بينما يؤمن أهل السنة والجماعة بظهور المهدي المنتظر كقائد مصلح وعادل يُقيم شريعة الإسلام، ويملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا، يقدّم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية تصورًا مختلفًا تمامًا ومثيرًا للقلق، إذ ينسبون للمهدي صفاتٍ دموية، ونزعة انتقامية، ومعتقدات غريبة تصل إلى حد تبني ديانات وأفكار يهودية وتوراتية.

في كتابه "لماذا لم أتشيع؟" يسلّط الدكتور أحمد عبد الرحمن النقيب الضوء على هذه الانحرافات العقائدية، موثقًا أقوال الشيعة من كتبهم المعتمدة، ومُظهرًا التباين الجوهري بين تصورهم وتصور أهل السنة للمهدي المنتظر.

المهدي عند أهل السنة: العدل والرحمة

يؤمن أهل الإسلام، كما بيّن الشيخ النقيب، أن المهدي رجل من نسل النبي ﷺ، اسمه محمد بن عبد الله، يُولد في آخر الزمان ويُبايع في مكة، ويحكم بشرع الإسلام، ويواكب ظهوره نزول عيسى عليه السلام، فتكون له دولة عدل ورحمة، يقتل فيها الدجال، ويُنشر التوحيد، وتفشو السكينة بين البشر.

هذا التصور ينبع من أحاديث صحيحة رواها أهل السنة، ويجمع على مضمونها علماء الأمة، ويؤمنون أن المهدي ليس نبيًّا ولا يأتي بدين جديد، وإنما يُجدد الدين ويقيم العدل وفق الشريعة المحمدية.

المهدي عند الشيعة الإمامية: دماء وأسطورة

في المقابل، تذهب الروايات الشيعية إلى اعتقاد مهول وغريب حول المهدي؛ فهو الإمام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، المولود سرًّا في "سرّ من رأى"، والذي اختفى عن الأنظار منذ عام 260هـ، ويعيش في "الغيبة الكبرى" منذ سنة 329هـ، حتى يظهر لاحقًا ليقود الشيعة نحو السيطرة على العالم بحد السيف.

لكن الأخطر في هذه العقيدة، كما كشفه الشيخ النقيب، هو ما ينسبونه للمهدي من أفعال:

1- جلد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

ورد في "علل الشرائع" للصدوق (2/565): أن المهدي سيعيد "الحميراء" - عائشة رضي الله عنها - ويجلدها، نكاية بما يُزعم أنه افتراء منها. والسبب: "الانتقام لفاطمة". وهو تصور يكشف الحقد التاريخي الدفين في الفكر الشيعي.

 2- إخراج أبي بكر وعمر من قبريهما

تنص رواياتهم أن المهدي سيُخرج الشيخين من قبريهما، ويصلبهما، ثم يُحرق جسديهما بالنار، وتذريهما الرياح في البحر! [انظر: بحار الأنوار 53/13]

3- هدم المساجد

ورد في "الإرشاد" للمفيد (2/385): أن المهدي إذا ظهر هدم كل مسجد له شرف. ويُفهم من السياق أن الهدف هو محو آثار الإسلام السني.

 4- قتل العرب

أورد النعماني في "الغيبة" (ص169-170) أحاديث عن أئمتهم تقول: "ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح"، و"لا يكون بين القائم وبين قريش إلا السيف". وهذا يعكس عداءً قوميًا وعِرقيًا للعرب وقريش، أصل الإسلام وأهله.

5- شريعة وقرآن جديدان

في "الغيبة" للنعماني (ص168)، ينقل عن أبي جعفر قوله: "يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وشرع جديد، ليس شأنه إلا السيف"، أي أن المهدي الشيعي لا يعترف بالشريعة المحمدية، بل يحمل شريعة بديلة.

الطابع اليهودي لعقيدة المهدي الشيعي

يُقارن الشيخ النقيب بين المهدي الشيعي ومسيح اليهود المخلِّص، الذي يخرج للانتقام، ويحكم بشريعة داود، ويُناصر اليهود، ويدعو باسم الله العبري، بل ويُحيي رجالات بني إسرائيل! ومن ذلك:

- حكمه بشريعة داود

كما في "الكافي" (1/249)، يحكم المهدي بشريعة داود، لا بشريعة محمد ﷺ!

- أتباعه من بني إسرائيل

جاء في "الإرشاد" (2/386): أن أنصاره سيكونون من قوم موسى وأهل الكهف ويوشع وسلمان والمقداد.

- دعاؤه باسم عبري

ينقل "الغيبة" (ص230) عن أبي عبد الله أنه "يدعو الله باسمه العبراني"، مما يعزز الشبه بينه وبين العقيدة اليهودية.

تقييم هذه العقيدة من منظور إسلامي

إن مقارنة ما يروّجه الشيعة عن مهديهم بما صحّ عن النبي ﷺ وأجمع عليه أهل السنة، يُظهر:

  • أن المهدي الشيعي شخصية أسطورية دموية تقوم على الحقد والتدمير.
  • أن الهدف من ظهوره هو الانتقام لا الإصلاح، وإحياء قوميات باطلة لا إقامة دين الله.
  • أن الفكر الشيعي قد تسربت إليه معتقدات توراتية يهودية صريحة.
  • أن هذه الصورة تُناقض تمامًا روح الإسلام القائمة على الرحمة والعدل والوحدة.

خاتمة

مهدي الشيعة الإمامية ليس هو المهدي الذي بشّر به النبي محمد ﷺ، بل هو مهدي الخرافة والدم، مهدي الحقد والتهديم، ومهدي التوراة لا القرآن. إن من يدرس نصوصهم بعين ناقدة، يجد أن المعتقد في جوهره مُفارق للإسلام، متأثر بالتصورات اليهودية والباطنية.

وفي ضوء هذا التباين الجذري، يُفهم لماذا رفض الشيخ أحمد النقيب التشيع، وبيّن للمسلمين خطورة هذا الانحراف العقدي الذي يتستر بلباس الإسلام، بينما يحمل في جوهره مشروعًا هدامًا، لا صلة له بالحق الذي جاء به النبي الخاتم ﷺ.

نسأل الله تعالى الثبات على الهدى، والنجاة من الفتن، واتباع الحق، ونبذ الباطل وأهله.

 

المصادر المعتمدة:

1- الصدوق، "كمال الدين وتمام النعمة"

2- المفيد، "الإرشاد"

3- الطوسي، "الغيبة"

4- النعماني، "الغيبة"

5- المجلسي، "بحار الأنوار"

6- الكليني، "الكافي"

7- الصدوق، "علل الشرائع"

8- أحمد النقيب، "لماذا لم أتشيع؟"