من أبرز النصوص التي كثر حولها الجدل في كتب التفسير والحديث ما جاء في تفسير قوله تعالى:
﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79].
فقد أجمع جمهور المفسرين من السلف والخلف على أن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى التي اختص الله بها نبيه محمدًا ﷺ يوم القيامة.
من مقالات السقيفة:
غير أن بعض الروايات المنسوبة إلى السلف أو إلى الشيعة ذهبت إلى تفسير "المقام المحمود" بغير ذلك، مثل القول بأن الله يُقعد النبي ﷺ على العرش معه، أو يجلسه على العرش. وهذه الروايات كانت مثار جدل طويل بين علماء أهل السنة والجماعة والمخالفين.
والحقيقة أن أهل السنة قد تعاملوا مع هذه الروايات بميزان العلم والحديث، فميّزوا الصحيح من السقيم، وبيّنوا أن حديث "يجلسني على العرش" باطل لا يثبت عن رسول الله ﷺ، وأن الصحيح المرفوع هو تفسير "المقام المحمود" بالشفاعة. بينما استغل الشيعة هذه النصوص المكذوبة في تضخيم عقيدة الغلو في النبي ﷺ وأهل البيت رضي الله عنهم، حتى رووا أن جميع الأئمة يجلسون على العرش! وهذا من أبطل الباطل وأوضح صور الانحراف العقدي.
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا:
يقعده معه على العرش ﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾: يقعده معه على العرش حدثنا أبو بكر ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد: «﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾» قال: يقعده معه على العرش.
قال الألباني:
«إسناده ضعيف مقطوع والليث مختلط على أنه قد توبع وليس في ذلك ما يحتج به كما بينته في كتابي مختصر العلو للعلي العظيم للحافظ الذهبي» (ظلال الجنة 1/367).
وقد نقل ابن القيم أبياتًا من الشعر وهي:
حديث الشفاعة عن أحمد**إلى أحمد المصطفى نسنده
وجاء حديث بإقعاده ** على العرش أيضًا فلا ننكره
أمروا الحديث على وجهه** ولا تدخلوا فيه ما يفسده
ولا تنكـــــروا أنه قائم ** ولا تنـــــــــــكروا أنه يقــــــــــــعده
قال الألباني رحمه الله:
«فهذا إسناده لا يصح من أجل أبي العز هذا» إلى أن قال: «فاعلم أن إقعاده ﷺ على العرش ليس فيه إلا هذا الحديث الباطل» يعني حديث «يجلسني على العرش» (سلسلة الأحاديث الضعيفة 2/256).
ومع هذا كله فلم يصح شيء من ذلك مرفوعًا إلى النبي ﷺ. بل الصحيح المرفوع قول رسول الله ﷺ: «هي الشفاعة» (رواه الترمذي وصححه الألباني 2508). وهو الصحيح المقدم على غيره من التفاسير.
أما الرافضة فلهم روايات في إثبات ذلك.
فقد روى الشيعة عن علي:
«فإذا كان يوم القيامة أقعده – أي محمدًا - الله عز وجل على العرش فهذا أفضل مما أعطي سليمان» (الاختصاص للمفيد ص18، الاحتجاج 1/327 للطبرسي، حلية الأبرار 1/245 هاشم البحراني، بحار الأنوار 1/441، 71/288 كلمات الإمام الحسين للشيخ الشريفي ص177، تفسير نور الثقلين 3/207 للحويزي 4/458).
«ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاه ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاه ثم يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم يقوم علي بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمد بن علي فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني، وكأني بكما معي، ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا» (تفسير العياشي 2/312).
اخترنا لكم:
وعن الحسين بن علي قال: «قال علي عليه السلام: قد ذكر مناقب الرسول صلى الله عليه وآله ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش» (تفسير نور الثقلين 3/207 للحويزي). قالوا: «ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش فهذا أفضل مما أعطي سليمان عليه السلام» (تفسير نور الثقلين 4/458).
بل رووا أن أهل البيت يجلسون كلهم على العرش.
كما في النصوص التالية:
رواية الأشباح والعفاريت.. ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا
قال المفيد:
«والصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات: بأن آدم عليه السلام رأى على العرش أشباحًا يلمع نورها، فسأل الله تعالى عنها، فأوحى إليه: إنها أشباح رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم. وأعلمه أن لولا الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماء ولا أرضًا» (المسائل السروية للمفيد ص39، بحار الأنوار 5/، نور البراهين للجزائري 2/185).
يعني أن الله خلق الكون من أجل من هم اليوم أموات. لكن الكون باقٍ!!! فهل يعني أن وجودنا بلا سبب لأن السبب لم يعد له وجود بيننا؟!
قال السيد هاشم البحراني:
«ووعده المقام المحمود فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان عليه السلام» (حلية الأبرار 1/245 السيد هاشم البحراني).
وهذه غيض من فيض كفر تفضيل غير النبي على النبي.