جهود علماء البوسنة في مواجهة المد الشيعي؟

 

إن إحياء السنة النبوية في البوسنة والهرسك لا يتحقق إلا باتباع نهج السلف الصالح، والتمسك بما جاء في الكتاب والسنة، والبراءة من البدع وأهلها.

وقد سجل التاريخ مواقف مشرقة لعلماء ودعاة البوسنة، الذين تصدوا لمظاهر الانحراف العقدي والسلوكي، وواجهوا البدع والضلالات بكل حكمة وصلابة.

ومن أعلام هؤلاء العلماء الشيخ حسن كافي الآقحصاري رحمه الله، الذي يُعد من أبرز رموز التمسك بالسنة، والرد على أهل الأهواء والبدع في بلاد البوسنة.

 

المنهج العقدي للشيخ حسن كافي في التعامل مع أهل البدع

كان للشيخ حسن كافي منهج واضح المعالم في موقفه من أهل الأهواء، ومن أبرز ما اعتمده:

    1-  البراءة من البدع وأصحابها.

    2-  تصنيف البدع إلى مكفرة وغير مكفرة.

    3-  الاحتكام إلى الظاهر وترك السرائر إلى الله تعالى.

    4-  الإقرار بإمكان اجتماع الخير والشر في الشخص الواحد، ما يستلزم الولاء والبراء بحسب الغالب.

    5-  التمييز بين الكرامات الشرعية وخوارق العادات المرتبطة بالبدعة والضلالة.

وقد أكد في كتبه على أن الحكم على الناس يكون بما يظهر من أقوالهم وأفعالهم، كما قال الإمام الطحاوي:

"نسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي معترفين، وبكل ما قال وأخبر مصدقين".

وعقّب الشيخ الآقحصاري قائلاً:

"نراعي ظواهرهم ونكل إلى الله ضمائرهم"، شريطة ألا تكون بدعتهم مكفرة.

التحذير من الغلاة والمتصوفة الجهلة

انتقد الشيخ الآقحصاري بعض ممارسات غلاة المتصوفة، ممن خالفوا الشرع بزعم الولاية والكرامة، فقال:

"أما الذين يتعبدون بالرياضات ويتركون الجمع والجماعات، فهم من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً".

وأنكر على من يُصعقون عند سماع الأناشيد بزعم الفناء أو الشوق، مؤكدًا أن هذه الممارسات لم يعرفها الصحابة الكرام، حتى عند سماع القرآن الكريم.

كما حذر من الادعاءات الكاذبة في الكرامات قائلاً:

"من لم يكن متبعًا للرسول ظاهرًا وباطنًا، فليس مؤمنًا فضلاً عن أن يكون وليًا، ولو طار في الهواء أو مشى على الماء".

الرد على الفرق الضالة

تصدى الشيخ الآقحصاري لعدة فرق بدعية ضالة، أبرزها:

      1 )  الرافضة

قال عن أصل نشأتهم: "أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق هو عبد الله بن سبأ، هدفه هدم الإسلام من الداخل".

      2 ) الحمزوية

وهي فرقة غالية، جاهد الشيخ في مواجهتها والقضاء على بدعها.

      3 )  القول بخلق القرآن

واعتبر هذا القول كفرًا صريحًا يخرج القائل به من الملة.

الفارق بين الولي الحق والمدّعي

يعرّف الشيخ "الولي" بأنه:

"العارف بالله وصفاته، المداوم على الطاعات، المجتنب للمعاصي والشهوات".

ويضيف:

"الكرامة الحقيقية لا تكون إلا باتباع الشريعة المحمدية، وأي دعوى تخالف هذا الميزان، فهي من تلبيس الشيطان".

ويؤكد على عرض الأقوال والأفعال على الشريعة، فإن وافقتها قُبلت، وإن خالفتها رُدَّت، لقوله:

"لا طريقة إلا طريقة الرسول، ولا حقيقة إلا حقيقته، ولا عقيدة إلا عقيدته".

أهمية العلماء في حفظ السنة ومجابهة البدعة

يقول رحمه الله:

"كلما بعد العهد بالرسول وأصحابه كثرت البدع، لكن الله منّ على الأمة بعلماء، هم كأنبياء بني إسرائيل، لا يزال منهم طائفة ظاهرة على الحق".

ويؤكد أن أهل السنة هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وهم من يجب حبهم وموالاتهم، لأن محبتهم من كمال الإيمان.

الولاية والعداوة قد تجتمعان في الشخص الواحد

يرى الشيخ أن الإنسان قد يحمل خصالاً من الطاعة والمعصية معًا، فيقول:

"العبد قد يجتمع فيه سبب الولاية وسبب العداوة، فيُحب من وجه ويُبغض من وجه، والحكم للغالب".

خاتمة

لقد جسد الشيخ حسن كافي الآقحصاري رحمه الله نموذجًا حيًا لعالم راسخ في العلم، متجرد للحق، ثابت على السنة، صلب في مواجهة أهل البدع، حريص على إحياء ما اندثر من معالم الدين في مجتمعه.

ولا تزال كلماته وفتاويه نبراسًا للدعاة والمصلحين في البوسنة وغيرها، ممن يرفعون راية السنة ويجاهدون لإبطال الباطل.