في سلسلة خيانات الشيعة التي مزّقت جسد الأمة الإسلامية وأضعفت قوتها، تبرز واقعة خطيرة تفضح مدى تغلغل الحقد الطائفي الذي حمله بعض رموزهم، حتى وهم في أرفع المناصب داخل الدولة العباسية، التي لم تبخل عليهم بشيء، بل قرّبتهم ومكّنت لهم، فكان جزاؤها الغدر والخيانة.
ومن أبرز تلك النماذج:
علي بن يقطين، الوزير الشيعي في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، والذي وصل إلى منصبه بفضل تسامح الدولة العباسية وتغاضيها عن مذهبه، لكنه لم يكن على قدر الأمانة، بل ارتكب جريمة كبرى راح ضحيتها مئات الأبرياء من أهل السنة، فيما يكشفه بوضوح كبار علماء الشيعة.
فقد أورد الشيخ نعمة الله الجزائري، وهو من كبار علماء الشيعة، الملقب بـ"صدر الحكماء ورئيس العلماء"، في كتابه الأنوار النعمانية (2/308، طبع تبريز – إيران)، تفاصيل تلك الحادثة، مؤكدًا أن علي بن يقطين – الوزير الشيعي المعروف – أمر بهدم سقف الحبس على مجموعة من "المخالفين" (وهو المصطلح الشيعي الذي يُقصد به أهل السنة)، فماتوا جميعًا وكان عددهم يناهز الخمس مئة رجل.
نفس الرواية ذكرها أيضًا محسن المعلم في كتابه: "النصب والنواصب" (ص622، ط دار الهادي – بيروت)، حيث قال:
"وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير هارون الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين، وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه فهدموا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا، فأرادوا الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم.
فكتب عليه السلام في جواب كتابه:
بأنك لو كنت تقدمت إليّ قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إليَّ فكفّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس، والتيس خير منه".
هذه الجريمة المروعة لم تُنكرها كتب الشيعة، بل رُويت للاستدلال على جواز قتل النواصب – بحسب تعبيرهم – أي أهل السنة، بل جعلوا كفارة قتل كل رجل تيسًا من المعز!، بل زادوا في الإهانة حين قالوا إن التيس "خير من الناصب"، أي خير من المسلم السني!
ما يزيد الأمر فظاعة أن هذه الكارثة لم تكن عن اجتهاد شخصي فقط، بل حصل الوزير على موافقة إمامهم الكاظم لاحقًا، الذي لم ينكر الجريمة بل اعتبر أن الذنب فقط كان في عدم أخذ فتوى مسبقة!
فأين نحن من الشريعة التي كرّمت الإنسان وجعلت قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعًا؟ وكيف تُختصر دية المسلم في "تيس"؟
وهل هذا هو العدل الذي يدّعونه في إمامة أهل البيت؟
لا عجب أن تنكشف مثل هذه الخيانات في كتب القوم أنفسهم، فكلما حاولوا إخفاء الحقيقة، نطقت بها آثارهم، وصدق القائل:
"إن أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا".
وهكذا فعل العباسيون حين قرّبوا الروافض، فجاءهم الغدر من داخل قصورهم.