خصائص مذهب الرافضة وتناقضاته

يُعرف مذهب الرافضة بجمعه لـ"عظائم البدع المنكرة: فإنهم جهيمية قدرية رافضة" [18]. وهذا الجمع للبدع يجعله مذهبًا بعيدًا عن منهج أهل السنة والجماعة. كما أن مذهبهم يشتمل على "المتناقضات"، فـ"الرافضة من جهلهم وكذبهم يتناقضون تناقضًا كثيرًا بينًا، إذ هم في قول مختلف، يؤفك عنه من أفك" [19]. وهذا التناقض الواضح في أقوالهم ورواياتهم يدل على عدم استنادهم إلى أصول ثابتة أو منهج علمي سليم.

موقف الرافضة من علي وعائشة رضي الله عنهما

على الرغم من ادعاء الرافضة حبهم لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية يكشف حقيقة موقفهم، فهم "من أعظم الناس بغضًا لعلي – رضي الله عنه" [20]. ويتجلى هذا التناقض في وصفهم له، فـ"يصفون عليًا بأنه كان هو الناصر لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنه لولاه لما قام دينه، ثم يصفونه بالذل والعجز المنافي لذلك" [21].

وهذا التناقض يوضح مدى تلاعبهم بالحقائق وتشويههم لشخصية علي - رضي الله عنه -.

أما موقفهم من أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فهو أشد قبحًا، فهم "يرمون عائشة – رضي الله عنها – بالعظائم، ثم منهم من يرميها بالفاحشة التي أبرأها الله منها وأنزل القرآن في ذلك" [22]. وهذا الافتراء العظيم على زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - يمثل طعنًا في عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه، وهو من أعظم أنواع الأذى. فـ"من المعلوم أن من أعظم أنواع الأذى للإنسان أن يكذب الرجل على امرأته ويقول: إنها بغي" [23]، فكيف بمن يطعن في عرض زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي برأها الله من فوق سبع سماوات؟

مؤسس مذهب الرافضة ومآلهم

يؤكد شيخ الإسلام ابن تيمية أن "الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقًا ملحدًا عدوًا لدين الإسلام وأهله" [24]. وهذا يوضح أن أصل هذا المذهب ليس إسلاميًا، بل هو من وضع أعداء الإسلام. ومن جعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرًا من إبليس "فما أبقى غاية في الافتراء على الله ورسوله والمؤمنين، والعدوان على خير القرون في مثل هذا المقام، والله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" [25].

وعن شيوخ الرافضة، يقول شيخ الإسلام: "إن كان أحدهم يعلم أن ما يقوله باطل، ويظهره، ويقول: إنه حق من عند الله: فهو من جنس علماء اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون: هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلاً، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون، وإن كان يعتقد أنه حق، فذلك يدل على نهاية جهله وضلاله" [26]. وهذا يبين أن شيوخهم إما أن يكونوا كاذبين متعمدين، أو جاهلين ضالين.

أما عن جعفر بن محمد الصادق وجعفر أبي الباقر، فيقول شيخ الإسلام: "لا ريب أن هؤلاء من سادات المسلمين، وأئمة الدين، ولأقوالهم من الحرمة والقدر ما يستحقه أمثالهم، لكن كثيرًا مما ينقل عنهم كذب" [27]. وهذا يوضح أن ما ينسب إليهم من أقوال في كتب الرافضة غالبًا ما يكون كذبًا وافتراءً.

نظرة أهل السنة لعلي رضي الله عنه وموقف الرافضة من الخلفاء الراشدين

أهل السنة والجماعة يكنون لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كل الحب والتقدير، فهم "يحبونه ويتولونه، ويشهدون بأنه من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين" [28]. وهذا يختلف تمامًا عن موقف الرافضة الذين يسمون الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "فرعون هذه الأمة" [29].

ويوضح شيخ الإسلام موقف علي - رضي الله عنه - من أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بأنه "قد تواتر عنه من محبتهما وموالاتهما وتعظيمهما وتقديمهما على سائر الأمة ما يعلم حاله في ذلك، ولا يعرف عنه قط كلمة سوء في حقهما، ولا أنه كان أحق بالأمر منهما، وهذا معروف عند من عرف الأخبار الثابتة المتواترة عند الخاصة والعامة، والمنقولة بالأخبار الثقات" [30]. وهذا يؤكد أن عليًا - رضي الله عنه - كان يحب أبا بكر وعمر ويواليهما، وأن ما يروجه الرافضة عن عداوته لهم هو محض كذب وافتراء.

الرافضة والفتنة في الإسلام

يصف شيخ الإسلام الرافضة بأنهم "من شرار الغاوين الذين يبتغون الفتنة الذين ذمهم الله ورسوله" [31]. وكلامهم "متناقض الذي ينقض بعضه بعضًا" [32]. ويؤكد أن "ما ظهر في الإسلام من الشيعة، فإنهم أساس كل فتنة وشر، وهم قطب رحى الفتن" [33]. وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام "إنما كانت من جهتهم" [34]. وهذا يوضح أن الرافضة كانوا سببًا رئيسيًا في العديد من الفتن والشرور التي أصابت الأمة الإسلامية.

رسالة لكل مخدوع بالرافضة

يوجه شيخ الإسلام رسالة قوية لكل من خدع بالرافضة، قائلاً: "دع ما يسمع وينقل عمن خال، فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجد منهم من أعظم الناس فتنًا وشرًا، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشر وإيقاع الفساد بين الأمة" [35]. وهذا تحذير واضح من خطر الرافضة على الأمة.

