الشبهة الأولى: التقية - الكذب المقدس والنفاق الظاهر

تُعد "التقية" من أبرز الأصول التي يعتمد عليها الرافضة في مذهبهم، وهي تعني "أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق" [1]. إنهم يقدسون هذا المبدأ ويعتبرونه جزءًا لا يتجزأ من دينهم، حتى أنهم ينسبون إلى جعفر الصادق - رحمه الله - قوله: "التقية ديني ودين آبائي".

تفصيل الشبهة:

يعرض الرافضة التقية على أنها منهج شرعي يبيح لهم إظهار خلاف ما يبطنون من المعتقدات، خاصة عند التعامل مع أهل السنة. ويزعمون أن هذا المبدأ مستمد من أئمة أهل البيت، وأنه ضروري لحماية أنفسهم ودينهم في ظل الظروف الصعبة. يقدمون أمثلة عديدة من كتبهم تظهر كيف يمارس أتباعهم التقية في المواقف المختلفة، مثل إظهار حب الصحابة أو الإقرار بفضلهم، بينما يبطنون بغضهم ولعنهم.

يهدفون من وراء ذلك إلى خداع أهل السنة والتغلغل في صفوفهم، معتبرين هذا السلوك من أعظم القربات إلى الله.

الرد على الشبهة:

يفند شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الادعاء، مؤكدًا أن الله تعالى قد أخبر عن المنافقين بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وأن الرافضة قد جعلت هذا النفاق من أصول دينها. ويشدد على أن أئمة أهل البيت الذين ينسب إليهم الرافضة هذا القول، قد برأهم الله من ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقًا وتحقيقًا للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية [2].

إن التقية الشرعية في الإسلام تختلف اختلافًا جذريًا عن التقية الرافضية. فالتقية الشرعية هي رخصة في حالة الاضطرار الشديد، كالإكراه على النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان، وهي مقيدة بظروف معينة ولا تجيز الكذب أو النداع أو الخيانة. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28].

يوضح شيخ الإسلام ابن تيمية الفرق بين تقية النفاق والتقية في الإسلام قائلاً: "التقاة... ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه... فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار، لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه، وإلا فبقلبه، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبي، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله، بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون؛ حيث لم يكن موافقاً لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبي، بل كان يكتم إيمانه، وكتمان الدين شيء، وإظهار الدين الباطل شيء آخر، فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر" [64]. أي: فيعذره الله في ذلك، والمنافق والكذاب لا يعذر بحال.

ويضيف شيخ الإسلام أن المؤمن الذي يعيش بين الكفار مضطرًا ويكتم إيمانه يعاملهم - بمقتضى الإيمان الذي يحمله - بصدق وأمانة ونصح وإرادة للخير بهم، وإن لم يكن موافقًا لهم على دينهم، كما كان يوسف الصديق يسير في أهل مصر وكانوا كفارًا، بخلاف الرافضي الذي لا يترك شرًّا يقدر عليه إلا فعله بمن يخالفه [65].

أما التقية الرافضية، فهي خداع للمسلمين وغش لهم، بل هي النفاق بعينه. إنها تجيز الكذب والخيانة والغدر، وتجعلها جزءًا من الدين، وهذا يتنافى تمامًا مع مبادئ الإسلام السمحة التي تحث على الصدق والأمانة والوفاء بالعهود. إن ادعاء الرافضة بأن التقية هي تسعة أعشار الدين هو افتراء على الله ورسوله وأهل بيته ودين الإسلام.

الشبهة الثانية: موقف الرافضة من ولاة الأمور وأعمالهم

يتميز الرافضة بموقفهم العدائي من ولاة أمور المسلمين، فهم "أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور، وأبعد الناس عن طاعتهم إلا كرهًا" [3].

تفصيل الشبهة:

يزعم الرافضة أن ولاة الأمور من أهل السنة والجماعة هم حكام ظالمون لا تجوز طاعتهم، وأنهم مغتصبون للخلافة من أهل البيت. ولذلك، فهم يرون أن التعاون مع هؤلاء الحكام أو الدخول في أعمالهم هو من الكفر، إلا إذا كان ذلك بدافع التقية ولخدمة مذهبهم. يقدمون أمثلة على شخصيات من أتباعهم دخلت في حكومات أهل السنة بهدف التجسس أو الكيد أو الإضرار بهم، معتبرين ذلك من الجهاد في سبيل الله.

الرد على الشبهة:

يوضح شيخ الإسلام أن هذا الموقف يتنافى مع منهج أهل السنة والجماعة الذين يأمرون بطاعة ولاة الأمور في المعروف، ويحرمون الخروج عليهم لما يترتب على ذلك من الفتن والفساد. إن سعيهم في الحياة يصفه شيخ الإسلام بأنه "أضل من سعي من يتعب الطويل، ويكثر القال والقيل، ويفارق جماعة المسلمين، ويعادي السابقين والتابعين، ويعاون الكفار والمنافقين، ويحتال بأنواع الحيل، ويسلك ما أمكنه من السبل، ويدلي بحبل الغرور، ويعتضد بشهود الزور" [4]. وهذا الوصف يوضح مدى الانحراف في منهجهم وأهدافهم.

إن التعاون مع الحكام المسلمين، حتى لو كانوا من أهل السنة، بهدف الكيد لهم أو الإضرار بهم، هو من الغدر والخيانة التي حرمها الإسلام. إن ادعاء الرافضة بأن هذا من الجهاد هو تحريف لمفهوم الجهاد في الإسلام، الذي يهدف إلى إعلاء كلمة الله ونشر العدل، وليس إلى إثارة الفتن والشقاق بين المسلمين.

____________________

[9] منهاج السنة النبوية، الجزء الأول، الصفحة 68.

[10] منهاج السنة النبوية، الجزء الثاني، الصفحة 46.

[11] منهاج السنة النبوية، الجزء الأول، الصفحة 111.

[12] منهاج السنة النبوية، الجزء الأول، الصفحة 121.

[13] منهاج السنة النبوية، الجزء الأول، الصفحة 474.