الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد:

فإن العقيدة الإسلامية الصافية التي جاء بها النبي محمد ﷺ تقوم على أركان واضحة وثوابت لا تقبل التبديل أو التحريف، ومن أخطر الانحرافات التي واجهت الأمة الإسلامية عبر تاريخها الطويل ما ظهر في مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية من خلل جوهري في الأصول العقدية الكبرى. وفي هذا الجزء من سلسلة "لماذا لم أتشيع؟" للشيخ الدكتور أحمد عبد الرحمن النقيب، نسلّط الضوء على الانحرافات العقائدية الصارخة في خمسة أصول: توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، والإيمان بالرسل، والإيمان بالملائكة، وموقفهم من القرآن الكريم.

أولًا: الانحراف في توحيد الأسماء والصفات

عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات تقوم على الإيمان بما وصف الله به نفسه، وما وصفه به نبيه ﷺ، من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تأويل ولا تمثيل. أما عند الشيعة الإمامية، فقد بلغ الغلو أن جعلوا أئمتهم هم الأسماء الحسنى! حيث ورد في تفسيرهم لقوله تعالى:
﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: 180]، قول جعفر الصادق:

"نحن والله الأسماء الحسنى..." ([مكيال المكارم 1/49]).

بل لم يتوقف الغلو عند هذا الحد، بل عدّوا كلمة "آه" من أسماء الله! حيث قال أبو عبد الله كما في "التوحيد" لابن بابويه القمي (ص 219):

"آه اسم من أسماء الله، فمن قال: آه فقد استغاث بالله".

ثم انتقل الإلحاد عندهم إلى أسماء فارسية، يُطلقونها على الله تعالى، مثل: "هرمزد روز"، "ديبار روز"، "ديمهر روز"، و"سروش" – وكلها أيام بالفارسية ([بحار الأنوار 56/316–322]).

ثانيًا: الانحراف في توحيد الألوهية

توحيد الألوهية – عند أهل السنة – هو إفراد الله تعالى بأفعال العباد من دعاء ونذر وذبح ورجاء وخوف وطواف وغيرها، وعدم صرف أي من هذه العبادات لغير الله.

أما في الفكر الإمامي، فقد تحول التوحيد إلى الإيمان بالإمام! فمن أنكر إمامة علي وأولاده فهو كافر مخلد في النار، ولو جاء بعمل سبعين نبيًا، كما جاء في رواية عندهم:

"ما بال أقوام إذا ذكر آل محمد اشمأزت قلوبهم... لو أن عبدًا جاء بعمل سبعين نبيًا، ما قبل الله ذلك حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي" ([بحار الأنوار 27/105]).

بل جعلوا جحد الإمامة كفرًا، والشرك يكون إذا شُرك مع الإمام غيره! كما في الكافي:

"من نصّب معه شيئًا كان مشركًا، ومن جاء بولايته دخل الجنة" ([الكافي 1/277]).

ثالثًا: الانحراف في الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل عند المسلمين يتضمن الاعتراف بنبوتهم وبشريتهم، وأنهم معصومون في التبليغ، لكنهم ينسون ويخطئون ويتوبون. أما الشيعة، فالأئمة – عندهم – معصومون كسائر الأنبياء، بل أعلى مقامًا من أكثرهم،

حيث يقول المفيد:

"إن الأئمة معصومون كعصمة الأنبياء" ([أوائل المقالات ص65]).

ويقول الخميني:

"لأئمتنا مقام لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبي مرسل" ([الحكومة الإسلامية ص52]).

وبعض علمائهم كنعمة الله الجزائري بالغوا فصرّحوا بأفضلية الأئمة على جميع الأنبياء حتى أولي العزم، فقال:

"أكثر المتأخرين إلى أفضلية الأئمة على أولي العزم وغيرهم، وهو الصواب" ([الأنوار النعمانية 1/32]).

رابعًا: الإيمان بالملائكة... والانحراف المريع

فيما يخص الملائكة، فإن الشيعة تجاوزوا التوحيد ليجعلوا الملائكة أنفسهم خاضعين للأئمة!

يقول وحيد الخراساني:

"كل شيء ذليل أمام الإمام، جبرائيل، ميكائيل، العرش، اللوح... جميعها خاضعة لساحة الإمام المعصوم... لأنه صار عبدًا، فلما صار عبدًا صار ربًا"

([مقتطفات ولائية ص51–52]).

هذا الكلام صريح في تأليه الإمام، وهو كفر بيّن، يجعل الإمام ندًا لله تعالى، ويفسد أصل التوحيد من جذوره.

خامسًا: القول بتحريف القرآن

القول بتحريف القرآن هو أحد أكبر الانحرافات العقدية، وقد تواترت عندهم الروايات الصريحة التي تنسب إلى أئمتهم زعم تحريف الصحابة للقرآن، لأجل طمس ذكر علي وولايته. ومن ذلك:

  • جاء في الكافي:

"إن القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم كان سبعة عشر ألف آية" ([الكافي 2/350]).

  • وعلق المجلسي:

"الخبر صحيح، والأخبار في هذا الباب متواترة معنى" ([مرآة العقول 12/525]).

  • وقال أبو جعفر:

"نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا..." ([الكافي 2/347-348]).

  • ومن التحريفات المزعومة:

تفسيرهم لآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا﴾ بأنها: "كفروا وظلموا آل محمد حقهم..." ([الكافي 1/267]).

كل هذه الطامات تدل على أن القرآن الذي يتعاملون به في الحوزات والحسينيات ليس هو القرآن الذي نزل على محمد ﷺ، بل نسخة مختلقة تُستخدم لتمرير عقيدتهم السياسية.

الخاتمة

إننا أمام منظومة عقدية كاملة تنسف أصول الإيمان الستة، وتبني دينًا جديدًا موازٍ للإسلام الحقيقي. فما بين تأليه الأئمة، وتكفير الأمة، والغلو في الولاء والبراء، وتحريف النصوص... أصبح التشيع الإمامي مشروعًا يُهدد هوية الأمة ودينها وتماسكها.

وفي المقال القادم، سنواصل تفكيك هذه المنظومة باستعراض عقيدتهم في المهدي المنتظر، أو كما يسميه البعض "المهدي الدموي"، لنرى كيف تحوّل هذا الاعتقاد إلى مبرر للعنف والفتنة والدم في تاريخ الأمة المعاصر.

نسأل الله أن يُرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يثبتنا على العقيدة الصافية، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

🔹 المصادر:

  • سلسلة "لماذا لم أتشيع؟" – د. أحمد عبد الرحمن النقيب
  • الكافي – محمد بن يعقوب الكليني
  • بحار الأنوار – محمد باقر المجلسي
  • التوحيد – ابن بابويه القمي
  • الأنوار النعمانية – نعمة الله الجزائري
  • الحكومة الإسلامية – روح الله الخميني
  • مكيال المكارم – محمد تقي الموسوي الأصفهاني
  • مرآة العقول – محمد باقر المجلسي
  • أوائل المقالات – الشيخ المفيد
  • مقتطفات ولائية – وحيد الخراساني