الحمدُ للهِ الَّذي حفِظَ دِينَهُ بحفظِ كِتابِه وسُنَّةِ نبيِّه، وأقامَ لهذه الأمَّةِ أئمَّةً ثِقاتاً دَوَّنوا الحديثَ الشَّريف وميَّزوا صحيحَه من ضعيفِه، فبقيت السُّنَّةُ النَّبويَّةُ منارةً مضيئةً عبرَ القرون. إنَّ السُّنَّة هي المصدَرُ الثاني للتشريع الإسلامي بعد كتاب الله عزَّ وجلَّ، وهي المفسِّرةُ للقرآنِ والموضِّحةُ لأحكامِه، وحفظُها حفظٌ للدِّين كلِّه. لكنَّ طائفةَ الرَّافضة لم تولِ هذه السُّنَّةَ ما تستحقُّ من التقدير والعناية، بل عبثوا بها اتِّهاماً للرُّواة الثِّقات، ووضعاً للأحاديث المكذوبة، وتأويلاً للنُّصوص على غير وجهها، حتى صارت رواياتُهم مرتعاً للكذب والغلوِّ والتناقض. وفي هذا المقال نسلِّط الضَّوء على مظاهر عبث الرَّافضة بالسُّنَّة وآثارِه الخطيرة على العقيدة والفكر الإسلامي.
السُّنَّة النبويَّة ومكانتها
السُّنَّة النبويَّة الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ، والتي نُقِلَت بالرواية عن الصحابة إلى التابعين ثم إلى أتباعهم، جُمِعَت ودُوِّنَت على أيدي علماء الأمَّة الأجلَّاء. وقد ميَّزوا صحيحها من سقيمها، وكانوا أمناء في النَّقل، فحُفِظَت السُّنَّة بهم، وحُفظَ الدِّين كلُّه.
لكنَّ الرَّافضة لم يعترفوا بهذه السُّنَّة، بل طعنوا في المحدِّثين الثِّقات، خاصَّةً إذا رووا فضائل الصَّحابة رضي الله عنهم. وجعلوا القاعدة أنَّ من لم يُوالِ عليًّا على طريقتهم فهو خائن، كاذب، لا تُقبل روايته، مع أنَّهم أكذب الطَّوائف بشهادة العلماء.
مظاهر عبث الرَّافضة بالسُّنَّة
1) الجهل بسيرة النبي ﷺ
لم يعتنِ الرَّافضة بدراسة سيرة النبي ﷺ، بل جهلوا أحداثها ومغازيها، بينما اهتموا بسيرة الحسين رضي الله عنه لاستغلالها في إثارة الأحقاد وبثِّ العداوات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«ولا ريب أنَّ هذا الرافضي ونحوَه من شيوخ الرافضة من أجهل الناس بأحوال الرسول، وسيرته، وأموره ووقائعه»
(منهاج السنة النبوية 8/211).
2) الجهل بالسُّنَّة النبويَّة
رفض الرَّافضة روايات الصَّحابة، فصار جهلهم بالسُّنَّة أمراً محتوماً، ثمَّ عمدوا إلى وضع الأحاديث المكذوبة لتكون لهم مرجعاً.
مقالات السقيفة ذات صلة |
رد خبر الفاسق في ضوء كلام الإمام مسلم في صحيحه حديث «إن يعش هذا لا يدركه الهرم...» وشبهات عدنان إبراهيم |
قال ابن تيمية:
«فإنَّ الرافضة في الأصل ليسوا أهل علم وخبرة بمعرفة الأدلة، بل عمدتهم على تواريخ منقطعة الإسناد وكثير منها موضوع»
(منهاج السنة 1/26).
3) تعمُّد الكذب في الرواية
الكذب عندهم أصلٌ قديم، وقد أجمع أهل العلم على أنَّهم أكذب الطوائف. قال ابن تيمية:
«قد اتفق أهل العلم بالنقل والإسناد على أنَّ الرافضة أكذب الطوائف»
(منهاج السنة 1/26).
4) الاستدلال بالنصوص للاعتضاد لا للاعتماد
النصوص عند الرَّافضة ليست مرجعاً يُحتكم إليه، بل وسيلة لتزيين أهوائهم، فإذا وافقت قبلوها، وإن خالفت ردُّوها أو حرَّفوها.
قال ابن تيمية:
«القوم يتكلمون بحسب ما يرونه ناصراً لقولهم، لا يعتمدون على حق يعلمونه»
(منهاج السنة 3/164).
الآثار السَّيِّئة لهجر السُّنَّة
من أبرز نتائج انحراف الرَّافضة عن السُّنَّة النبوية:
◘ القول بتحريف القرآن الكريم.
◘ الغلو في الأئمَّة وجعلهم أعظم من الأنبياء.
◘ الطعن في الصَّحابة وادعاء ردَّتهم.
◘ إيذاء النبي ﷺ بالطعن في زوجاته وخاصة عائشة رضي الله عنها.
◘ فتح الباب للزنادقة والملاحدة لهدم الإسلام.
◘ استمرار العداوة لأهل السُّنَّة حتى قيام الساعة.
الخاتمة
إنَّ ما ارتكبه الرَّافضة من عبثٍ بالسُّنَّة النبوية جريمة كبرى في حق الإسلام، فقد بدَّلوا وغيَّروا وحرَّفوا، واعتمدوا الكذب والخداع ديناً. ولا يزال خطرهم قائماً، بما يبثُّونه من شبهات وأباطيل. والواجب على المسلمين أن يتمسَّكوا بالسُّنَّة الصحيحة المرويَّة عن الثِّقات، وأن يحذروا من روايات أهل الأهواء والبدع، حفظاً لدين الله من التحريف والتضليل.
المصادر
1) ابن تيمية، منهاج السنة النبوية.
2) محمود الألوسي، مختصر التحفة الاثني عشرية.
3) علي السالوس، أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله.
4) الخليل القزويني، الإرشاد في معرفة علماء الحديث.
5) محمد طاهر حكيم، السنة في مواجهة الأباطيل.
6) عبد الحسين الأميني، الغدير في الكتاب والسنة والأدب.