مقدمة:

لطالما كان مكان دفن النبي محمد ﷺ محل إجلال وتعظيم لدى المسلمين، لما يمثله من قدسية وطهارة. وقد أجمعت الروايات من الفريقين (السنة والشيعة) على أن النبي ﷺ دُفن في الحجرة التي تُوفِّي فيها، وهي حجرة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها.

واللافت أن علماء الشيعة أنفسهم يقرّون بذلك في كتبهم المعتمدة، بل ويصرّحون بأن النبي لم يُقبض إلا في أطهر بقعة على وجه الأرض، مما يبرز من حيث الدلالةمكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي سكنت تلك الحجرة طوال حياتها، وماتت فيها لاحقًا.

أقوال علماء الشيعة:

1. الشيخ المفيد – كتاب المقنعة (ج1 ص457):

أورد الشيخ المفيد ما يلي:

"فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله تعالى لم يقبض نبيه إلا في أطهر البقاع، فينبغي أن يُدفن في البقعة التي قُبض فيها.

فاتفقت الجماعة على قوله ودُفن في حجرته على ما ذكرناه."

التحليل:
هذا النص يوضح بجلاء أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أقرّ بأن مكان وفاة النبي هو أطهر البقاع، وأنه يجب أن يُدفن فيها، وقد أجمعت الصحابة على ذلك، وتم دفنه في حجرته.

2. العلامة المجلسي – بحار الأنوار (ج22، ص493):

يقول المجلسي:

"وكان فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله أن يُدفن في بيته الذي قُبض فيه."

التحليل:
هنا يُشير المجلسي إلى أن النبي ﷺ أوصى بنفسه أن يُدفن في الحجرة التي مات فيها، مما يدل على طهارة المكان وفضله، وهو بيت عائشة رضي الله عنها.

3. العلامة المجلسي – ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار (ج9، ص8):

جاء فيه:

"وقبره بالمدينة في حجرته التي تُوفي فيها، وكان قد أسكنها في حياته عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة.

فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلف أهل بيته ومن حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي أن يُدفن فيه، فقال بعضهم يُدفن بالبقيع، وقال آخرون يُدفن في صحن المسجد،  فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله لم يقبض نبيه إلا في أطهر البقاع، فينبغي أن يُدفن في البقعة التي قُبض فيها."

التحليل:
هذا النص يجمع بين تأكيد طهارة البقعة التي قُبض فيها النبي، وبين أنها كانت حجرة عائشة رضي الله عنها التي أسكنها إياها النبي بنفسه.

دلالة هذا الاعتراف:

إن هذا الإقرار من كبار علماء الشيعة بأن النبي ﷺ دُفن في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأن هذا المكان هو أطهر بقاع الأرض، يتضمن اعترافًا ضمنيًا بفضل عائشة ومكانتها، لأنها:

سكنت أطهر البقاع في حياة النبي وبعد وفاته.

ماتت ودفنت قرب هذا الموضع الشريف.

لم يُختَر لها السكنى إلا في أطهر مكان اختاره الله لنبيه.

فإن كان الله عز وجل قد اختار لنبيه ﷺ أطهر رقعة ليموت ويُدفن فيها، فقد اختار لعائشة أن تعيش وتموت في هذا الموضع الطاهر، وهي من أعظم مناقبها رضي الله عنها وأرضاها.

الخلاصة:

أجمعت كتب الشيعة على أن النبي ﷺ دُفن في حجرة عائشة رضي الله عنها.

وقد صرّحوا أن مكان موته ودفنه هو أطهر بقعة على الأرض.

وأقرّوا بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو من أشار بضرورة دفنه في تلك الحجرة.

وهذا يُعدّ من أعظم فضائل أم المؤمنين عائشة، إذ عاشت وماتت في أطهر بقاع الأرض التي اختارها الله لنبيه.

المصادر المعتمدة:

1-الشيخ المفيدالمقنعة، ج1، ص457.

2-العلامة المجلسيبحار الأنوار، ج22، ص493.

3-العلامة المجلسيملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج9، ص8.