أثير موضوع إسلام أبي طالب عمّ النبي ﷺ في كتب السيرة والتاريخ، وتناقل بعض الرواة أخبارًا تزعم دخوله الإسلام في لحظاته الأخيرة، بينما ثبت في الصحيحين أنه توفي على ملة عبد المطلب. وقد اعتمد المحدثون على نقد الأسانيد وتمحيص الروايات لتمييز الصحيح من الضعيف، فظهر أن أغلب الأخبار المثبتة لإسلامه لا تخلو من علل أو ضعف شديد، مما يجعل المسألة من القضايا التي لا تحتاج إلى تشكيك أو ادخال الشبهات من الرافضة والرجوع إلى الأحاديث الصحيحة الثابتة
مقالات ذات صلة من السقيفة:
إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله… وعترتي أهل بيتي
شبهة: أنت مني بمنزلة هارون وموسى
شبهة: البدعة بدعتان محمودة ومذمومة
ضعف رواية تسمية محسن بن علي بن أبي طالب
حدثنا محمد بن علي بن المديني فستقة ثنا أبو عمر حفص بن الحلواني ثنا بهلول بن مورق الشامي عن موسى بن عبيدة عن أخيه بن عبيدة عن عبد االله بن دينار عن بن عمر قال جاء أبو بكر رضي االله عنه بأبيه أبي قحافة إلى رسول االله صلى الله عليه وسلم يقوده شيخ أعمى يوم فتح مكة فقال له رسول صلى الله عليه وسلم ألا تركت الشيخ حتى نأتيه قال أردت أن يؤجر واالله لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشد فرحا مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك فقال رسول االله صلى الله عليه وسلم صدقت»
(المعجم الكبير للطبراني٤٠/٩).
فيه موسى بن عبيدة قال الحافظ:
«ضعيف لا سيما في عبد االله بن دينار».
قال الحافظ ابن حجر:
«أسانيد هذه الأحاديث واهية» (الإصابة٢٣٧/٧).
كما يحتجون بابن إسحاق «حدثني العباس بن عبد االله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس... إلي أن قال قال رسول االله صلى االله عليه وسلم: أي عم قلها ـ أي كلمة التوحيد ـ استحل لك بها الشفاعة يوم القيامة، فأجابه أبو طالب: يا ابن أخي، واالله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي، وأن تظن قريش أنني إنما قلتها فزعا من الموت، لقلتها، ولا أقولها إلا لأسرك بها، فلما تقارب الموت من أبي طالب، نظر العباس إليه فوجده يحرك شفتيه، فأصغى إليه بأذنيه ثم قال: يا ابن أخي لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها، فقال رسول االله صلى االله عليه وآله وسلم: لم أسمع»
(السيرة النبوية لابن هشام٢٨/٢).
وهذا الإسناد فيه مجاهيل لا يعرف حاله وهو قوله (عن بعض أهله) وهذا إبهام في الاسم والحال، ومثله يتوقف فيه لو انفرد.. عباس بن عبد االله بن معبد بن عباس ثقة لكنه لم يذكر من حديثه عن ابن عباس ومن طريقه رواه الحاكم في المستدرك (٤٣٢/٢) من طريق عباس بن عبد االله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس.
ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في الدلائل (٣٤٦/٢) عن عباس بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس.
تنبيه:
(في سؤال العباس عن حال أبي طالب ما يدل على ضعف ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس بسند فيه من لك يسم «أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا االله فأبى، قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال: يا ابن أخي، واالله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها».
وهذا الحديث لو كان طريقه صحيحاً لعارضه هذا الحديث الذي هو أصح منه فضلاً عن أنه لا يصح. فقد روى أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود من حديث علي قال «لما مات أبو طالب قلت يا رسول االله إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: اذهب فواره. قلت: إنه مات مشركاً، فقال اذهب فواره» الحديث.. ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت من ذلك شيء.
والحديث رواه البيهقي في الدلائل (2/346) وقال «هذا إسناد منقطع ولم يكن أسلم العباس في ذلك الوقت» (عن مجلة التوحيد المصرية.).