المقدمة
يشيع بعض دعاة الرافضة وغيرهم من أهل الأهواء، شبهة مفادها أن خلافهم ليس مع "أهل السنّة والجماعة" بل مع "الوهابية"، في محاولة خبيثة للفصل بين دعوة التوحيد التي نادى بها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وبين منهج أهل السنّة السلفي القائم على الاتباع لا الابتداع.
وهذا يرد على هذه الفرية بالأدلة من أقوال العلماء، ويبين أن ما يسمّى زورًا بـ"الوهابية" ليس سوى الإسلام الصافي المستند إلى الكتاب والسنّة بفهم السلف الصالح.
أولاً: من هو الإمام محمد بن عبد الوهاب؟
هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت 1206هـ)، عالم سلفي من نجد، نشأ على حبّ التوحيد والاتباع، وخرج من محليّة دعوته إلى أممية العقيدة. دعا إلى نفي الشرك عن الله، وهدم الأضرحة والقبور التي تُعبد من دون الله، والرجوع إلى الكتاب والسنة، وترك التقليد الأعمى والتعصب للمذاهب.
وقد عُرف من خلال رسائله وكتبه، خاصة كتاب "التوحيد الذي هو حق الله على العبيد"، بدعوته الصريحة لاتباع ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ونهج السلف الصالح.
ثانيًا: ما المقصود بـ"الوهابية"؟ وهل هي مذهب مستقل؟
"الوهابية" مصطلح أطلقه خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لا سيما الصوفية والرافضة، للتنفير منها وتشويهها.
لكن الحقيقة أن الشيخ رحمه الله لم يدّعِ تأسيس مذهب جديد، بل كان يصرّح قائلاً:
"لسْتُ صاحب مذهب جديد، بل أدعو إلى التوحيد واتباع الكتاب والسنة وترك الشرك والبدع."
قال أيضًا:
"إنني أدعو إلى الله، إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا إلى مذهب حنبلي أو غيره."
ودعوته كانت امتدادًا لدعوة الأنبياء، لا تختص بمكان أو زمان.
ثالثًا: هل دعوة محمد بن عبد الوهاب تختلف عن منهج أهل السنّة؟
الجواب:
كلا. بل هي من صميم عقيدة أهل السنة والجماعة. والدليل على ذلك:
أقواله في أصول الدين:
قال رحمه الله:
"أصول الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت."
أقواله في مصادر التلقي:
"أخذنا ديننا من كتاب الله وسنة رسوله، لا من كلام ابن عبد الوهاب ولا غيره."
موقفه من العلماء:
"العلماء الكبار عندنا: الأئمة الأربعة، والبخاري، ومسلم، وأمثالهم. ونحن نتبعهم فيما وافق الكتاب والسنة."
بل كان ينهى أتباعه عن الغلو فيه، ويُرجعهم للكتاب والسنة فقط.
رابعًا: ماذا قال علماء الأمة عن عقيدة الشيخ ودعوته؟
إليك أقوال علماء ثقات من خارج الجزيرة العربية عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته:
🔸 الإمام الشوكاني (صاحب نيل الأوطار) قال:
"وقد ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد، فقام يدعو إلى التوحيد، ويهدم القباب والأوثان، وهي دعوة مباركة لا يُنكر فضلها إلا جاهل أو صاحب هوى."
🔸 الإمام صديق حسن خان (الهندي):
"دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي عين ما دعا إليه السلف الصالح، من ترك الشرك والرجوع إلى التوحيد الخالص."
خامسًا: الشبهة الرافضية في التفريق بين "السنة" و"الوهابية"
الشبهة:
يدّعي الرافضة أن خلافهم ليس مع أهل السنّة، بل مع "الوهابية"، ويتهمون الوهابية بالتكفير والإرهاب والخروج على الحكام، وينسبون إليهم كل نقيصة.
الجواب:
هذه فرية كبيرة وتلبيس مكشوف؛ لأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يُخرج عن الإسلام أحدًا إلا بعد إقامة الحجة الواضحة عليه، وكان يقول:
"من دخل الإسلام وترك الشرك فهو أخونا له ما لنا وعليه ما علينا."
كما أنه كان ينهى عن الفوضى، ويقول:
"لا يجوز الخروج على الإمام المسلم، وإن جار، ما دام يقيم الصلاة."
بل دعا للطاعة وعدم الإثارة، خلافًا لما يُشاع عنه زورًا.
سادسًا: الوهابية والشيعة... لماذا هذا العداء؟
السبب واضح: لأن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قامت على هدم أوثان القبور وفضح بدع الرافضة، ورفض الغلو في آل البيت، ودعت إلى اتباع الصحابة وعدم سبّهم.
وقد قال الشيخ رحمه الله:
"أعظم الناس حقًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ثم عمر، ثم بقية الصحابة، ولا يجوز سبّ أحد منهم."
بينما تقوم عقيدة الرافضة على سبّ الصحابة، والغلو في آل البيت حتى التأليه.
سابعًا: أقوال العلماء قبل عبد الوهاب تثبت أن دعوته سلفيه
◾ الإمام أحمد بن حنبل قال:
"قبور أهل البدع لا تُزار، ولا يُصلى عليهم، ولا يُعاد مرضاهم."
◾ الإمام الشافعي قال:
"إذا رأيتم رجلاً يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة."
◾ الإمام الآجري قال:
"من عبد الله بالبدع، فعبادته مردودة."
هذه النصوص نفسها دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فلم يأتِ بجديد!
ثامنًا: نماذج من الافتراءات والرد عليها
الفرية |
الرد |
الوهابية تكفّر المسلمين |
لم يُكفِّر الشيخ أحدًا إلا من تلبس بالشرك الأكبر وبلغه الدليل. |
الوهابية تحارب زيارة القبور |
بل تحارب التوسل بالأموات ودعاءهم من دون الله. أما الزيارة الشرعية فهي جائزة. |
الوهابية تسبّ آل البيت |
بل الشيخ كان يُثني على آل البيت ويدعو لمحبتهم وفق المنهج النبوي. |
الوهابية مذهب جديد |
دعوته هي ذاتها دعوة الأنبياء والصحابة، ولم يُحدث شيئًا في الدين. |
الخاتمة
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليست مذهبًا مستقلًا كما يُشيع الرافضة، ولا فكرًا جديدًا، بل هي امتداد لمنهج النبوة، ودعوة سلفية نقية تقوم على:
✅ التوحيد
✅ اتباع السنة
✅ ترك البدع والشركيات
✅ احترام الصحابة وآل البيت
✅ طاعة ولاة الأمور
وقد وافقه في ذلك علماء الأمة من كل بقاعها، من الشوكاني إلى الألوسي إلى صديق حسن خان.
فالفرية الرافضية بأن هناك فرقًا بين "أهل السنة" و"الوهابية"، هي محاولة لإخفاء عداوتهم للإسلام الحقيقي، الذي لا يرضى بالشرك ولا الغلو ولا سبّ الصحابة ولا تحريف الدين.
الآيات القرآنية الواردة في المقال:
- ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23]
- ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ [الأعراف: 3]
- ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول﴾ [النساء: 59]