مقدمة

الحمد لله الذي جعل حبَّ الصحابة من الإيمان، والذب عنهم من أعظم القربات، وجعل الطعن فيهم علامة نفاق وزيغ.
ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا يخفى على من له أدنى اطّلاع في العقائد أن الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم، هم حملة هذا الدين، ونقلته الأوائل، وهم الذين رافقوا النبي صلى الله عليه وسلم وبلَّغوا عنه، وفتحوا البلاد ونشروا الإسلام. ولهذا، كان حبهم والدفاع عنهم من صميم عقيدة أهل السنة والجماعة.

لكن في المقابل، نجد أن الشيعة الإمامية الاثني عشرية يتخذون موقفًا عدائيًّا صارخًا تجاه جُلّ الصحابة، بل يعدّونهم مرتدين وكفارًا، ويستثنون منهم عددًا قليلًا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة! وهذه ليست دعاوى خصوم، بل حقائق موثقة من كتبهم المعتبرة.

تكفير الصحابة:

يستعرض الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب في هذا الفصل المريع من كتابه القيم "لماذا لم أتشيع؟" (كلية التربية - جامعة المنصورة) عقيدة الشيعة في الصحابة الكرام، مبيّنًا الفرق الجذري بين ما يعتقده المسلمون السنة من توقير للصحابة، وما يعتقده الرافضة من طعنٍ ولعنٍ وتكفيرٍ لهم، بمن فيهم الخلفاء الراشدون وزوجات النبي عليه الصلاة والسلام!

يبدأ الدكتور النقيب بتقرير عقيدة أهل الإسلام في الصحابة، وهي أنهم خير الناس بعد الأنبياء، وأنهم نقلوا الدين، وحملوا الرسالة، وجاهدوا في الله حق جهاده، وأن حبهم جزء من الدين، والطعن فيهم طعنٌ في الرسول، وفي الرسالة ذاتها.

ثم يوضّح أن الشيعة الإمامية يكفّرون جمهور الصحابة، ولا يستثنون منهم إلا قِلَّة كـ سلمان الفارسي، وأبي ذر، والمقداد بن الأسود، وربما بعض الروايات تزيدهم قليلًا، ولكن الغالب في عقيدتهم هو أن "الصحابة ارتدوا بعد موت النبي إلا ثلاثة"!

تكفير الصحابة في كتب الشيعة المعتمدة

لا يتوقف الأمر عند طعنٍ عام، بل يصل إلى حدّ اللهم العن صنمي قريش في أدعيتهم، ويعنون بذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ويعتبرون هذا الدعاء من أفضل القربات، حتى قال المجلسي في "بحار الأنوار" (82/413):

"هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة... والداعي به كمن رمى مع النبي يوم بدر وأحد وحُنين بألف ألف سهم!"

وقد ورد في كتاب "الاختصاص" للمفيد (ص:18):

عن أبي عبدالله أنه قال: "إن الناس ارتدوا بعد النبي إلا ثلاثة: سلمان، والمقداد، وأبا ذر."

فهل بقي بعد ذلك من الصحابة من يُوثق بدينه وعدالته؟! هذا النص وحده كافٍ لبيان أن التشيع ليس إلا تكفيرًا لأمة الإسلام الأولى!

الطعن في أمهات المؤمنين

ومن الفضائح العقدية في كتب الشيعة ما ذكره المجلسي في تفسير قوله تعالى:﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَيْ نُوحٍ وَلُوطٍ﴾ [التحريم: 10]

قال:

"ولا يخفى ما في تلك الآيات من التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما!" [بحار الأنوار: 22/403]

بل إنهم يتهمون عائشة رضي الله عنها بالفاحشة صراحة، مستندين إلى تفسير علي بن إبراهيم لهذه الآية، كما في "بحار الأنوار" (22/407)، فيزعم أن عائشة كانت على علاقة بطلحة، وزوّجت نفسها له لتخرج إلى البصرة! والعياذ بالله من هذا الإفك.

إنه طعن في شرف النبي، قبل أن يكون طعنًا في زوجته، لأن الله عز وجل قال:

﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾[الأحزاب: 6]

فكيف يتجرأ هؤلاء على أم المؤمنين ويزعمون هذا الكذب الفاضح؟!

الخلفاء الثلاثة... أعداء عند الشيعة

يتقرب الشيعة الإمامية إلى الله بلعن الخلفاء الراشدين الثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، بل يعتبرون أن أبا بكر وعمر هما السبب في انحراف الأمة، ولهذا يسمونهم في دعائهم بـ "الجبْتين والطاغوتين"!

وقد روى المجلسي دعاءً طويلاً يتضمن لعنهم ولعن بناتهم، أي عائشة وحفصة، ويدعي أن النبي أوصى بقراءته، بل جعله بعضهم من أدعية القنوت!

النتائج الخطيرة لهذه العقيدة

تؤدي عقيدة تكفير الصحابة إلى انهيار بناء الدين من أساسه، فكيف يُوثق في دين نقله "مرتدون وكفار" كما تزعم الشيعة؟
إن الصحابة هم الواسطة التي نقلت إلينا القرآن، والسنّة، والفقه، وأخبار التشريع، فتكفيرهم هو تكذيب للدين نفسه.

كما أن الطعن في الصحابة هو طعن في النبي نفسه، لأنه عاش بينهم، ورضي عنهم، وزكّاهم، وبشّرهم بالجنة، فهل يُعقل أن يختار الله لنبيه أصحابًا كفارًا مرتدين؟! تعالى الله عن ذلك.

موقف أهل السنة من الصحابة

على النقيض، يعتقد أهل السنة أن:

  • الصحابة عدولٌ مؤتمنون.
  • لا يجوز الطعن فيهم أو سبهم.
  • أن من أبغضهم أو انتقصهم، فقد خالف القرآن والسنة.
  • أن أبا بكر وعمر من أفضل الأمة بعد نبيها، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم أجمعين.
  • أن أمهات المؤمنين طاهرات، وزوجات للنبي في الدنيا والآخرة.

قال الإمام مالك رحمه الله:

"من أصبح وفي قلبه غِلٌّ على أحد من الصحابة، فقد أصابته الآية: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح: 29]"

خاتمة

يكشف هذا الفصل من كتاب "لماذا لم أتشيع؟" الحقيقة الصادمة لعقيدة الشيعة في الصحابة الكرام، ويُظهر أن التشيع لم يكن خلافًا فقهيًا، بل عداءً عقديًا للمصدر الأول للدين، وتأسيسًا لمذهب مبني على الكراهية والطعن في الدين الحق.

لقد أدرك الشيخ أحمد النقيب حفظه الله خطورة هذه العقيدة، وبيّن بالأدلة من كتبهم فسادها، مما يوجب على كل مسلم أن يُحذر من هذا الفكر، وأن يتشبث بعقيدة أهل السنة الصافية، التي تقوم على الحب، والعدل، والاتباع.

ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة، وأن يجمعنا في زمرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

المصادر المعتمدة:

1- المفيد، "الاختصاص"، ص: 18

2- المجلسي، "بحار الأنوار"، 22/403، 407، 52/473، 82/413

3- علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي

4- أحمد النقيب، "لماذا لم أتشيع؟"، الفصل الخامس