الشيخ: أحمد حسن المعلم
التعريف الموجز بالحسين رضي الله عنه:
فهو الإمام الشريف، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا ومحبوبه، أبو عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي رضي الله عنهما. ولد في الخامس من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وله ست وخمسون سنة، وهو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم ذلك فيما رواه أحمد والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغير.
وبما أن تلك المنازل العالية لا تنال إلا بالابتلاء والامتحان، فقد جرى له من ذلك أوفر نصيب، وتلقاه بأكمل مراتب الصبر والثبات حتى لقي ربه.
في موجز خروجه واستشهاده:
بعد الذي جرى لعلي ومعاوية رضي الله عنهما، وبعد مقتل علي رضي الله عنه أفضت الخلافة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما، ثم تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه حقنًا لدماء المسلمين، على أن يجعل معاوية الأمر للحسن من بعده، غير أن الحسن مات قبل معاوية رضي الله عنهما، عند ذلك عهد معاوية من بعده لابنه يزيد، فلما توفي معاوية رضي الله عنه وقام بالأمر يزيد، تخلّف الحسين رضي الله عنه عن بيعته لمبررات رآها، وخرج من المدينة إلى مكة واستقر فيها، فكاتبه شيعة أبيه من الكوفة -وكان أكبر تجمع لهم هناك- أن يخرج إليهم، وأنهم سوف ينصرونه إذا صار إليهم، فاغتر بوعدهم، وظن أنه سيحقق بذلك إصلاحًا للأوضاع المتردية، وتقويمًا للانحراف الذي بدأ بخلافة يزيد بن معاوية. ويزيد معروف أنه كان فاسقًا وكان ظالمًا، وكان فيه انحراف، غير أن الناصحين له من ذوي المعرفة أشاروا عليه ألا يفعل. ومن أبرزهم: ابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر وغيرهم، حتى أن عبد الله بن عمر ألحّ على الحسين أن يبقى ولا يخرج، فعصى مشورتهم وخرج، فقال له ابن عمر: أستودعك الله من قتيل. وهذا نوع من إدخال اليأس عليه حتى لا يخرج. أي أنك بخروجك هذا سوف تسعى إلى القتل.
وهكذا لقي الحسين رضي الله عنه الفرزدق الشاعر المشهور في الطريق، فقال له الفرزدق: قلوبهم معك وأسيافهم مع بني أمية، هؤلاء الشيعة الذين يكاتبونك، والذين يمنّونك بالخروج، قلوبهم معك، هم حقيقة يحبونك، لكن سيوفهم ستكون مع بني أمية. ولكن القضاء قد أبرم، والقدر قد أحاط، والرسول صلى الله عليه وسلم قد كشف عن ذلك بما أوحى الله إليه، بل لقد جاءه جبريل بذلك عيانًا، فقد أخرج الحاكم من حديث أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا» وأشار إلى الحسين رضي الله عنه.
إن أمتي ستقتل ابني هذا، يعني الحسين. فقلت: هذا؟ فقال: "نعم". وأتاني بتربة من تربته حمراء. وفي هذا المعنى أحاديث أخرى، ولذلك لم يسمع الحسين رضي الله عنه أي نصح، وأصر على الخروج حتى التقى بجيش يزيد الذي أخرجه له والي الكوفة عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص.
انظروا الفتنة:
قائد الجيش الذي يقتل الحسين هو عمر بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فالتقى به في كربلاء، وعندما رأى الحسين رضي الله عنه أنه قد غرر به، وأن من كاتبوه قد زحفوا لقتاله مع أعدائه، وأن لا طاقة له بهم.
عند ذلك عرض عليهم عدة أمور منها:
أن يتركوه فيرجع فرفضوا، ومنها: أن يدعوه حتى ينفذ إلى ثغر من ثغور الإسلام فيجاهد في سبيل الله، أو إلى حد من حدود المسلمين مع أعدائهم فيقاتل مع المسلمين هناك رفضوا ذلك أيضًا وأبوا إلا أن يكون أسيرًا فيأخذوه، حتى يحكم فيه يزيد. عند ذلك نشب القتال، فقاتل قتالًا عظيمًا، وقاوم مقاومة باسلة، وكذلك من معه وهم عدة قليلة جدًا، قاتلوهم، وحاصرهم الجيش، وأبعدوهم عن الماء، وأحرقوا ما حولهم من العشب والأشجار التي كانت قريبًا منهم، حتى يشتد عليهم الحر ويصيبهم العطش فتوهن قواهم، فعلوا ذلك.
وكان من نتيجة هذه الفتنة:
قتل الحسين بن علي رضي الله عنه، واحتزاز رأسه، فأُخذ مع النساء والأطفال الذين بالمعسكر إلى يزيد بدمشق، ثم ردت النساء والأطفال إلى المدينة، ولم يبق من أبنائه غير علي زين العابدين، حيث كان صغيرًا رضي الله عنه.