الشيعة واختلاق الأحاديث لتشويه الإسلام:

دأبَت الفرقة الضالّة المسماة بالشيعة على نشر الأحاديث الباطلة، وتحريف النصوص الصحيحة من القرآن والسنة، خدمةً لعقائدهم المنحرفة وأهدافهم السياسية القديمة. فهم لا يكتفون بتحريف المعاني بل ينسبون إلى أمهات المؤمنين والصحابة أقوالًا وأفعالًا تخالف الشرع والعقل، كما فعلوا في قضية حديث "أرضعيه" الذي حاولوا استغلاله للطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مدّعين أن النبي ﷺ أمرها بإرضاع رجل كبير، والعياذ بالله.

هذا المقال يبيّن المعنى الصحيح للحديث كما فهمه العرب والسلف الصالح، ويكشف تحريف الروافض في تفسيره، موضحًا أن المقصود بالإرضاع في هذا الموضع هو الأمر بتولية الإرضاع لا القيام به فعلاً، وأنه كان خاصًا بحالة معينة دون تعميم.

الشبهة الشيعية حول حديث "أرضعيه":

من الشبهات التي أثارها الرافضة للطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولهم إن النبي ﷺ أمرها أن تُرضِع رجلاً كبيرًا، وأنها أخذت بذلك الحكم فأمرت أخواتها وبنات أخواتها أن يُرضِعن من أرادت أن يدخل عليها.

وهذه فرية باطلة سببها الجهل بلغة العرب وسياق النص، وسوء القصد في تأويل الحديث.

قولهم أرضعت يعني أمرت بإرضاعه وإلا كيف ترضع وهي لم تنجب اصلاً؟؟

وهذا المعنى كان مفهوما عند العرب، ففي حديث الغامدية في صحيح مسلم (3/ 1322) وغيره:

فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ»، فَقَالَ: «إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ»، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللهِ، قَالَ: فَرَجَمَهَا.

فقول الرجل إلي رضاعه، لا يعني أنه سيرضعه بنفسه، إنما سيعطيه من تتولى ذلك، هذا على ظاهر تلك الرواية .

شاهد من السنة على هذا الفهم

في حديث الغامدية الصحيح في "صحيح مسلم" (3/1322):

«فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: فَرَجَمَهَا».

فـ قول الرجل: (إليَّ رضاعه) لا يعني أنه سيرضعه بنفسه، بل أنه سيتكفّل بإرضاعه عبر من تقوم بذلك، كزوجته أو جاريته.

وهذا على ظاهر اللفظ العربي في سياق الحديث، وهو من أوضح الأدلة على أن الإرضاع لا يعني المباشرة.

ومما يؤيد هذا المعنى:

عَنْ عَائِشَة ، قَالَتْ: أَتَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنَّا فُضُلٌ، وَإِنَّا كُنَّا نَرَاهُ وَلَدًا، وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ تَبَنَّاهُ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} سورة الأحزاب آية 5 " فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا"، فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَأَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ وَاللَّهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ مِنْ دُونِ النَّاسِ .

الرد العلمي على الشبهة

1)               قول النبي ﷺ "أرضعيه" لا يعني الرضاع المباشر، بل يعني التكفّل بإرضاعه كما هو معروف في لسان العرب.

2)               سهلة بنت سهيل لم تكن ذات لبن، مما يدل على أن المراد الإرضاع بواسطة غيرها.

3)               قصة سالم كانت حالة خاصة، ولم يقل أحد من الصحابة أو أمهات المؤمنين بعمومها.

4)               الشيعة الروافض استغلوا ظاهر اللفظ لترويج شبهاتهم ضد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي براء من افترائهم.

بيان العلماء في خصوصية الحكم

وقد فهمت أمهات المؤمنين هذا المعنى، ولذلك لم يوسّعن الحكم على غيره.
قالت الرواية:

«فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، وَأَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي، لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ دُونَ النَّاسِ».

المصادر والمراجع:

1)  صحيح مسلم (حديث الغامدية) – كتاب الحدود.

2)  صحيح البخاري ومسلم – باب رضاع الكبير.

3) تفسير ابن كثير (تفسير سورة الأحزاب، الآية ٥).

4) فتح الباري لابن حجر (شرح باب رضاع الكبير).

5) لسان العرب – مادة (رضع).