يتناول هذا المقال الجذور التاريخية واللغوية لتسمية "الرافضة"، ويوضح معناها في اللغة والاصطلاح، مع استعراض أقوال كبار العلماء مثل الإمام أحمد وابنه عبد الله، وشيخ الإسلام ابن تيمية، حول هذه التسمية. كما يستعرض المقال موقف الرافضة من الصحابة الكرام، خاصة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ويبيّن سبب إطلاق هذه التسمية عليهم بعد فتنة زيد بن علي، إضافة إلى توضيح الفرق بين مصطلحي "الرافضة" و"الشيعة".

أصل تسمية الرافضة:

يرجع أصل تسمية "الرافضة" إلى الكلمة العربية "الرفض"، التي تعني الترك والهجر. ويقال: "رفضت الشيء"، أي تركته وتخليت عنه. أما في الاصطلاح الشرعي، فقد أطلق هذا الاسم على فرقة من المتشيعين الذين يتبرؤون من جملة أصحاب النبي ﷺ، ويطعنون فيهم، ويكفرون أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، بل ويسبّونهم علانية، وهو ما ميّزهم عن سائر الفرق المنتسبة إلى الإسلام.

قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – في وصفهم:

"الرافضة: هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد رسول الله ﷺ، ويسبّونهم وينتقصونهم".

كما نقل عنه ابنه عبد الله قوله:

"سألت أبي من الرافضة؟ فقال: الذين يسبّون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما".

وعرّفهم الإمام أبو القاسم التيمي، المعروف بلقب "قوام السنة"، بأنهم الذين يطعنون في الشيخين الجليلين، أبي بكر وعمر، ويعادون من يحبّهما ويرضى عنهما.

ومن اللافت أن طعن الرافضة في الشيخين أمر تفرّدوا به دون سائر الفرق، وقد عدّ العلماء هذا من أعظم مظاهر الضلال والخذلان.

 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –:

"فأبو بكر وعمر أبغضتهما الرافضة ولعنتهما، دون غيرهم من الطوائف".

وتشهد كتبهم الخاصة على هذا العداء، حيث يربطون بين "الناصب" – وهو مصطلح يطلقونه على من لا يتبرأ من الشيخين – وبين الإيمان بإمامتهما. فقد ورد في رواية عن الدرازي عن الإمام علي بن محمد – عليه السلام – قوله:

"من قدّم الجبت والطاغوت (في إشارة إلى أبي بكر وعمر) واعتقد إمامتهما، فهو ناصب".

أما سبب تسميتهم بـ"الرافضة" تحديداً، فترجّح أقوال المحققين أنها تعود إلى واقعة تاريخية وقعت في زمن زيد بن علي، حفيد الحسين بن علي رضي الله عنه. عندما خرج زيد ثائراً على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك عام 121 هـ، أيده بعض الشيعة، لكنه لما علم أنهم يسبّون الشيخين، أنكر عليهم هذا الفعل. وعندما رفضوا التوقف، قال لهم:

"رفضتموني!"، فاشتهروا بعد ذلك بهذا الاسم، "الرافضة".

هذا الرأي تبنّاه كبار العلماء، أمثال: أبو الحسن الأشعري، الرازي، قوام السنة، الشهرستاني، وابن تيمية.

وفي قول آخر، يرى الأشعري أن التسمية جاءت بسبب رفضهم لإمامة أبي بكر وعمر، حيث قال:

"إنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر".

ورغم أن هذا الاسم اشتهر تاريخياً، إلا أن أتباع هذه الفرقة لا يرضون به اليوم، بل يرونه لقباً انتقاصياً أطلقه خصومهم. يقول محسن الأمين:

"الرافضة لقب ينبز به من يقدّم علياً – رضي الله عنه – في الخلافة، وأكثر ما يُستعمل بغرض التشفي والانتقام".

ولهذا يسمّون أنفسهم "الشيعة"، وهي تسمية أوسع وأشمل، لكن كثيراً من الباحثين يؤكدون أن "الرافضة" هو الوصف الأدق لمن يطعن في الصحابة ويرفض إمامة الشيخين، بغض النظر عن تسمياتهم الذاتية.