تعريف نكاح المتعة:

نكاح المتعة هو أن يعقد الرجل على امرأة مقابل مال معلوم لمدة مؤقتة متفق عليها، دون التزام شرعي مستمر، ولا يتضمن طلاقًا أو ميراثًا بين الطرفين، فإذا انتهت المدة فلا سبيل له عليها.

قال الجرجاني في "التعريفات": المتعة نكاح مؤقت بمدة معلومة، مقابل مال معلوم.

[انظر: التعريفات للجرجاني، ص 246]

 

تحريم نكاح المتعة في القرآن الكريم:

قال الله تعالى في وصف المؤمنين:

﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۝ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۝ فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾[المؤمنون: 5-7]

واستدل الإمام الفخر الرازي بهذه الآية على تحريم نكاح المتعة، لأنه لا يدخل في مفهوم الزوجية ولا في ملك اليمين، ولا يترتب عليه توارث.

"لو كانت المتعة زوجة، لثبت بها التوارث، لقوله تعالى: ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾، فلما انتفى التوارث دل على أنها ليست زوجة، وإذا لم تكن زوجة فهي حرام".
[تفسير الرازي، 23/262]

 

تحريم نكاح المتعة في السنة النبوية:

أجمعت الأحاديث النبوية الصحيحة على أن نكاح المتعة أُبيح لفترة محدودة لأجل الضرورة ثم نُسخ تحريمه، ومن ذلك:

حديث علي بن أبي طالب: "نهى رسول الله ﷺ عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر".
[البخاري 5115، مسلم 1407]

عن سبرة الجهني: قال النبي ﷺ:

"كنت أذنت لكم في الاستمتاع، ألا وإن الله قد حرّمها إلى يوم القيامة". [رواه مسلم 1406]

حديث عبد الله بن مسعود:

"كنا نغزو مع رسول الله... فرخّص لنا بالمتعة، ثم نهانا عنها يوم خيبر". [عبد الرزاق 14048]

علي بن أبي طالب قال:

"نسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث". [عبد الرزاق 14046]

إجماع الصحابة والعلماء على تحريم نكاح المتعة:

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام:

"لا نعلم أحدًا من الصحابة كان يترخص في المتعة بعد النبي ﷺ سوى ابن عباس، ثم رجع عن قوله". [الناسخ والمنسوخ، ص 82]

كما قال الإمام الشافعي:

"نكاح المتعة باطل ويفسخ". [الأم، 4/121]

وقال ابن المنذر:

"ثبت عن النبي ﷺ تحريم المتعة، وإجماع العلماء على ذلك، ولا نعلم أحدًا يُجيزها اليوم سوى بعض الرافضة".

[الإشراف، 5/71]

 

أقوال التابعين:

سعيد بن المسيب:

"نسخها الميراث"، وقال أيضًا: "لولا نهي عمر عن المتعة لصار الزنا علنًا". [مصنف عبد الرزاق، 14045]

عروة بن الزبير:

"نكاح المتعة بمنزلة الزنا".[الناسخ والمنسوخ، 130]

تراجع ابن عباس عن رأيه في المتعة:

قال:

"كانت رخصة كالدم والميتة، ثم أحكم الله الدين بعدها".
[مصنف عبد الرزاق، 14033]

وقال أيضًا:

"هي كالميتة، والدم، ولحم الخنزير". [الناسخ والمنسوخ، 139]

 

أقوال الأئمة الأربعة والفقهاء:

  • مالك: المتعة باطلة.
  • الشافعي: تفسخ المتعة.
  • أحمد: لا يجوز نكاح مؤقت.
  • أبو حنيفة: المتعة غير جائزة، وتُعامل كنكاح فاسد.

[راجع: مختصر الخرقي، المحلى، شرح الطحاوي، التفريع، الفتاوى الكبرى]

 

نكاح المتعة في كتب الشيعة:

رغم تمسك الشيعة الإمامية بإباحة المتعة، إلا أن كتبهم المعتمدة تحوي روايات صريحة في تحريمها، منها:

عن علي بن أبي طالب:

"حرّم رسول الله ﷺ يوم خيبر لحوم الحُمُر الأهلية، ونكاح المتعة".
[تهذيب الأحكام للطوسي، 2/186، الاستبصار، 3/142]

عن جعفر الصادق:

"لا تدنس نفسك بها".[بحار الأنوار، 100/318]

 

رد علماء الشيعة على الروايات الصحيحة بحجة "التقية":

صرّح الحر العاملي أن ما ورد من روايات تحرم المتعة في كتبهم، يُحمل على التقية، لأنها تخالف ما يعتبرونه "من ضروريات المذهب"![وسائل الشيعة، 14/441]

كما قال يوسف البحراني:

"لم يُعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج أخبارهم بأخبار التقية". [الحدائق الناضرة، 1/5]

هل يجوز نكاح المتعة عند أحد من المسلمين اليوم؟

الإجماع منعقد بين جميع أهل السنة على أن المتعة محرمة ومنسوخة. وأقوال العلماء كالحافظ ابن حجر، النووي، الطحاوي، ابن المنذر، ابن الجوزي، ابن تيمية، وغيرهم تؤكد على ذلك.

قال النووي:

"انعقد الإجماع على تحريمها، ولم يخالف إلا طائفة من المبتدعة".[شرح صحيح مسلم، 9/179]

 

الخلاصة:

نكاح المتعة شُرع في أول الإسلام لحاجة وضرورة، ثم حرمه النبي صلى الله عليه وسلم تحريمًا مؤبدًا، وأجمعت الأمة على ذلك. وأئمة أهل البيت بريئون من نسبة القول بإباحة المتعة إليهم، بل قد ثبت عن علي وجعفر الصادق ومحمد الباقر أقوال تدل على تحريمها، وهو ما يجعل استمرار تمسك الشيعة الإمامية بإباحتها طعنًا في الشريعة وإجماع الأمة، ونسبة الكذب إلى آل البيت رضوان الله عليهم.

 

مصادر رئيسية:

جميع المصادر المذكورة في النسخة الأصلية محفوظة وموثقة، منها:

  • صحيح البخاري، مسلم
  • مصنف عبد الرزاق، أبو عبيد، ابن أبي شيبة
  • تفسير الرازي
  • الأم، المحلى، شرح الطحاوي، شرح النووي
  • تهذيب الأحكام، الاستبصار، وسائل الشيعة، بحار الأنوار
  • الناسخ والمنسوخ
  • وغيرها كثير من كتب السنة والفقه المعتمدة.