائل النبوة" أو "معرفة الصحابة"، بل وكتاب "منقبة المطهرين" نفسه ليس من الكتب المتداولة أو المعتمدة.
ومن هنا فإن هذا النص المزعوم لا يصح الاعتماد عليه، لا سندًا ولا متناً، ولا يُعرف عند المحدثين بهذا الترتيب.
كذب الرافضة في دعوى محبتهم لأهل البيت:
الغريب أن الرافضة يدّعون محبة أهل البيت، وهم يروون في كتبهم طوامّ لا يمكن لعاقل تصديقها. كيف يَدّعون محبة أهل البيت، ثم يروون أن أحد أبرز رواتهم – زرارة بن أعين – يقول عن الإمام جعفر الصادق ما نصه:
"فلما خَرَجْتُ ضَرَطْتُ في لِحْيته، وقلت لا يفلح أبداً."
هذا الكلام المشين نُقل في كتبهم المعتبرة كـ"رجال الكشي" و"تنقيح المقال" للمامقاني، وقد ذكر الخوئي أن مرويات زرارة تبلغ أكثر من 2490 مورداً!
فهل هذا هو الاحترام والمحبة؟ أجَلّ الله أئمة آل البيت عن هذه الافتراءات!
موقف أهل السنة من آل البيت:
أما أهل السنة والجماعة، فقد أحبوا أهل البيت كما أمر الله ورسوله، من غير غلو ولا جفاء. وقد رووا في أصح كتبهم فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت.
فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي ﷺ:
«لأعطينّ الراية غدًا لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله».
وهذا أعظم وسام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
كذلك جاء في الصحيح:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».
وفي صحيح مسلم:
«والذي فلق الحبة وبرأ النسمة؛ إنه لعهد النبي الأمي إليّ: لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق».
فلو كان أهل السنة نواصب – كما يزعم الرافضة – لما نقلوا هذه الفضائل في أعظم كتبهم، ولا افتخروا بها، ولا تلقوها بالقبول.
تحدٍ واضح للرافضة:
الكاتب يُوجّه تحديًا صريحًا للرافضة: أن يأتوا بحديث صحيح الإسناد، يروونه وفق شروطهم في الحديث الصحيح – وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الإمامي عن مثله بلا شذوذ ولا علة – عن علي رضي الله عنه، يذكر فضيلة واحدة له.
فإن عجزوا عن ذلك – كما هو الواقع – تبين أن أهل السنة هم أهل الوفاء والمحبة الحقيقية لآل البيت، بينما جمع الرافضة بين الرفض للحق والنصب للصحابة والمؤمنين.