العصمة بين الوحي والضلال: إشكالية الآية وتفسيرها عند الإمامية
تُعتبر مسألة عصمة الأنبياء والأئمة من أبرز المسائل العقدية التي دار حولها نقاش طويل بين علماء المسلمين، ولا سيما عند الإمامية الذين يعتقدون بعصمة النبي محمد ﷺ والأئمة من ولادتهم حتى وفاتهم.
وقد أثارت بعض الآيات القرآنية، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ [سبأ: 50]، تساؤلات عميقة حول مدى شمول العصمة وفترة ابتدائها. فهل يمكن القول بإمكان وقوع النبي ﷺ في الضلال قبل تكليفه بالنبوة؟ وهل كان حاله قبل نزول الوحي كحال سائر البشر في التعرض للخطأ والضلالة؟ وكيف يُمكن فهم عصمة الأئمة مع أنهم لا يتلقون الوحي الإلهي كالنبي؟ هذه التساؤلات شكلت محورًا لجدل واسع، استند فيه بعض العلماء، مثل مكارم الشيرازي، إلى أن الوحي هو الذي يحفظ النبي من الضلال، فيما ذهب الإمامية إلى أن العصمة ممتدة منذ الولادة.
اقرء أيضًأ:
قال الشيرازي:
"وفي الآية الخامسة يلاحظ أيضًا تعبير جديد، وهو اقتران مفهوم ((السميع)) مع مفهوم ((القريب))، حيث قال سبحانه مخاطبًا رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم): ﴿قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾، وهذه الآية تشير إلى احتمال ضلال الرسول بدون الوحي الإلهي، وأن الذي يعصمه (صلى الله عليه وسلم) من الخطأ ويهديه إلى الحق والصواب هو الوحي الإلهي، لا التفكر والاستدلال البشري المعرض للخطأ.
. (نفحات القرآن – ناصر مكارم الشيرازي – ج 4 ص 39 – 40)
اخترنا لكم من السقيفة:
إن كان معصومًا من الولادة إلى الممات كما يقول الإمامية، فكيف يُجعَل احتمال وقوعه صلى الله عليه وآله وسلم في الضلال؟! فهل نقول بإمكانية وقوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الضلال قبل تكليفه بالنبوة ونزول الوحي عليه؟! وهل كان حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل نزول الوحي عليه كحال غيره في احتمال وقوعه في الضلالة أم لا؟ وهل يمكن احتمال وقوع الأئمة في الضلال في صغرهم أم لا؟ إذ إنه من المعلوم أن الوحي لا ينزل على الأئمة لا في صغرهم، ولا وهم كبار.