نص الشبهة:

يقول الرافضي محاولاً الاستدلال على ولادة المهدي من كتب التاريخ، ما نصّه:

"مختصر تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار، تأليف ضامن بن شدقم المدني، الرياض، ص775. 

هناك مشجرة مبينة مكتوب فيها:
محمد الجواد --------- أبا محمد الحسن العسكري --------- أبا القاسم محمد".

انتهى كلام الرافضي.

 

الرد على الشبهة:

لا يزال الرافضة عاجزين عن تقديم دليل صحيح متصل السند من كتب أهل السنة والجماعة يثبت ولادة ما يزعمونه بـ"الإمام الثاني عشر"، المهدي بن الحسن العسكري، فلجؤوا إلى الاستشهاد ببعض كتب الأنساب القديمة التي لا تُعتبر مصدرًا تشريعيًّا ولا يُعتمد عليها في إثبات العقائد الكبرى.

وأحد هذه الكتب هو: "تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار"، لمؤلفه ضامن بن شدقم المدني، والذي أورد فيه مشجرة تُظهر ولادة شخص يدعى "أبا القاسم محمد" بوصفه ابنًا للحسن العسكري. غير أن هذه المشجرة ليست حجة، ولا تصلح للاستدلال عند التحقيق العلمي.

 

تقييم أهل العلم للكتاب:

في كتاب "الإشراف في معرفة المعتنين بتدوين أنساب الأشراف" للمحقق الشريف إبراهيم الهاشمي الأمير، نجد تقويماً دقيقاً لكتاب "تحفة الأزهار"، جاء فيه:

"لقد تكلمت في طبعتي السابقة على كتاب (تحفة الأزهار) حينما كان مخطوطاً، وقلت:
(إن لضامن بن شدقم أوهاماً في كتابه في بني الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه). واليوم وبعد طباعته وسهولة تناوله، رأيت أن أُبيِّن مواطن أوهامه".

ويضيف:

وجدته يخالف أصول كتب الأنساب المشهورة مثل:

تهذيب الأنساب للعبيدلي

الأصيلي لابن الطقطقي

عمدة الطالب لابن عنبة".

من أبرز مخالفاته:

عدم الدقة في ترتيب الأسماء

تكرار الأنساب بشكل فاحش

نسبة القصص لغير أصحابها

بل صرّح مؤلف الكتاب نفسه بقصور عمله، فقال في مقدمته:

"ربما حصل مني سهو في ترتيب الأسماء والقصص لكثرة تشعبها."

وقد أيد هذا التقويم المحقق كامل سلمان الجبوري، الذي قال في مقدمة تحقيقه للكتاب:

"كانت الفكرة في البداية تحقيق سلاسل النسب، لكنني وجدت اختلافاً كبيراً بين ما أورده المؤلف وبين أصول النسب، بل إن هناك تكراراً فاحشاً في الأسماء."

(انظر: الروض المعطار في تشجير تحفة الأزهار، الأجزاء: 4/34، 39، 42، 75، 85، 95 وغيرها).

 

فساد الاستدلال العقائدي من كتب التاريخ:

من القواعد المتفق عليها عند أهل السنة:

"العقائد لا تثبت إلا بدليل صحيح صريح من القرآن أو السنة."

أما كتب التاريخ والأنساب فليست معصومة، ولا يُعتمد عليها في إثبات ما يتعلق بالإيمان، خاصة حين يكون المتن غير مسنَد، والمؤلف نفسه يعترف بعدم دقته!

فالاحتجاج بمشجرة تفتقر إلى السند الصحيح، صادرة عن مؤلف مُقرّ بعدم الضبط، هو احتجاج ساقط لا يُقيم به حجة، ولا تُبنى عليه عقيدة.

 

المهدي عند أهل السنة:

أهل السنة يؤمنون بظهور المهدي في آخر الزمان، وهو رجل من آل بيت النبي ﷺ، لكن لا يعتقدون أنه وُلد أو أنه دخل سردابًا أو أنه غائب منذ أكثر من ألف عام.

بل تؤكد الروايات الصحيحة أن المهدي:

اسمه محمد بن عبد الله

يخرج في آخر الزمان عند فساد الأرض

من ذرية الحسن بن علي

جاء في سنن الترمذي (كتاب الفتن، باب ما جاء في المهدي):

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
يَلِي رجلٌ من أهل بيتي، يواطِئُ اسمُهُ اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي، يملأ الأرضَ قسطًا وعدلًا كما مُلِئت جورًا وظلمًا❞  .حديث حسن صحيح.

كما روى أبو داود في السنن (كتاب المهدي) بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

قال علي رضي الله عنه، ونظر إلى ابنه الحسن فقال: إن ابني هذا سيد كما سمّاه النبي ﷺ، وسيخرج من صلبه رجل يُسمّى باسم نبيكم، يُشبهه في الخُلق، ولا يُشبهه في الخَلق، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً.

وهذا ينسف زعم الرافضة أن المهدي من ذرية الحسين، فالمهدي المنتظر عند أهل السنة هو من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنهما.

 

خلاصة الرد:

1-كتاب "تحفة الأزهار" لا يُعتمد عليه في إثبات عقيدة؛ لكون مؤلفه غير دقيق، وقد أقرّ بذلك.

2-التحقيق العلمي أثبت كثرة الأخطاء والتكرار والأوهام في النسب.

3-لا يجوز الاستدلال على ولادة "المهدي" المزعوم من كتب الأنساب التاريخية غير المسندة.

4-المهدي عند أهل السنة هو محمد بن عبد الله، من نسل الحسن بن علي، لا الحسن العسكري، ولم يولد بعد.

5-عقيدة "المهدي الغائب" مخالفة لنصوص الشرع الثابتة، وتخالف العقل والواقع.

 

المصادر:

1- "تحفة الأزهار وزلال الأنهار" – ضامن بن شدقم المدني

2- "الروض المعطار في تشجير تحفة الأزهار" – كامل الجبوري

3- "الإشراف في معرفة المعتنين بتدوين أنساب الأشراف" – الشريف إبراهيم الهاشمي

4- سنن الترمذي – كتاب الفتن

5- سنن أبي داود – كتاب المهدي

6- صحيح العقيدة وأثرها في الأمة – ناصر العقل

7- الرد على من قال بغيبة الإمام المهدي – عبد العزيز الطريفي