التقية من المفاهيم المثيرة للجدل في الفكر الإسلامي، فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم كرخصة مشروعة في حالات الاضطرار والخوف على النفس، إلا أن الشيعة الإمامية الاثني عشرية بالغوا في الأخذ بها حتى جعلوها ركناً من أركان مذهبهم، واعتبروها عزيمة لا رخصة، بل عدّوا تركها خروجاً من الدين ومساوياً لترك الصلاة أو حتى الكفر. وقد نقلت مصادرهم الأساسية، كـ"الكافي" و"بحار الأنوار"، روايات كثيرة تؤكد أن تسعة أعشار الدين تقية، وأن لا إيمان لمن لا تقية له. كما توسع الخميني وغيره من مراجعهم في تقسيمها إلى أنواع متعددة تشمل التقية الخوفية، الإكراهية، الكتمانية، المداراتية، بل وأضافوا تقية خاصة بحفظ المذهب من الاندثار، مما يكشف عمق حضورها في بنية العقيدة الشيعية. هذا المقال يتناول مفهوم التقية وأقسامها كما وردت عند الشيعة، مع عرض النصوص التي تثبت مكانتها في المذهب، وبيان خطورتها في إضعاف الثقة بين المسلمين.
أما الشيعة فإنهم يجيزون استخدام التقية في السرّاء والضرّاء معاً ومع المؤمن والكافر سواءً بسواءٍ حتى جعلوها ركناً من أركان مذهبهم، وعزيمةً لا رخصةً يستخدمونها في حالات الإضطرار وحالات اللاّ إضطرار.
وينفون أن يكونوا يستخدمون التقية إلا في حالة الاضطرار.
ويتعارض مع هذا النهي ما ورد في الكافي أن رجلاً رأى رؤيا، فدخل على جعفر الصادق يخبره بها وكان عنده أبوحنيفة، فأومأ إلى أبي حنيفة ليعبرها له. فلما فعل، قال جعفر الصادق «أصبت والله يا أبا حنيفة» فلما خرج أبو حنيفة قال الرجل لجعفر الصادق: لقد كرهت تفسير هذا الناصب! قال جعفر «ليس التفسير كما فسر. قال له الرجل: لكنك تقول له: أصبت. وتحلف على ذلك وهو مخطئ؟ قال جعفر: نعم حلفت عليه أنه أصاب الخطأ»
(الكافي292:8).
هنا نرى كيف استعملت التقية في حالة السراء حيث لا شيء يضطر جعفر إلى استخدامها، إذ لم يكن أبو حنيفة شاهراً سيفه، مكرها لجعفر. ولم يرغم أحد جعفرا على قبول تفسير أبي حنيفة.
ويقسم المرجع الشيعي الأعلى (خميني) التقية إلى أربعة أنواع:
1 - التقية الخوفية
2 - التقية الإكراهية
3 – التقية الكتمانية
4 – التقية المداراتية
ويضيف الخميني إلى ذلك قسما آخر وهو التقية من أجل الحفاظً على المذهب من الإندراس
(الحكومة الإسلامية 61).
ومن ينكر التقّية من شيعتهم يكون في نظرهم منكراً لمذهبهم ودينهم كله.
مقالات السقيفة ذات صلة:
تفسير قوله: ﴿إِن...... يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ على منهج أهل السنة
شبهة: ثم استوى على العرش في قوله:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ") …
التفسير الشيعي لآية ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾
قال شيخ الشيعة القُمّي في كتاب الاعتقادات –المسمى دين الإمامية– ما يلي:
«والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم [الإمام الغائب] فمن تركها قبل خروجه فقد خرج من دين الله تعالى وعم دين الإمامية، وخالف الله ورسوله والأئمة» (الاعتقادات 114 – 115).
ورووا عن جعفر الصادق أنه قال «تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له» (الكافي 2/172 الأصول من الكافي (باب التقية2/217 و219)» التقية ديني ودين آبائي ولا ايمان لمن لا تقية له«. بل رووا عن الصادق أنه قال «لو قلت إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا»
(بحار الأنوار75/421 مستدرك الوسائل12/254 فقيه من لا يحضره الفقيه2/80 السرائر للحلي3/582 وسائل الشيعة16/211 مجمع الفائدة5/127 للأردبيلي المكاسب المحرمة2/144 كتاب الطهارة4/255 للخوئي).
واعتبر الخوئي هذه الرواية والتي قبلها من الروايات المتواترة (كتاب الحج5/153).
وجاء في جامع الأخبار عن النبي e «تارك التقية كتارك الصلاة» (جامع الأخبار ص95 تاج الدين محمد بن حمد الشعيري).
بل رووا عن أئمتهم أن «تارك التقية كافر» (فقه الرضا لابن بابويه القمي ص338).
بل جعلوا ترك التقية كالشرك الذي لا يغفره الله:
فرووا عن علي بن الحسين أنه قال «يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان»
(تفسير الحسن العسكري ص321 وسائل الشيعة 11/474 بحار الأنوار72/415 ميزان الحكمة محمد الريشهري2/990).