من الأحاديث الصحيحة التي أخرجها البخاري ومسلم حديث النبي ﷺ حين سأله بعض الأعراب عن الساعة فقال مشيرًا إلى أصغرهم سنًا: «إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم ساعتكم». وقد حاول بعض المشككين الطعن في هذا الحديث، ومنهم عدنان إبراهيم، فادّعى أن في الصحيحين روايات مكذوبة وخرافية. إلا أن هذا الطعن ناتج عن جهل وسوء فهم للنصوص، إذ إن الحديث لا يقصد القيامة الكبرى، بل يشير إلى موت الجيل المخاطَب. في هذا المقال نستعرض نص الحديث، ونبين معناه الصحيح، ونرد على الشبهات المثارة حوله.

نص الحديث:

روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة: متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم» (متفق عليه).

وفي رواية أنس رضي الله عنه:

«إن أُخِّر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة» (البخاري ومسلم).

معنى الحديث:

المقصود بقول النبي ﷺ: «قامت عليكم ساعتكم» أي موت ذلك الجيل المخاطَب، لا القيامة الكبرى. وقد قال النبي ﷺ في حديث آخر:

«من مات فقد قامت قيامته»

وهذا يوضح أن قيام الساعة قد يُطلق على الموت، باعتبار أنه النهاية الخاصة لكل إنسان.

كما جاء في الحديث الصحيح:

«أرأيتم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها الآن أحد»

وفي قوله ﷺ:

«أعمار أمتي بين الستين والسبعين، وأقلهم من يتجاوز ذلك»

يتضح أن النبي ﷺ نظر إلى أصغرهم سنًا، فربط موت جيلهم ببقاء أصغرهم حيًا.

الرد على شبهات عدنان إبراهيم:

زعم عدنان إبراهيم أن هذا الحديث من الخرافات، مستدلًا بلفظ «حتى تقوم الساعة» ليطعن في الصحيحين. وهذا الطعن باطل من وجوه:

1-  التدليس في النقل: فقد تجاهل اللفظ الآخر عند مسلم: «حتى تقوم ساعتكم»، الذي يقيّد معنى الحديث بموت المخاطبين، لا بقيام القيامة الكبرى.

2-  مخالفة فهم العلماء: فقد أجمع أهل العلم أن المراد بالساعة هنا موت الجيل المخاطَب، لا الساعة المطلقة.

3- الطعن في الصحيحين باطل: إذ إن الأمة تلقت كتابي البخاري ومسلم بالقبول، وإجماع العلماء منعقد على صحة أحاديثهما.

وبهذا يظهر أن شبهات عدنان إبراهيم ناشئة من سوء فهم، بل ومن تحريف النصوص، وهي محاولات يائسة لضرب مكانة السنة في نفوس المسلمين.

الخاتمة:

يتبين أن حديث: «إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم ساعتكم» حديث صحيح لا مطعن فيه، ومعناه متفق مع باقي نصوص السنة، ولا يدل بحال على ما يزعمه بعض الطاعنين. بل هو شاهد على دقة التعبير النبوي، وأن موت الإنسان قيامته الخاصة.