لقد دأب الشيعة – تلك الفرقة الضالّة الخارجة عن جماعة المسلمين – على وضع أحاديثٍ باطلةٍ ومنسوبةٍ زورًا إلى النبي ﷺ وأهل بيته، لتحقيق مقاصد دنيوية وسياسية أو لتبرير انحرافاتٍ عقديّة وسلوكية. ومن أخطر ما روّجوه من أباطيل: نسبُ القول بجواز إتيان النساء في الدبر، وهو فعلٌ شنيعٌ تبرأ منه الشريعة، وتوعد الله فاعله بالعقوبة في الدنيا والآخرة.
وفي هذا المقال، نكشف زيف رواياتهم، ونُثبت من خلال الأحاديث الصحيحة حرمة هذا الفعل تحريمًا قطعيًا، ونُبيّن خطورة الاعتماد على الروايات الموضوعة التي تناقض نصوص القرآن والسنة الصحيحة.
أولاً: حقيقة الشبهة التي يثيرها الشيعة
يستند بعض دعاة الشيعة إلى روايات مكذوبة يدّعون فيها أن النبي ﷺ أو بعض أئمتهم المزعومين أباحوا إتيان النساء في الأدبار، ويبرّرون ذلك بأنه "باب من اللذة" لا يدخل في التحريم، أو أنه من خصوصيات أهل البيت!
وهذه الروايات لا أصل لها في كتب السنة الصحيحة، بل هي من وضع الغلاة والمجوس الذين دخلوا الإسلام ظاهرًا وأرادوا تشويه أخلاقه.
وقد نقل علماء الحديث والفقه عن هؤلاء الرافضة أحاديث شاذة ومنكرة، تخالف صريح القرآن الكريم والسنة الصحيحة، كما تخالف الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
ثانيًا: الردّ بالأحاديث الصحيحة الصريحة
لقد وردت أحاديث صحيحة وثابتة تُحرّم هذا الفعل تحريمًا قطعيًا لا لبس فيه، منها ما رواه الإمام الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (ج2، ص1287، ط المكتب الإسلامي):
7801 - (2900) - «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ»
(صحيح) [رواه الترمذي عن ابن عباس، المشكاة 3195، وآداب الزفاف ص30].
7802 - (2901) - «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا»
(صحيح) [رواه أحمد عن أبي هريرة، المشكاة 3394].
هاتان الروايتان واضحتان وضوح الشمس في الدلالة على أن من أتى امرأته في دبرها محرومٌ من نظر الله يوم القيامة، أي من رحمته ورضوانه، وهو وعيد شديد يدل على عِظَم الذنب.
ثالثًا: الدليل من القرآن الكريم
قال الله تعالى في شأن العلاقة الزوجية:
﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ ❲البقرة: 223❳
وقد فسر جمهور المفسرين – كابن عباس، ومجاهد، والطبري، وابن كثير – أن المراد بالحرث هو موضع الولد (الفرج)، أي أن الإتيان يكون في المحلّ الذي يُزرع فيه النسل، لا في غيره.
فعبارة (أَنَّى شِئْتُمْ) تعني من أي جهةٍ شئتم – أمامًا أو خلفًا – ولكن في مكان واحدٍ فقط، وهو موضع الحرث.
وهذا التفسير المتواتر يُبطل ادعاء الشيعة الذين يُحرّفون معنى الآية لتمرير أهوائهم.
رابعًا: إجماع العلماء على التحريم
قال الإمام مالك رحمه الله: "هو عمل قوم لوط، ولا يُعرف في الإسلام إلا أنه حرامٌ مغلظ."
وقال الإمام الشافعي: "من أتى امرأته في دبرها فقد أتى كبيرةً من الكبائر."
وقال الإمام أحمد: "هو مكروه كراهة تحريم، لا يفعله إلا فاسق."
وأجمع علماء الأمة - سلفًا وخلفًا - على أن هذا الفعل حرامٌ بالإجماع، وأن من استحله فقد كفر بالله لأنه أنكر نصًا صريحًا من القرآن والسنة.
خامسًا: خطر الوضع في الحديث عند الشيعة
لقد تجرأ علماء الشيعة على نسبة الأكاذيب إلى النبي ﷺ وأئمة آل البيت، فاختلقوا آلاف الروايات المنسوبة زورًا إلى جعفر الصادق أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ومنها ما يخصّ الإباحة في الفروج، والطعون في الصحابة، والبدع العقدية.
وهذا النهج المنحرف كشفه الأئمة النقاد منذ القرون الأولى؛ فقد قال الإمام ابن الجوزي:
"إن الرافضة قومٌ كذّابون، لا يُقبل نقلهم، ولا يُستند إلى روايتهم."
سادسًا: الردّ العلمي على الشبهة
الشبهة التي يروّجها الشيعة باطلة من وجوهٍ عدّة:
1) مخالفة القرآن الكريم في تحديد موضع الحرث.
2) مخالفة الأحاديث الصحيحة التي تُحرّم الإتيان في الدبر تحريمًا قاطعًا.
3) مخالفة الإجماع المستقر بين علماء الأمة.
4) انعدام السند الصحيح لأي رواية شيعية تزعم الإباحة.
5) تعارضها مع الفطرة السليمة، إذ جعل الله لكل شيء موضعًا يناسبه، والخروج عنه فساد في الدين والطبيعة.
سابعًا: نصيحة للمسلمين
ينبغي للمسلمين أن يحذروا من الأحاديث الموضوعة التي تنتشر على ألسنة الرافضة وغيرهم، وأن لا يقبلوا حديثًا حتى يُراجع في كتب السنة المعتمدة كـ"الصحيحين"، و"السنن"، و"المسند"، وأن يرجعوا إلى العلماء الثقات.
فمن يتساهل في هذا الباب يقع في الكذب على رسول الله ﷺ، وقد قال النبي ﷺ:
«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (متفق عليه).
الخاتمة
يتبيّن من كل ما سبق أن دعوى الشيعة بجواز إتيان النساء في الأدبار باطلة شرعًا وعقلًا، وأن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة جاءت بتحريمه تحريمًا مغلظًا.
فالواجب على المسلم أن يتمسّك بما صحّ من سنّة النبي ﷺ، وأن يحذر من الفرق الضالّة التي تتلاعب بدين الله وتخالف إجماع الأمة.
والله المستعان على من افترى الكذب على رسوله وأهل بيته الطاهرين.
المصادر:
1) صحيح الجامع الصغير وزياداته – الإمام الألباني – ج2 ص1287 – ط المكتب الإسلامي.
2) مشكاة المصابيح – الخطيب التبريزي – حديث 3195.
3) آداب الزفاف – للألباني – ص30.
4) تفسير ابن كثير – تفسير قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾.
5) مجموع الفتاوى – ابن تيمية (ج32).
6) المنار في تخريج الأحاديث الموضوعة – ابن الجوزي.