من أكثر الآيات التي يستشهد بها الشيعة لإثبات إمامة عليٍّ رضي الله عنه وأهل بيته، قوله تعالى:

﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 43].

إلا أن التفسير الصحيح لهذه الآية كما أجمع عليه جمهور المفسرين أنها لا تتعلق بعليٍّ رضي الله عنه، وإنما بعلماء أهل الكتاب الذين يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل، وهو ما جاء في نصوص قرآنية متعددة. في هذا المقال نستعرض أقوال كبار المفسرين كابن كثير، وردود العلماء كالبرقعي، لنبيّن فساد استدلال الشيعة بالآية، وأنها في حقيقتها حجّة عليهم لا لهم.

قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ [الرعد: 43]

قال الحافظ ابن كثير:

"وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا: أَنَّ ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَجِدُونَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْتَهُ فِي كُتُبِهِمُ الْمُتَقَدِّمَةِ، مِنْ بِشَارَاتِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ﴾ الْآيَةَ [الْأَعْرَافِ: 156، 157] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ الْآيَةَ: [الشُّعَرَاءِ: 197]. وَأَمْثَالَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ الْإِخْبَارِ عَنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمُ الْمُنَزَّلَةِ "

تفسير ابن كثير ابو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير - ج 4 ص 474

فالاية الكريمة تتعلق بعلماء اهل الكتاب، ولا يمكن ان تُحمل على علي رضي الله عنه، وذلك لان المشركين لم يكونوا مصدقين برسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فكيف يكون الزامهم بفرد من افراد الامة؟، بل لا بد من الزامهم بطرف لا علاقة له برسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ويكون له اثر في تلك المجتمعات، وهذا متحقق بعلماء اهل الكتاب.

مختارات من موقع السقيفة:

الادعاءات حول ولادة المهدي في كتب المؤرخين

هل نَسِيَ الإمامُ الحسنُ أنَّ زينَ العابدين إمام؟

خيانة الوزير الشيعي علي بن يقطين في عهدهارون الرشيد

ظلم الابتداع للذكر والصحابة وآل البيت

ما حقيقة تأويل الإمام أحمد لآية: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾

قال البرقعي:

" وأمّا قوله تعالى: ﴿عنده علمُ الكتاب﴾ فعلى قول الشيعة ـ مثلاً ـ: المعنى علي وأولاده رضي الله عنهم، هل الكفار الذين لا يؤمنون للنبي يقبلون شهادة علي الذي ربي في بيت النبي ولم يكن عمره يتجاوز عشر سنوات وربي في بيته وأولاده الذين لم يولدوا بعد؟! هل شهادة هؤلاء تكفي الكفار؟! الذين لا يقبلون كلام محمد، هل يستجيبون لكلام صبي في بيته!! هل كلام الله لغو ـ والعياذ بالله ـ فاعلم أن القول الصحيح أن الله قدم شاهدين لصدق رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وصحتها، ليؤمن الكفار به، الأول شهادته نفسه أنه نزل إليه كتاب يعجز الناس كلهم عن إتيان سورة مثله، والآخر شهادة الذين يعلمون التوراة والإنجيل، وهم أهل الكتاب الذين رأوا اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووصفه في كتبهم ودليلنا على هذا المعنى الآيات القرآنية الأخرى، فقد استشهد الله بشهادة علماء أهل الكتاب للكفار كالآية ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ [الشعراء: 196-197]. وقال في سورة القصص ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا﴾ [القصص: 52-53]. وقال في سورة العنكبوت ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [العنكبوت: 47] وقال في سورة الأعراف ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾ [الأعراف: 157]. وقال في سورة المدثر ﴿وَلَا يَرْتَابُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [المدثر: 31]. وقال في سورة الأنعام ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [الأنعام: 20]. "

كسر الصنم ابو الفضل البرقعي - ص 230