تُثار بين حين وآخر شبهة حول ما ورد في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه، بأن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه قد زاد "النداء الثالث" يوم الجمعة، ويُصور البعض هذا الأمر وكأنه بدعة في الدين. لكن التدقيق في النصوص، وفهم السياق التاريخي، ومعرفة أسباب هذا الإجراء، يوضح أن ما فعله عثمان كان اجتهادًا مشروعًا لمصلحة راجحة، في إطار سنن الخلفاء الراشدين التي أمرنا النبي ﷺ باتباعها.
مقالات ذات صلة من السقيفة:
إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله… وعترتي أهل بيتي
شبهة: أنت مني بمنزلة هارون وموسى
شبهة: البدعة بدعتان محمودة ومذمومة
ضعف رواية تسمية محسن بن علي بن أبي طالب
الشبهة:
عن السائب بن يزيد قال كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما، فلما كان عثمان رضى الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء (البخاري912).
الجواب على الشبهة:
أن عثمان فعل ذلك لمصلحة عارضة كثر المسلمون وتباعدت مساكنهم، يبين ذلك ما جاء في رواية السائب بن يزيد عند البخاري «فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء». وهذه علةٌ يدور معها معلولها، فإذا وُجدت وُجِد، وإذا انتفت انتفى.
ولذا لم ير علي رضي الله عنه نفس الشيء وهو بالكوفة، فكان مقتصراً على الأصل [عن كتاب إشراقة الشرعة في الحكم على تقسيم البدعة للأخ أسامة القصاص رحمه الله، فقد كان شوكة في وجه الأحباش ثم قرر "المجرمون" التخلص منه فقُتِل ومُثّلَ بجسده وأزيح عن الدرب وظن من ظن أنه لم يبق ثم شوكة أمام أهل البدع ولكن سلط الله عليهم من يكمل مسيرة الشيخ أسامة].
وقد خالفه علي رضي الله عنه كذلك يوم أن منع من متعة الحج فخالفه وقال لبيك بحج وعمرة ثم قال: ما كنت لأدع سنة النبي لأحد. ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا (البخاري).
أن فعل عثمان سنة شرعية نص عليها رسول الله r بقوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» [رواه أبو داود والترمذي وقال "حديث حسن صحيح" وهو كما قال.
انظر صحيح الجامع الصغير (2549)].
أنه لا يجوز أن يقاس عثمان بغيره. فلا يجوز لأحد أن يقول يجوز لي أن أبتدع بدليل أن عثمان ابتدع في دين الله كذا.