آية الولاية بين التفسير والجدل العقدي

تُعَدُّ آية الولاية من أبرز الآيات التي أثارت جدلاً واسعاً بين المسلمين، إذ استدل بها بعض الفرق على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما يرى جمهور أهل السنة والجماعة أن الآية عامة لا تختص بشخص معين من الصحابة. والجدل هنا ليس في ألفاظ الآية نفسها، فهي واضحة في دلالتها على ولاية الله ورسوله والمؤمنين، وإنما في سبب نزولها الذي يزعم بعضهم أنه متعلق بموقف لعلي رضي الله عنه أثناء صلاته. ومن هنا جاء الخلاف العقدي والتفسيري حول الآية، ما جعلها موضوعاً محورياً في مناقشات الإمامة والولاية عبر القرون.

(الرد الثاني):

آية الولاية هي قول الله تبارك وتعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ .

يستدلون بهذه الآية على إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه قبل أبي بكر وقبل عمر وقبل عثمان.

وجه الدلالة ليس في هذه الآية وإنما في سبب نزول هذه الآية، فالآية إذا كما ترون عامة يقول الله فيها  ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ  لا ذكر فيها أبداً لعلي رضي الله عنه ولا ذكر فيها لأحد من أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه، إنما تذكر ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ

  إذاً أين الدلالة؟؟

الدلالة هي في تفسير هذه الآية وهو سبب نزولها كما يزعم  القوم.

 فما سبب نزول الآية عندهم؟؟

إنّ سبب نزول الآية عندهم دعوى أنّ علياً رضي الله عنه كان يصلي فجاء سائل يسأل الناس فلم يعطه أحد شيئاً، فجاء  إلى علي وهو راكع فمد علي يده وفيها خاتم فأخذ الرجل الخاتم من يد علي رضي الله عنه فأنزل الله جل وعلا هذه  الآية ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ فيقولون الذين آتوا الزكاة وهم راكعون هم واحد وهو علي بن أبي طالب فهذه الآية أو ما تسمى عندهم بآية الولاية وهي أقوى دليل عندهم بهذه المسألة كما قرأت لبعض علمائهم.

لنرى هل هذه الآية فعلاً تدل على مرادهم أو لا تدل، هذه الآية طُرحت في أثناء المناظرة وتم الرد على بعض شبههم فيها ولكن كما قلت نحتاج إلى أن نسهب أكثر في بيان معنى هذه الآية وبيان مدى دلالتها على ولاية علي رضي الله عنه وأرضاه.

إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 ، ويقول رسولنا صلوات الله وسلامه عليه: ( إن في الصلاة لشغلاً) متفق عليه.

من مختارات السقيفة:

¨   شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل

¨   موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس

¨   نظرية الخُمس بين الفقيه والإمام الغائب

¨   روايات الشيعة التي تنقض عصمة النبي صلى الله عليه وسلم

¨   كل راية قبل القائم طاغوت

¨   من هم الشيعة الاثنا عشرية؟

وعلي عندنا معاشر أهل السنة والجماعة من أئمة المسلمين ومن أئمة المتقين ومن أئمة الخاشعين فلا نقبل أبداً أن ينسب إلى علي رضي الله عنه أن يشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة، بل نرى أن علياً رضي الله عنه ممن يلتزم بقول الله تبارك وتعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 ويلتزم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن في الصلاة لشغلاً )، ثم يقال بعد هذا كله إن الأصل في الزكاة أن يتقدم بها المزكي  لا أن ينتظر الفقير أو المحتاج حتى يأتيه ويطلب منه هذه الزكاة، فهذا لا يُمدح وإنما يُمدح الذي يعطيها إبتداءاً للذي ينتظر الفقير حتى يأتيه ويعرض نفسه للسؤال، ونحن كذلك ننزه علياً رضي الله عنه من أن يفعل ذلك وهو أن ينتظر الفقير حتى يأتيه ثم يعطيه زكاة ماله.

 

 

ثم كذلك نقول إنّ الزكاة لم تجب على علي رضي الله عنه في زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه بل كان فقيراً، إسألوا أنفسكم

ماذا أمهر علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها؟؟

أمهرها درعاً، لم يكن ذا مال، كان فقيرا ما كان يستطيع أن يشتري خادماً لفاطمة، ولذلك لما سمع علي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها بقدوم سبي للنبي صلى الله عليه وسلم ذهبا يطلبان خادماً، ما كانا يملكان حتى شراء خادم، ومع هذا يأتي علي ويتزكى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم!! هذا لا يمكن أبداً، ما كانت الزكاة واجبة على علي زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك نقول ليس في هذه الآية مدح لمن يعطي الزكاة وهو راكع، إذ لو كان الأمر كذلك لكان إعطاء الزكاة أثناء وقت الركوع أفضل من غيره من الأوقات!!

ونقول لجميع الناس أعطوا زكاة أموالكم وأنتم ركوع لأن الله مدح الذين يعطون زكاة أموالهم وهم ركوع!! ولقلنا للفقراء إبحثوا عن الراكعين وأسألوهم الزكاة ولا أظن أنه يقول احد من أهل العلم مثل هذا الكلام.

ثم إن الله جل وعلا ذكر إقامة الصلاة ولم يذكر أدائها، فلنحاول أن نتدبر الآية قليلاً، إن الله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ثم وصفهم الله جل وعلا قال ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ فلم فصل بين الركوع والصلاة وأدخل بينهما الزكاة.

إن القرآن يعلم جميع المسلمين أنه أفصح القول ولا يستطيع أحد أن يمسك على القرآن ولا غلطة واحدة في نحوٍ ولا بلاغة ولا صرف ولا في غيرها من الكلمات أبداً لا يمكن هذا، أحسن الحديث وأحسن الكلام، إذا كان الأمر كذلك ولا أظن أن مسلماً يخالفني في ذلك فكيف دخلت الزكاة بين الصلاة والركوع؟

 ثم إن الصلاة إنما ذكرت بالإقامة فقال جل ذكره ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ إن إقامة الصلاة تختلف تماماً عن أدائها وذلك أن إقامة الصلاة هي أن تؤدى هذه الصلاة بكمال شروطها وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها مع حسن وضوء وحسن خشوع، هذه هي إقامة الصلاة ولذا جاء بعده ذكر الزكاة أما قوله جل وعلا ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ فليس له دخل في الصلاة أصلا وإنما الركوع هنا بمعنى الخضوع لله جل وعلا كما قال سبحانه وتعالى عن داوود عليه السلام ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ 24 ومعلوم أن داوود عليه السلام إنما خر ساجداً ولذا نسجد نحن إذا قرأنا هذه الآية سجود التلاوة، وداوود خر راكعاً فكيف يكون هذا؟؟ نقول إن داوود خر ساجداً ولكن الله قال ﴿خَرَّ رَاكِعًا نقول أي خاضعاً لله جل وعلا، فالركوع هو الخضوع لله جل وعلا.

ومنه قول الله جل وعلا عن مريم عليها السلام ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ أي إخضعي مع الخاضعين ولذا مريم كانت تعيش بيت المقدس، وهبتها أمها لبيت المقدس وأمرأة لا تجب عليها صلاة الجماعة مع الراكعين، وإنما المقصود إخضعي لله جل وعلا مع الخاضعين له سبحانه وتعالى.