وعن نفاقهم لأهل السنة، يقول شيخ الإسلام: "الرافضة من أعظم الناس إظهارًا لمودة أهل السنة، ولا يظهر أحدهم دينه، حتى أنهم يحفظون من فضائل الصحابة والقصائد التي فيها مدحهم وهجاء الرافضة ما يتوددون به إلى أهل السنة" [36]. وهذا النفاق يهدف إلى خداع أهل السنة والتغلغل في صفوفهم. ويوضح شيخ الإسلام أن "الرافضي لا يعاشر أحدًا إلا استعمل معه النفاق، فإن دينه الذي في قلبه الذي يحمله على الكذب والخيانة وغش الناس وإرادة السوء بهم، وهو لا يترك شرًا يقدر عليه إلا فعله بهم" [37]. وهذه الخصال من الكذب والغدر والخيانة "لا توجد في طائفة أكثر منها في الرافضة" [38].

مذهب الرافضة: معاداة للإسلام

يؤكد شيخ الإسلام أن "أصل الرفض كان من وضع قوم زنادقة منافقين، مقصودهم لا طعن في القرآن والرسول ودين الإسلام" [39]. وأن "الرفض أعظم باب ومهد إلى الكفر والإلحاد" [40]. وهو "مشتق من الشرك والإلحاد والنفاق" [41].

الهدف من ابتداع هذا المذهب كان "إفساد دين الإسلام، ونقض عراه وقلعه بعروشه" [42]. وهذا معروف عن ابن سبأ وأتباعه، وهو الذي ابتدع النص في علي، وابتدع أنه معصوم [42].

أهل البيت - والحمد لله - "لم يتفقوا على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم مبرأون المنزهون عن التدنس بشيء منه" [43]. والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت من بني هاشم من التابعين وتابع التابعين منهم ولد الحسين بن علي وولد الحسن - رضي الله عنهم - وغيرهم: "أنهم كانوا يوالون أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما – وكانوا يفضلونهما على علي – رضي الله عنه – والنقول الثابتة متواترة" [44].

وعلى الرغم من ادعاء الرافضة أنهم يجلون أهل البيت، إلا أنهم "من أعظم الناس قدحًا وطعنًا في أهل البيت" [45]. ومنتهى أمرهم هو "تكفير علي وأهل بيته بعد أن كفروا الصحابة والجمهور" [46]. وليس لهم سعي إلا في "هدم الإسلام، ونقض عراه، وإفساد قواعده" [47].

ختامًا، "من له أدنى خبرة بدين الإسلام يعلم أن مذهب الرافضة مناقض له" [48].

الخاتمة

في الختام، يتضح لنا من خلال فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن مذهب الرافضة يقوم على أسس من الجهل والكذب والنفاق والغلو، وأنه مذهب معادٍ للإسلام وأهله. لقد سعى شيخ الإسلام جاهدًا لكشف حقيقة هذا المذهب وتحذير الأمة من خطره، وذلك من خلال مؤلفاته القيمة التي تعد مرجعًا مهمًا في هذا الباب. إن فهم هذه الحقائق يساعد المسلمين على التمسك بمنهج أهل السنة والجماعة، والابتعاد عن البدع والضلالات التي تفرق الأمة وتضعفها. نسأل الله أن يحفظنا ويهدينا إلى صراطه المستقيم.

_____________________________________________________

[18] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 131.

[19] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 285.

[20] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 296.

[21] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 485.

[22] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 344.

[23] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحات 345-346.

[24] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 362.

[25] منهاج السنة النبوية، الجزء الرابع، الصفحة 516.

[26] منهاج السنة النبوية، الجزء الخامس، الصفحة 162.

[27] منهاج السنة النبوية، الجزء الخامس، الصفحة 163.

[28] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 18.

[29] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 164.

[30] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 178.

[31] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 268.

[32] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 290.

[33] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 364.

[34] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 370.

[35] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 372.

[36] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 423.

[37] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 425.

[38] منهاج السنة النبوية، الجزء السادس، الصفحة 427.

[39] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 9.

[40] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 10.

[41] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 27.

[42] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحات 219-220.

[43] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 395.

[44] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 396.

[45] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 408.

[46] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 409.

[47] منهاج السنة النبوية، الجزء السابع، الصفحة 415.

[48] منهاج السنة النبوية، الجزء الثامن، الصفحة 497.

[49] الغيبة للطوسي، الصفحات 236-237.

[50] بحار الأنوار، الجزء 51، الصفحة 357.

[51] تاريخ الغيبة الصغرى، الصفحة 385.

[52] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 402.

[53] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحات 404-405.

[54] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 405.

[55] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحات 405-406.

[56] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 406.

[57] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 411.

[58] جامع الأخبار، الصفحة 110.

[59] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 412.

[60] الاعتقادات، الصفحات 114-115.

[61] مجلة البيان، العدد 338، دراسة بعنوان: "الدخول الشكلي في الحكومات".

[62] الحكومة الإسلامية، الصفحة 142.

[63] تاريخ الطبري، الجزء 8، الصفحة 190.

[64] الأنوار النعمانية، الجزء 2، الصفحة 308.

[65] قرب الإسناد، الصفحة 126.

[66] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 370.

[67] ثواب الأعمال، الصفحة 232.

[68] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 372.

[69] تفسير العياشي، الجزء 1، الصفحة 238.

[70] بحار الأنوار، الجزء 72، الصفحة 374.

[71] رسالة في علم الظاهر والباطن لابن تيمية (ضمن مجموعة الرسائل المنيرية)، الجزء 1، الصفحة 248.

[72] تفسير ابن كثير، الجزء 1، الصفحة 371.

[73] تفسير الطبري، الجزء 6، الصفحة 316 (تحقيق شاكر).

[74] تفسير القرطبي، الجزء 4، الصفحة 57.

[75] فتح القدير للشوكاني، الجزء 1، الصفحة 331.