كثُرت الشبهات حول تعريف "أهل البيت" في النصوص الشرعية، خاصة بين منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الشيعة الإمامية، حيث يختلف الطرفان في تحديد من يدخل تحت هذا اللفظ. هذا المقال يسلّط الضوء على موقف أهل السنة، ويعرض الأدلة القرآنية والحديثية واللغوية التي تثبت أن الزوجات داخلات في مسمى "أهل البيت"، مع الرد على الاعتراضات اللغوية والنحوية التي يُثار حولها الجدل.
تعريف مهم حول لفظ أهل البيت وأدلته عند أهل السنة:
عقيدة اهل السنة أنه إذا ورد لفظ أهل البيت فإنه يشمل الأزواج والبناء. وأما إذا أطلقه الشيعة فإنهم يدخلون فيه الابناء ويخرجون منه النساء أعني الأزواج.
ولا شك أن زوجة الرجل من أهل بيته. وأن الله خاطب أزواج النبي في الآية التي في سورة الأحزاب. ولا يكفي أن يقال بانها نزلت فيهن، وإنما هي خطاب لهن.
فقد ورد لفظ (أهل البيت) في ثلاث آيات في القرآن الكريم كلها تعني النساء. وليس واحدة منها تعني الأبناء. وكفى بكتاب الله حجة على من يدعي الإيمان.
قال تعالى: ﴿إنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجسَ أَهلَ ٱلبَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرا﴾ سورة الأحزاب، الآية 33
﴿قَالُوٓا أَتَعجَبِينَ مِن أَمرِ ٱللَّهِ رَحمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُۥ عَلَيكُم أَهلَ ٱلبَيتِ إِنَّهُۥ حَمِيد مَّجِيد﴾ سورة هود، الآية 73
قال أبو جعفر الطوسي في التبيان في تفسير القرآن"أي قالوا لامرأة إبراهيم عليه السلام"
(التبيان في تفسير القرآن6/34).
﴿ فَقَالَت هَل أَدُلُّكُم عَلَىٰٓ أَهلِ بَيت يَكفُلُونَهُۥ لَكُم وَهُم لَهُۥ نَٰصِحُونَ ﴾
﴿ فَرَدَدنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحزَنَ ... ﴾
وورد في السنة ما يطابق ذلك. فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على عائشة ويقول لها"السلام عليكم أهل البيت"
(البخاري حديث رقم4793).
وفي رواية أنس أن رسول الله جعل يمر على نسائه فيسلم على كل واحدة منهن ويقول "سلام عليكم كيف أنتم يا أهل البيت فيقولون بخير يا رسول الله»
(صحيح مسلم رقم1428).
وسئل صلى الله عليه وسلم: كيف نصلي عليك؟ قال"قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد".
وفي رواية: "اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته"
(البخاري3370 ومسلم405).
وكانت عائشة تقول: "نهانا أهل البيت أن ننتبذ في الدباء والمزفت»
(صحيح البخاري رقم5273 ومسلم رقم1995).
وقالت: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة"(حسن الحافظ في الفتح3/356 والهيثمي (مجمع الزوائد3/90) إسناده.
وأما من اللغة:
فقد قال الخليل: أهل الرجل زوجه. والتأهل التزويج"
(معجم مقاييس اللغة1/151).
"وأهل الرجل أخص به، وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من يدين به، وأهل الأمر ولاته"
(الصحاح للجوهري4/1624 ولسان العرب 11/28).
والبيت التزويج.
يقال: بات الرجل يبيت إذا تزوج. (لسان العرب20/15).
إذن فالتأهل التزويج. وأهل البيت سكانه.
وإذا كانت القطة تدخل في أهل البيت وسكانه لأنها ممن يطوفون في البيت. فما بالك بالزوجة. كما في حديث قتادة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السنور من أهل البيت"
رواه أحمد في (المسند5/349) وصححه الألباني في (صحيح الجامع1/601 رقم6007). فكيف لا تدخل النساء في اهل البيت!.
وهذا مما يؤكد على أن لفظ أهل البيت متعلق بالبيت وأن أهل البيت سكانه كما تقدم في اللغة. ولكن الشيعة يخرجون النساء من أهل البيت مع أنهن من القائمين على البيت وخدمه والعاملات فيه. وعجبا كيف يدخل ابن عم رسول الله في أهل البيت وتخرج منه خديجة أم فاطمة؟!
فهل خديجة من اهل بيت النبي أم لا؟ وهل فاطمة من أهل بيت علي أم لا؟
ود اعترض البعض بأن الضمير ﴿عنكم﴾ جاء بصيغة التذكير ولو كان عائداً على الزوجات لجاء بصيغة التأنيث "عنكّن». وهذا يرده مفسرو الشيعة الذين فسروا الآيات التالية بخلاف ذلك.
قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهلِهِۦ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارا قَالَ لِأَهلِهِ ٱمكُثُوٓا ﴾ سورة القصص، الآية 29
قال مفسّرو الشيعة "أي قال لامرأته»
(مجمع البيان للطبرسي211:4 و250:4 والقمي139:2 والكاشاني تفسير منهج الصادقين95:7).
فقال موسى لأهله "امكثوا"ولم يقل "امكثن"مع أن خطابه إنما كان لزوجته باعتراف مفسري الشيعة.
وكذلك قوله تعالى:
﴿ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهلَهُۥٓ إِلَّا ٱمرَأَتَهُۥ كَانَت مِنَ ٱلغَٰبِرِينَ﴾ [العنكبوت، 32] أي إلا امرأته
(تفسير القمي1/336).
وكذلك قوله تعالى: ﴿ مَا جَزَآءُ مَن أَرَادَ بِأَهلِكَ سُوٓءا إِلَّآ أَن يُسجَنَ أَو عَذَابٌ أَلِيم﴾ [ يوسف، 25]
﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهلَكَ إِلَّا ٱمرَأَتَكَ كَانَت مِنَ ٱلغَٰبِرِينَ﴾ العنكبوت، 33