من القضايا التي بالغ الشيعة في الاحتجاج بها لإثبات عقيدتهم في الإمامة ما ورد في كتبهم من روايات منسوبة إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه، يسأل فيها النبي ﷺ عن وصيه من أمته، فيجيبه لاحقًا بأن وصيه هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذه الروايات توجد في مصادرهم مثل الأمالي للصدوق.
اخترنا لكم من السقيفة:
إلا أنّ النظر في هذه النصوص يبين أنّها تتناقض مع المنهج القرآني والسيرة النبوية الصحيحة؛ فالرسول ﷺ لم يخصّ أحدًا من الصحابة بعلم دون غيره، بل كان يبلغ الرسالة عامة للناس، ويؤكد على المساواة في تبليغ الشرع، كما في قوله ﷺ: «ليبلّغ الشاهد الغائب». كما أنّ النبي ﷺ لم يعلن وصية سياسية أو دينية خاصة لعلي، وإنما أوصى عموم الأمة بالتمسك بالكتاب والسنة، كما في حديث «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي».
وبذلك يظهر أنّ هذه الرواية وأمثالها ليست إلا من جملة الأدلة التي يصطنعها الشيعة لتثبيت مفهوم "الوصية" لعلي رضي الله عنه، وهي دعوى باطلة لا يعضدها نص صحيح ولا واقع تاريخي.
اقرء أيضًأ:
25 / 1 - حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال:
حدثنا أبي (رحمه الله)، قال:
حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود اليشكري، عن محمد بن عبيد الله، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله): من وصيك من أمتك، فإنه لم يُبعث نبي إلا كان له وصي من أمته؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم يُبيَّن لي بعد. فمكثت ما شاء الله أن أمكث، ثم دخلت المسجد، فناداني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا سلمان، سألتني عن وصيي من أمتي، فهل تدري من كان وصي موسى من أمته؟ فقلت: كان وصيه يوشع بن نون فتاه. قال: فهل تدري لمَ أوصى إليه؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده، ووصيي أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب.
الأمالي للصدوق، ص63
وهذا الكلام يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يُعلّم علي رضي الله عنه أي أمر إلا ما كان يعلمه للصحابة رضي الله عنهم أجمعين