مقام النبوة وحرمة الافتئات عليه:

من الثوابت القطعية في العقيدة الإسلامية أن النبوة منصب إلهي محض، لا يُكتسب ولا يُنال بالاجتهاد، وإنما هو اصطفاء إلهي، كما قال الله تعالى:

﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: 75].

وقد ختم الله النبوة والرسالة بنبينا محمد ﷺ، كما جاء في قوله تعالى:

﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40].

لذا فإن أي دعوى للنبوة بعده ﷺ، أو القول بأن أحدًا يساويه أو يفضُل عليه، أو أن الوحي أخطأ في تبليغه، هي ضلالة كبرى وكفر صريح، تُناقض أصول التوحيد والنبوة.

عقائد شاذة وخطيرة عند بعض فرق الشيعة

لقد ظهرت عند بعض فرق الشيعة الغالية أقوال تخرج عن الإسلام بالكلية، منها:

الزعم بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مرتبة النبوة أو أعلى منها.

والقول بأن جبريل عليه السلام قد أخطأ فنزل بالوحي على محمد بدلًا من علي، وهذا قول طائفة من الغلاة يُعرفون بـ"الغرابية".

وقد انتسبت هذه العقائد إلى فرق شاذة كـ"الغرابية" و"السبئية"، وهي فرق أجمع العلماء على كفرها وخروجها من الإسلام، لأنها:

تطعن في حكمة الله وعدله باختيار النبي ﷺ.

تطعن في عصمة الوحي وجبريل عليه السلام.

ترفع بشرًا إلى مقام التشريع والوحي.

قال العلماء:

"من ادعى النبوة لنفسه، أو لأحد بعد محمد ﷺ، أو زعم أن جبريل خانه أو أخطأ، فهو كافر قطعًا"

وجاء في فتوى هيئة كبار العلماء:

"الشيعة فرق كثيرة، ومن قال منهم إن عليًا في مرتبة النبوة، أو أن جبريل أخطأ فنزل على محمد ﷺ بدلًا من علي، فهو كافر".

حكم عوام الرافضة الإمامية الإثني عشرية

من الطوائف الشيعية الكبرى المعاصرة: الإمامية الإثني عشرية، وهم الأكثر انتشارًا اليوم،

 ويُنسب إليهم:

سب الصحابة وتكفيرهم.

الغلو في الأئمة وادعاء العصمة لهم.

تحريف بعض معاني القرآن.

استحلال دماء وأعراض أهل السنة.

وقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم عوامهم: هل يُلحقون بعلمائهم وأئمتهم في الحكم، أم يُفرّق بين القادة والأتباع؟

منهج أهل السنة في الحكم على الأتباع

الأصل أن من شايع أهل الكفر أو الضلال، ورضي بأقوالهم وأفعالهم، ودافع عنهم، فإنه يُلحق بهم في الحكم، كما قال الله تعالى:

﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب: 67]
﴿فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [المؤمنون: 41]

فتوى اللجنة الدائمة

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء:

"من شايع من العوام إمامًا من أئمة الكفر والضلال، وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغيًا وعدوًا، حكم له بحكمهم كفرًا وفسقًا". [فتاوى اللجنة الدائمة، ج2، ص 86 – 87]

وأوردت اللجنة استدلالات كثيرة من القرآن تؤكد أن الاتباع الأعمى والتعصب للباطل لا يُعذر به صاحبه، بل يُشارَك في الإثم والعذاب.

هل هناك تفصيل في حكم العوام؟

نعم، قد يُنظر إلى بعض الأحوال والملابسات، فيُفرّق بين من:

♦ بلغه العلم والحق، وقامت عليه الحجة، وأصر على الضلال، فحكمه كحكم قائده.

ومن كان جاهلًا يعيش في بيئة تعصّب وانغلاق، ولم يُبلّغ بحقيقة الإسلام، فهذا يُعد من أهل الجهل المعذورين ابتداءً، ويُبيّن له الحق أولًا.

لكن يجب الحذر من جعل هذا التفصيل ذريعة للتساهل في مسائل الكفر والبدعة، خاصة مع من:

يظهر شعائر الكفر والرفض.

يطعن في الصحابة.

ينتصر للباطل.

يعادي أهل السنة.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"كل طائفة تنتسب إلى الإسلام، وتكفر أهل الحق، وتستحل دماءهم وأموالهم، وتوالي أعداء الله، فهي كافرة بحسب حالها، وأتباعها في حكم قادتها إن شايعوهم وأظهروا معتقدهم".

خاتمة

إن الواجب على المسلم أن يُعظّم مقام النبوة، ويحذر من الغلو في الأشخاص أو الفرق، وأن يُزن الأقوال والأعمال بميزان الشرع لا بالعاطفة. ومن وقع في شبهات الغلاة أو اتبعهم بجهل، فعليه أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى منهج السلف الصالح، الذين جمعوا بين العلم والعمل، والاتباع الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قال الإمام مالك رحمه الله: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.