الحمد لله الذي أمر بلزوم صراطه المستقيم، ونهى عن الانحراف والافتراق في الدين، وأمر بكشف أهل الباطل لئلا يُغترّ بهم الجاهلون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين.

 أما بعد:

الوصية بالتقوى

أيها الإخوة المسلمون، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131].

لسنة الاختلاف في الأمم وأثرها في العقيدة

لقد بيّن الله عز وجل أن الاختلاف بين الناس سنة كونية لا بد منها، فقال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118–119].

وقد أخبر النبي ﷺ أن هذا الاختلاف سيمتد إلى أُمته، فقال عليه الصلاة والسلام:

«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة». قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: «الجماعة»
رواه ابن ماجه (3992).

وقال ﷺ:

«من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وأحمد (17145).

الرافضة: أبرز الفرق الضالة

لقد ظهرت في الأمة الإسلامية فرق كثيرة منحرفة، لكن من أخطرها فرقة الرافضة، التي تميزت عن غيرها من الفرق بأربعة أمور لم تُشاركها فيها غيرها من الفرق:

  ا-  1لغلو المفرط

الغلو مجاوزة الحد، وقد غلَت الرافضة في محبتهم لأئمتهم غلوًا فاحشًا، وخاصة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث زعمت طائفة منهم أن عليًّا هو الإله، وكانوا يسجدون له. وقد ورد في صحيح البخاري أن عليًا أحرق من فعل ذلك.

بل ذهب بعضهم إلى تأليه الأئمة وتقديسهم تقديسًا لا يقبله عقل ولا شرع. يقول الشهرستاني عن غلاتهم:

"هؤلاء غلوا في أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقة، وحكموا فيهم بأحكام الآلهة".

وقال الخميني إمامهم المعاصر:

"إن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل"
📚 الحكومة الإسلامية، ص: 52.

ويقول أحد شعرائهم المعاصرين ويدعى إبراهيم العاملي:

أبا حسنٍ أنت عين الإله=وعنوان قدرتِه السامية

وأنت المحيط بعلم الغيوب =فهل تعزبنّك من خافية

وأنت مدير رحى الكائنات=ولك أبحارها الجارية

لك الأمر إن شئت تحيا غدًا=وإن شئت تشفع بالناصية

ولا يخفى على من شاهد ما يقومون به في كربلاء والنجف، أو ما يفعلونه في يوم عاشوراء، من المظاهر الوثنية والانحراف العقائدي، صحة هذا الوصف بالغلو.

وأما غلوهم في البغض، فإنهم يلعنون خيار هذه الأمة، على رأسهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، بل ويقذفون أم المؤمنين عائشة بما برأها منه القرآن في سورة النور.

كما يُكفّرون أهل السنة ويستبيحون دماءهم وأعراضهم وأموالهم، كما حدث ويحدث في إيران والعراق، حين تمكّنوا من مقاليد الحكم بمساعدة الاحتلال الأمريكي، فانتهكوا حقوق أهل السنة بأبشع الوسائل.

2- الكذب على الله ورسوله والمؤمنين

من أخطر انحرافاتهم زعمهم ما يسمى بـ عقيدة البداء، أي أن الله يتراجع عن علمه أو يظهر له أمرٌ جديد! ويزعمون أن جعفر الصادق قال:

"ما عُظِّم الله بشيء مثل البداء" أصول الكافي 1/148.

ويزعمون أن القرآن الكريم محرّف، وأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حذفَا آيات وأحكاما، وأن عندهم مصحف فاطمة، وهو ثلاثة أضعاف المصحف المعروف عند المسلمين.

كذلك ادعوا كذبًا أن النبي ﷺ أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب، وهو ادعاء باطل يخالف التواتر والسنة.

كما افتروا على آل البيت، خاصة علي وفاطمة والحسن والحسين، ونسبوا إليهم معتقداتهم الكفرية، وهم منها براء.

 3- الحقد الأسود

لقد أظهرت أفعال الرافضة أن حقدهم على أهل السنة عميق ومتجذر، وما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي، وفي إيران منذ ثورة الخميني، شاهد صريح.

كتبهم تُبطن هذا الحقد وتصرّح به، فهم ينتظرون خروج مهديهم ليثأر من "أعداء آل البيت"، وهم في نظرهم أهل السنة جميعًا.

4-  التقيّة: الخداع العقدي

التقية ركن من أركان مذهبهم، وهي أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن، حتى مع أعدائه. وقد نسبوا إلى جعفر الصادق أنه قال:

"التقية ديني ودين آبائي" أصول الكافي، 2/219، باب التقية.

كما جاء في روضة الكافي:

"وعليكم بمجاملة أهل الباطل... إياكم ومماظتهم... فإنه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم بالكلام بالتقية" روضة الكافي، 8/1.

وبذلك يتعاملون مع المسلمين بنفاق ظاهر، يُظهرون التودد ويبطنون العداء، ويعدّون ذلك عبادة يتقربون بها.

الخاتمة

هذه العقائد الأربع: الغلو – الكذب – الحقد – التقية، جعلت الرافضة من أخطر الفرق على الإسلام والمسلمين، وسببًا في الفتن الداخلية والطعن في رموز الأمة، والتحريف في أعظم ثوابت الدين: القرآن والسنة والعقيدة.

وعليه فإن الواجب على المسلمين:

  • التمسك بالقرآن والسنة بفهم السلف الصالح.
  • التحذير من الفرق الضالة وأخطرها الرافضة.
  • نشر الوعي العقائدي وتعريف الشباب بحقيقة هذه الطائفة.
  • الرد على شبهاتهم علميًا وشرعيًا بهدوء وبالحجة.

قال الإمام مالك: "من سب الصحابة فليس له في الإسلام نصيب".
وقال الإمام الشافعي: "ما رأيت أحدًا أكذب من الرافضة".

المصادر

1- ابن ماجه، السنن (3992).

2- أبو داود، السنن (4607).

3- الترمذي، السنن (2676).

4- أحمد، المسند (17145).

5- الخميني، الحكومة الإسلامية، ص 52.

6- إبراهيم العاملي، ديوان شعره في علي بن أبي طالب.

7- الكليني، أصول الكافي (2/219).

8- الكليني، *روضة الك